رئيس التحرير
عصام كامل

أموال السوريين في مصر


جلس أمامى بعد أن ألح في طلب اللقاء..لمحت في قسمات وجهه ألم الفراق والحسرة على وطن يضيع.. وشممت في ثيابه رائحة الدم، بالتأكيد يرغب في المساعدة أو فرصة عمل، أو التواصل مع المسئولين لتجديد إقامته في مصر، أو البحث معه عن وسيلة لجمع شتات عائلته، هكذا اعتقدت.. فماذا يريد مواطن سورى هرب من لهيب الحرب ليلوذ بمصر، لكنى سرعان ما شعرت بالضألة عندما تحدث، وبالعجز عندما تحدثت..المهندس محمد.. مقاول سورى حزم حقائبه وقصد بعد أن وارى الثرى أغلب أفراد عائلته..


أمه في حلب، وابنته الوحيدة في تركيا، وأمواله وزوجته وشقيقته في مصر..أمطرنى الرجل بتساولاته.. لماذا تستبعدونى ومعى آلاف السوريين من المساهمة في إعادة بناء اقتصاد مصر التي نشارككم حبها! لماذا لا تعطونا فرصة لتوفير العملة الصعبة ونحن قادرون على توفير الدولار خلال بضعة أيام؟ لماذا تتركوننا للروتين الذي حال بيننا وبين إنشاء مصانع نصدر منتجاتها إلى الخارج والعائد يصب في مصلحة الاقتصاد المصرى؟.

لماذا فطنت تركيا إلى أهمية الاستفادة من السوريين فأعطتهم المصانع ووفرت لهم الإقامة واستثمرت أموالهم فانتعش اقتصادها؟ ثم تحدث المهندس محمد عن معوقات الاستثمار في مصر التي دفعت آلاف السوريين إلى التوجه بأموالهم إلى تركيا، وساق العديد من النماذج، فهذا صديق له حول أكثر من مليار دولار إلى بنوك تركيا، بعد أن فشل في استثمارها داخل مصر، وهذا آخر شيد مصنعا في إحدى المدن الجديدة وأنفق عليه الملايين ثم تركه، لأنه عانى بسبب تجديد الرخصة كل ثلاثة شهور، لم يتحدث المواطن السورى الذي اتخذ من مصر قبلة لاستثماراته عن أوجاعه الشخصية وفشله في استقدام ابنته الوحيدة من تركيا وأمه من حلب إلا في ثنايا كلامه، لملمت أطرافى في جنباتى وتضاءل جسدى أمام تساؤلاته، ثم انصرفت لأنى عجزت عن الرد لتطاردنى تساؤلات أخرى..

لماذا نتعامل مع السوريين في مصر على أنهم محنة ينتظرون غرفة تأويهم لا منحة تنعش اقتصادنا كما فعلت تركيا التي لم تستثمر أموالهم فقط... بل تاجرت بأوجاعهم وهددت بها أوروبا وكان المقابل مليارات الدولارات؟ لماذا تستهين بعقول حققت نجاحات في سوريا، وفى مصر أيضا والدليل.. طوابير المصريين التي نراها أمام مطاعم يعملون بها..افسحوا المجال للسوريين في مصر واحموهم من الروتين واجعلوهم منحة لا محنة حتى لا يهربوا بأموالهم إلى تركيا..
Basher_hassan1@yahoo.com
الجريدة الرسمية