رئيس التحرير
عصام كامل

نهاجر نحو الموت ونموت من أجل الحياة


أود في بداية هذه المقالة أن أتوجه بالشكر أولًا لقناة مصر الزراعية على تطورها وتنوع برامجها الهادفة، وارتفاع نسب مشاهدينها باختلاف ثقافاتهم، وأخص بالذكر والشكر الأستاذ محمد صلاح مدير البرامج بالقناة على مجهوده الرائع في خلق هذه الروح الإبداعية للباقة المتنوعة من البرامج ولكل من يعمل في هذه القناة من مذيعين ومعدين ومديري تحرير وفنيين، وهذا لأننى ومن على نفس منبر بوابة فيتو منذ سنتين تقريبًا وبالتحديد يوم 15 مايو 2014 كتبت مقالة بعنوان قناة مصر الزراعية معاتبًا إياها وبأسلوب شديد اللهجة واليوم وبعد هذه المدة والتي لاحظت بها عن كثب التطورات والتجديدات والتي تحدث بها يوميًا كان واجبًا على أن أشيد بهذه الإنجازات وما كان عتابى كرهًا ولكنه كعتاب أم لابنها فهى قناة تابعة لوزارة الزراعة والتي أفتخر بأننى أحد أبنائها.


فكنت أمس ضيفا في برنامج الحصاد في حلقة تتحدث عن معجزات هجرة الأسماك وتحدثت عن عجائب هجرة أسماك السلمون والتي تهاجر من المحيطات المالحة، والتي تعبر آلاف الكيلومترات سابحة عكس تيارات شلالات المياه إلى أنهار المياه العذبة لتضع بيضها ثم تموت من شدة الإرهاق والتعب فهى خلال هذه المدة الشاقة تكون صائمة لا تأكل.. وتكلمت عن كيفة اختيار الأنثى لذكرها الذي خصته بتلقيح بيضها التي وضعته في حفرة حفرتها بنفسها لحماية البيض وكيف لو أتينا بذكر آخر ليلقح هذا البيض فوجد العلماء أن الأنثى تأكل هذا البيض فهى وبالفطرة لا تريد ذرية إلا من الشخص الذي أختارته بنفسها فالأنثى في كل الكائنات الحية على وجه الأرض هي التي تختار ذكرها فالذكر يتقدم فقط والأنثى هي التي تختار وتكلمت عن عجائب بعد فقس البيض وخروج الأسماك الصغيرة والتي تتغذى في النهر ثم تعود بدون آبائها في الاتجاه المعاكس.. ولكن هذه المرة مع اتجاه تيار المياه عائدة إلى موطن آبائها الذين ماتوا وهم مازالوا في مرحلة البيضة.. فصغار أسماك السلمون تعتمد على حاسة الرائحة وهى رائحة رحلة أبائهم من المحيط إلى النهر وأسقطُ هذه المعجزة الإلهية على سلوكياتنا نحن البشر فما خُلقت هذه الكائنات على وجه البسيطة إلا لتعلمنا وترشدنا بأن الله موجود وأرزاقنا مقدرة فما علينا إلا السعى.

نعم فهى هجرة نحو الموت فكلنا نهاجر من أجل الموت، نهاجر بحثا عن الأرزاق المقدرة لنا سلفًا وعندما نحقق ما نصبو إليه ونأخذ نصيبنا من الدنيا وتنتهى أرزاقنا نموت فطموحاتنا وصراعاتنا تنحر في أعمارنا وكل كائنات الدنيا تقترب من الموت وهى تصنع الحياة فكأننا نهاجر من أجل الموت ونموت من أجل الحياة حياتنا نحن ونصنع حياة جديدة لمن يأتى بعدنا فالهجرة سنة حياة نحن من أوقفها فهى عريزة حياتية في كل الكائنات وهكذا تعلمنا من دراستنا لعلم الحياة (البيولوجيى ) فنحن نموت من أجل أن نحيا ونحيا من أجل أن نموت.

ونهيت لقائى هذا بأننا جيل تعلم من التليفزيون المصرى من خلال برامج العلم والإيمان للدكتور مصطفى محمود وعالم البحار للدكتور حامد جوهر، وغيرها من البرامج التي كانت تبسط لنا علم الحياة، فكنا جيلا مثقفا بطبعه يحترم العلماء ويمارس التعاليم السمحة للأديان، وأشرت أن هناك ملحدين لا يؤمنون بالله ولكنهم تعلموا من الطبيعة وكائناتها سلوكيات يحث عليها الإسلام وهم ليسوا بمسلمين ونحن نسمع يوميًا عن المعاملات الإسلامية ونمارس عكسها.

فقد حان الوقت لكى نبنى الوطن وأن ننمى في النشء الاحتياج إلى مشاهدة تلك البرامج ولكن بشرط أن تقدم إليهم بأسلوب يتناسب مع التطور الفكرى الطبيعى لهم.
وعلى الله فليتوكل المؤمنون...
الجريدة الرسمية