رئيس التحرير
عصام كامل

في مصر.. الحق وجهة نظر


من ينادون ويطالبون الحكومات بالعدالة الاجتماعية وبالعيش والحرية هم أنفسهم يمارسون الظلم فيما بينهم، فالعدالة في مجتمعنا أصبحت وجهات نظر حينما تصبح الأمور في صالحنا فهى عدالة وإذا انقلب الأمر فهو ظلم.


نحن نمارس كل الظلمات ونأمل في النور ونرفض هذا النور بداخلنا ونأمل أن نصبح مثل الأمم المتقدمة ونعول فشلنا على حكامنا وحكومتنا والعيب فينا نحن...

فلعى سبيل المثال لا الحصر إذا ترك الأب لأبنائه بعد وفاته منزله فالطبع يقيم في المنزل من لم يتزوج بعد ومن ليس له دخل ولكن مع الأيام يقرر هذا الابن أن يتزوج في هذا المنزل وقد أصبح له دخل ثابت فمع الوقت يتصرف وكأن هذا المنزل أصبح ملكا خاصا له وحين يقرر الأبناء بيع هذا المنزل الذي هو في الأصل إرث لجميع الأبناء يطلب هذا الابن الأخير نصف قيمة المنزل، بالإضافة إلى ما يتقاسمه مع إخوته فيما تبقى من ثمن المنزل حسب الشرع وهذا لم ولن يحدث في أي بلد من بلدان العالم غير مصر، حتى أصبح هذا الظلم قانونًا عرفيًا جعل المستأجر يتحكم في المالك وصنع البغضاء والكراهية بين الأبناء لأننا اخترقنا قانون الطبيعة والشرع.

لا يحدث هذا إلا في مصر فعندما تتعاطف مع شخص فقير ثم تعطف عليه وتسمح له بأن يبيع الخضار على ناصية العمارة التي تسكن فيها وتقوم أنت بإقناع الجميع بأن هذا خير كلنا نتشارك في صنعه، فمع الأيام يتحول هذا الفقير المعدم إلى شخص ذي قوة وسلطان ويؤجر لغيره من الباعة الجائلين مكانًا بجواره ثم تتحول المنطقة الراقية إلى عشوائية من المستحيل هدمها وأصبح من يفترشون الشارع ملاكًا للطريق كله يمنعونك من ركن سيارتك ويمنعونك حتى السير في هذا الطريق.

وجعل اللص الذي أقام مشروعًا على أرض ملك لغيره سرقها ووضع يده الغاصبة عليها في غياب المالك الحقيقى بأنها ملك له بقانون سموه عرفيًا "قانون وضع اليد"..

فكيف لوطن يقنن السرقة والنصب والظلم وعدم تطبيق العدالة بين أفراده أن يطلب العدالة والحرية وهو قد تعود على تطبيق الظلم والعبودية.

ثم تأتى الكارثة لرجال الدين في الفضائيات فمنهم من بارك هذه النصب بحجة أنها أصبحت قانونا شعبيا مجمعا عليه عرفيًا.

وعجبت لشخص كان يعمل مقاولا في دولة عربية قد طُرد منها لأسباب ترجع للدولة نفسها يأتى هذا الشخص لمصر مطالبًا الحكومة في كل القنوات والجرائد أن تساعده في استرداد أمواله ويحاول أن يخلق مشكلة بين دولتين شقيقتين ولا أعرف من وراءه وأسأله ماذا أعطيت مصر خلال فترة عملك في الخارج لتطلب منها أن تقف بجوارك؟ ولماذا لم تلجأ للقضاء وقضايا فض المنازعات الدولية؟

حتى سلوكياتنا في شهر رمضان المعظم شهر البركة والبركات تحول من شهر للصوم بمفهومه الصحيح إلى شهر تتبارى فيه كل قنوات الطبخ وغيرها بتقديم أحلى وصفات الأطعمة وكأنه شهر للأكل، ويتبارى فيه المنتجون بإنتاج كم هائل من البرامج التافهة والمسلسلات التي لا هدف لها وغابت تمامًا المسلسلات الدينية والتي كنا نتعلم منها روح الدين الإسلامى السامية.

فنحن في احتياج حقيقى لتغيير سلوكيات خاطئة نمارسها يوميًا ونعانى منها جميعًا وتغيير القوانين وإلغاء كل المنظمات الحقوقية وجمعيات المجتمع المدنى التي ما أخذنا منها غير الضلال والكذب وتقديم صور مسيئة لصفوة المجتمع.

فلا ننظر إلى سوء الجهاز الإدارى في الدولة وسوء موظفي الدولة وكثرة قضايا الدولة وسوء المعاملة داخل أقسام الشرطة وسوء حالة الحجز داخلها وسوء كل شىء.. وكل هذا السوء يمكن له أن يتغير ليضاهى أكبر دول العالم لو تغير الشعب وتغيرت القوانين ليأخذ كل فرد حقه الفعلى.. ولا يصبح الحق وجهات نظر كما نعيشه الآن في مصر..  ولنا الله وفقنا لما فيه صالح مصر وشعبها.
الجريدة الرسمية