يوسف إدريس يكتب: مزاج الفنان

 في مجلة «المجلة» عام 1990 كتب الدكتور يوسف إدريس مقالًا يقول فيه: أعتقد أن الإلهام هو التعبير المثالي لمزاج الفنان النفسي أو الحالة المزاجية الكتابية وبالنسبة لي هو حالة الشوق الحار المندفع الذي لا يقاوم، ويمكن أن تسميها الشوق إلى الكتابة أو الحب أو الاتحاد.

 تجعلني هذه الحالة أحس بأني أحب العالم كله حتى أعدائي، وأحب الكتابة حتى أطراف العالم، وهذه الحالة وهذا الإلهام ليس له قانون معين معي، لكنها مرتبطة على نحو ما بإقبالي على الحياة أو إدباري عنها، ولأن الكتابة حالة مزاجية فأنا لا أعرف الكتابة وأنا جوعان أو عطشان أو حران.

 لم يحدث أن بدأت كتابة قصة وأنا أعرف كيف ستنتهي، خاصة أن الشيء الغريب أو السخيف بالنسبة لي أن الكتابة لم تكن بالنسبة لي مهنة أبدًا، ولعمري ما بدأت كتابة قصة وفكرتها الكاملة في رأسي.

 وقد تثير الفكرة ظروف نفسية معينة مكالمة من صديق، حادث عابر، كلمة حلوة من شخص، سطر مكتوب فيه اسمي، هنا يكتسب الموضوع خطورة في داخلي فأجلس للكتابة وأنا في أحسن حالات الإبداع.

 ولي عادات معينة في الكتابة أفكر طويلًا قبل الكتابة، فأحيانًا أكتب المسودة مرة واحدة، فهناك قصة «نظرة» كتبتها في عشر دقائق، وهناك قصص أقصر منها كتبتها أكثر من عشرين مرة، وعادة أكتب بعد منتصف الليل وأكون مرتديًا البيجاما مستمعًا إلى قطعة موسيقية بعينها، وأكتب على ورق الصحف الأسود الكبير، وأحتسي القهوة خلال الكتابة مع ضرورة وجود السجائر بجانبي بكمية كبيرة.