رئيس التحرير
عصام كامل

تعديل سلوك الشعوب ودور المجتمع المدني


عندما نتأمل تصريحات مسئولي الدولة نحو إدراكهم بوجود خلل في النمط الاستهلاكي وضعف الإنتاج للشعب المصري مما نتج عنه أزمة في سعر العملة المحلية أمام الدولار، أيضا تدهور القيم المجتمعية الشرقية وأهمها ثقافة التطرف إلى مشكلات الثقافة الصحية.. نجد أننا في حاجة ماسة لتعديل سلوكنا ومواجهة التحديات بموضوعية وجرأة.


استطاع العلم تحقيق خطوات ما بين نظريات تغيير السلوك من نظريات الفعل المعقول إلى السلوك المخطط ونظريات الإدراك الاجتماعي ونموذج transtheoretical وهناك نظريات مثل الكفاءة الذاتية إلى نظريات التعلم ونظريات الإدراك الاجتماعي ونجد أن هذه النظريات نجحت في تعديل السلوك الاجرامي وتقويمه ( وهو الأصعب) إلى قدرتها على تحقيق إنجازات حقيقية في مجال التعليم والصحة اللذين يصوغان حياة المواطن ثم المجتمع.

وقد يعقب أصحاب الفكر الانهزامي أننا لن نتغير ولكن يجب ألا ننسي أنه في الماضي القريب وبعد الهزيمة المعنوية سنة ٦٧ استطاع المصري تحقيق أعظم نصر تاريخي واستطاعت الروح المعنوية والإصرار المجتمعي في مواجهة المستحيل إبان حرب أكتوبر المجيدة لتهزم الأسطورة الدفاعية خط بارليف بل أن المعجزة المصرية تحققت بالإصرار والتفاني وباستخدام الإبداع المصري في تكتيك المعركة والجهد والعرق بعد صدمة مجتمعية مزقت وجدان المصريين في ٦٧.. ولن ننسي أن السادات أقر في مذكراته أن تصفية ثغرة الدفرسوار كان سيدمر ٤٠٠ دبابة إسرائيلة ولكنه تراجع... مما جعل من الغرب يدرك القدرات المصرية المخيفة وبالطبع كان هناك من الخطط والإغراءات فيما بعد لتطويق هذه القدرات من تهديد الغرب على المدي الطويل.

مرة أخرى يهبنا القدر فرصة للتلامس مع إصرار الشعب في تحدي الواقع إبان ثورة ٣٠ يونيو ونشاهد ارتفاع الروح المعنوية الوطنية وليقودها مرة أخرى الجيش المصري ويتمم إرادة الشعب في إزاحة الجماعة الإرهابية عن الحكم نحو تحقيق الحرية من براثن الفاشية الدينية لنتعلم من هذه اللحظات قدرة الروح المعنوية للجماهير على تحدي القوى الدولية في طريق الأمل والانتماء لأرض هذا الوطن.

ونعود لنري احتفال وفرحة المصريين باحتفالية قناة السويس والأمل المرسوم على وجوه الأطفال وهنا نجد دور المشروعات القومية يظهر في تحفيز الجماهير وتغيير سلوك الشعوب من خلال الأمل لتكون الحافز في مواجهة قوي الظلام والإرهاب.

ولكن كيف؟...

بالأمل في المستقبل وتحفيز الإرادة المجتمعية وترسيخ قيم العدل نستطيع خلق الروح الانتماء الوطنية لبناء الوطن ومواجهة تحديات هدم الدولة وعلي الجانب الاخر فان ثقافة التطرف تحيا على زرع ثقافة اليأس وإحساس الاضطهاد لذا فهناك من يعمل على بثها بسوء نية في صفوف الشباب.

المسئولية تقع على عاتق المجتمع المدني من خلال بناء قوي مجتمعية محركة نستطيع تغيير الثقافة والسلوك من خلال نشر الوعي والتحفيز قبل عصا القانون، ومن خلال حوار مجتمعي حقيقي وتلامس مع الشعب من خلال تفعيل لنشاط المجتمع المدني على أرض الواقع بخطط ممنهجة.

وعلي سبيل المثال أن بناء مسئولية المواطن نحو أمن الوطن وشعوره بأنه الشريك الأول وصاحب المصلحة في استقرار النظام أهم وأكثر تأثيرا من بناء المنظومة الأمنية ذاتها بل والأهم إرساء علاقة قائمة على الثقة والدعم نحو استقرار النظام من أجل مستقبل أفضل وإذا تحقق ذلك سيوفر طريقا طويلا في مسار بناء الدولة إلى بناء الانتماء في مناهج التعليم وتطوير الثقافة الصحية وتعديل السلوك المتطرف وجذوره.

نمتلك من الشباب أصحاب المصلحة في مستقبل هذا الوطن على المدي البعيد من يستطيع أن يشكل قوي مجتمعية نحو تغيير السلوك المجتمعي وتقاس قدرة المجتمعات بثقافة الفرد وقيمه وانتمائه كما يعد التغيير الموجه لصالح الوطن ضرورة حتمية وليس خطرا كما يصوره الرجعيون في عصر سيطرت عليه التكنولوجيا والعلوم..

 لذا نحن بحاجة لتقويم السلوك المجتمعي العلمي بأيدي علماء مصر وشبابها وبالاعتماد على تجاربنا التاريخية في كسر الثوابت وتحدي الصعاب ببناء الروح المعنوية للشعب المصري في أصعب معاركه ألا وهي تعديل السلوك وهذا هو التحدي الأكبر لمعركة بقاء الدولة المصرية خلال العقد المقبل.

نعم هناك أمل نحو تغيير حقيقي ولكن من خلال تغيير أفكارنا وسلوكنا أولا.
وللحديث بقية...
الجريدة الرسمية