رئيس التحرير
عصام كامل

الاستغلال


إنَّ الإنسان خليفَةُ الله فِى الأرض خلقهُ لِيُعَمِرها وهو أساس تعمير الكون يختلِف بِاختلاف الزمانِ والمكان إلا إذا تربَّى على قيم الإيمان الصحيح، بِما تحويه الكلِمَة مِن حقيقة علمية ثابتة يراها العاقِل ويُدرِكُها حسيًا ومعنويًا، ومِن ثَمَّ تجِدُ أثار هذا الإنسان بين تطبيقات العلوم، إن كان سويًا أو ما يُخَلِفُه مِن استغلال ودمار تجِد فيه شرود النهار واستبطاء شروقُ الأمل، وسُرعانُ ظهور الليل فِى مُعتَرك النهار.


تِلك الحياة يراها الواقِع إمَّا معركة بين حق وباطِل هُناك حق ينتَصِر وأخر يُهزم وباطِل ينتَصِر وأيضًا آخر يُهزم ولكِن القاعِدة واضِحة وثابتة إن الحق مهما كان فهو عالٍ لا يخفُق أبدا، فهو فقط قد يتأخر لكِن هو فِى الأفُق أبدا وذاك الباطِل المُتَفَشِى تراهُ ضئيلا في كُل حالاتِه لا تعترِف بِه السماء هو دومًا أرضًا في وضاعَة مُتَخَفِ.

ومما يهدِم المجتمع ما يُدعى الاستغلال فهو الهالِك المُهلِك لِصاحِبِه وأهلِه وما يحتويهِ مِن وَطن ولا شَك أنَّهُ يتهاوَى معهُ الكثير مِما لا ذنب لهُم، غير أنهُم ضعفاء لا حيلة لهُم إلا الأمن بِهِم يلوذون وتزيدُ الطامة إن كان المقدور مِن النِظام ضعيفا ومائلا بل ويحويهِ ذاك الأستغلالُ فِى نِظامِه وقتها لا تِجِدُ لا أرضًا ولا سماءً تستجيبُ حتى وأدِه ودفن مُتلازِماتِه حتَى تفيقَ الحياة.

ومِن المُحزِن أن تجِدُك كفرد مِن أفرادِ المًجتمع تُضطَر لِذاك النِظام فيُصيبَك مخاض ألمِه، وما يزيدُ الألم وَجَع أن تجِد ما بِمقدورِه الإعانة لك مكتوفَ الأيدِى فتجِدُك تضيع وتُضَيّع مَن تعول وتُربِط على قلبِك ويدِك حتَى تكفِى مؤنَتَك وحتَى تُقضَى مصلحتَك وكأنَّهُ قانون حتَى لا يطرأ عليهِ التغيير.

هل لو تساءلنا عن أسبابِ الفساد هل هو قلة الزاد أم ضعف القلوب واتباع اللذات، حيثُ إن الإنسان الذِى يُخطئ وبالذات فِى حق الغَير إن كان هذا سهوًا أو حتَى عمدًا لِظروف أجبرته وهو مشهود لهُ بغير ذاك سُرعان ما يسهل تعديل سلوكُه، أمَّا الذِى هو ذاتُه لا تنفَعُه موعِظة ولا تُجدِى لهُ فِكرة فهذا هو أصلُه يعشق استغلال الأوقات، ومِنها ينتُج كثيرا مِن الآفات فِى المنظومة فتطول فِى النهاية المكان الذِى يقطُنُه.

ومن الأسبابِ التِى تُساعِد على نمو الاستغلال هِى تِلك المنظومة التِى لا تعترف بِسرعة الإجراءات ولا دقتِها والبُطء فِى موارد الخِبرات واستغلال نفوذ بعضُهُم فِى استدراج دون كفاءة واتخاذ سبيل المُجاملات كطريق للمنظومة وبلا شك هذه عناصر تُقيد المُجتمع وتدفع إلى كثير مِن الأمراض المُجتمعية قد يكون أقلها هو ما هو حديثُنا عنهُ ألا وهو الاستغلال على سِعة نتائجُه مِن فساد النظام وضياع المجتمع وانتساب الدولة لِعدو صعب استئصالُه إلا بِالتكاتُف.
الجريدة الرسمية