رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

5 أشكال للحركة على خشبة المسرح

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

إن الحركة على خشبة المسرح لا تتوقف بمعناها المادي والمعنوي لأن “حركة الممثل تبقى مستمرة خلال العرض ما دامت هناك قوة دافعة، ونعني بها الفعل الذي يبقي الممثل في حالة معايشة أو تمثيل في الأثر، فلا يمكن للمثل أن يعود إلى ما كان عليه قبل بدء التمثيل، والقوة الدافعة هنا تتناسب مع الرغبة والفعل، مع مكانة الشخصية وأفعالها وحضورها، وهذا ينطبق تمامًا على ما يسمى بـ(مسرح المايم)، إذ اعتمدها على الحركة بشكل واسع.


وهناك علماء آخرون تناولوا نفس المواضيع باجتهادات مغايرة وكلها كانت تصب في مجرى تناولهم للشخصية، ومن هذا المنطلق استفاد أقطاب المسرح من تلك التحليلات مؤلفين ومخرجين وتقنيين معتمدين على أن الفعل المسرحي يمتاز بالحركة سواء أكانت هذه الحركة انتقالية، ينتقل بها الجسم من مكان إلى آخر أو موضعية وأطلق عليها اصطلاح (الإيماءة.

فقد يحتاج الممثل أحيانًا للثبات أو السكون، غير أن هذا الثبات أو السكون حتى وان كانا موضعيان يحتاجان إلى إيماءة أو إشارة أو حركة تدل على معناها لأن الأفعال بطبيعتها تحتاج اتصالًا مباشرًا أو غير مباشر بين الشخوص الذين يكونون في قلب الحدث. ويشمل هذا جميع المسرحيات ذات الشخصية الواحدة (المونودراما) فلابد أن تكون لهذه الشخصية عدة علاقات ذات بنية محددة تشمل علاقته مع ذاته أو مع من حوله أو مع المتلقي. وفي كل تلك الحالات تكون الحركة هي الخط الفاصل لتوضيح تلك المعاني

وتشكلت بنية الحركة عبر العصور المسرحية وتحددت ملامحها وفق المؤثرات التي أثرت في بنية البيئة سواء كانت طبيعية أو اجتماعية أو نفسية، أو ما تخللها ويتخللها من تغيرات اقتصادية أو سياسية فضلًا عن التأثيرات الميثيولوجية، ومجمل تلك المؤثرات أنتجت اشكالًا حركية ذات محمولات دلالية وظفت في عملية الإخراج المسرحي وتمحورت في 5 اشكال للحركة المسرحية...

1. الحركة المستقيمة:
تسعى الحركة المستقيمة لتحقيق أهدافها المرسومة، على أساس ما سبقها من حدث وصراع إذ لا يمكن استخدامها في أي موقف كان بل “يحتفظ بهذا النوع من الحركة للمواقف المهمة”

كما أن توظيفها على خشبة المسرح من قبل المخرج لا يكاد يخلو من خطورة فهي تسعى بالممثل لأن يقطع المساحة الكاملة على الخشبة من أسفل اليمين إلى أسفل اليسار أو من أسفل المسرح إلى أعلى المسرح، أو العكس، وتكاد تكون قليلة جدًا لشذوذها عن القاعدة لأن الممثل من وجهة نظر المخرج كائن منظور يجب أن تصل جميع حركاته وسكناته بشكل واضح ودقيق إلى المتلقي وخاصة في المسرحيات الكلاسيكية والواقعية والطبيعية، إذ تصبح الحاجة لهذه الحركات “عندما تكون الدوافع قوية ومبسطة”، إضافة إلى انها قد تكون “مباشرة وقد تكون ثقيلة أو خفيفة وقد تكون سريعة أو بطيئة وتعبر الحركة المستقيمة عن الحزم والمباشرة والاستقامة والصدق وعن الضغط والصرامة ودوافعها قوية وبسيطة” (28). ومثال ذلك مشاهد الذروة في العروض المسرحية ومشاهد المواجهة بين الشخوص كما هو الحال في مواجهة (كريون) (لآنتيغونا) في مسرحية (انتيغونا) لـ(سوفوكليس) والعكس صحيح. إضافة إلى لحظة مواجهة (ترسياس) لـ(اوديب) في مسرحية (أوديب ملكًا) لـ(سوفوكليس) والعكس صحيح

2. الحركة الدائرية:
تتباين الحركات الدائرية وفق ضرورات الميزانسين الذي يخطط له المخرج مدعومًا بتشكيل حركي يصور اشتباك العلاقات من خلال الصراع الكامن في شخوص العرض أو لضخ حركات ذات محمول دلالي يعبر عن دوافع الشخصية ضمن فضاءات متداخلة. وهذا ما نراه واضحًا في أغلب مسرحيات بريخت، مثال ذلك، المشهد الذي يدور بين (غاليلو) و(أندريا) في مسرحية (غاليلو غاليليه) أو في مسرحيات اللامعقول

3. الحركة الموضعية:
تُعدّ الحركة الموضعية واحدة من بين أهم الحركات التي يستخدمها المخرج بشكل خاص للتعبير عن معنى ما دون اللجوء إلى الحوار، أي عملية محاكاة الفعل لتقديمه في صورة ممتلئة بالانسجام حينما تظهر على الخشبة، و”هي الحجر الوحيد في فسيفساء التمثيل اللالفظي الذي يقدمه الممثل للجمهور”

إذ أن “حركات الممثلين تطلعنا كثيرًا أو قليلًا على المسرحية التي تمثل حسب طبيعة هذه المسرحية، تطلعنا تقريبًا على كل شيء إن كان الأمر متعلق بفن الإيماء”.

إذ يطلق على هذه الحركة اصطلاح (الإيماءة) وهي “حركة موضعية لها دلالات ومعاني متحركة، فحركة صغيرة بالأصابع قد تؤدي معنى معين يغني عن الكلام وحركة صغيرة من الرأس والكتف قد يكون لها دورها في توضيح الكثير من المقاصد والتعبير عن المشاعر”

فعملية تشكل الحركة ترتبط دلاليًا بعملية تشكيل حركة الشخصية من خلال الاقتصاد في استخدام تلك الإيماءات وعدم الإكثار منها لألى تؤدي إلى تشويه صورة الفعل، وغالبًا ما تكثر هذه الإيماءات في عروض (المايم)، فضلًا عن أن العروض التي تحتوي الحوار هي أيضًا تزخر بكم كبير من الإيماءات ذات الدلالات التعبيرية المرتبطة بالحركة الموضعية المتموضعة داخل العرض المسرحي

4. الحركات المنحنية:
وهي ناتجة عن ردود أفعال الشخصيات بعضها اتجاه البعض الآخر إذ “يعتاد الناس على السير في خط منحني إلا إذا كانت هناك دوافع قوية تدفعهم للسير في خط مستقيم. وغالبًا ما يسير الشخص في خط منحني إذا ارتبط بعلاقات متعددة كحركات (هملت) قبل أن يصمم على الانتقام لأبيه فأنها حركات منحنية”.

لأن شكل الحركة المنحنية مبني على أساس التناقض الوارد بين الشخصية وبين حالتها النفسية، وهذه الحركات ليست مقننة وفق مفهوم الثبات والحركة، بل انها تأتي متوافقة مع دوران عجلة العلاقات وانصهارها على طول زمن العرض المسرحي، إذ أن بناءيتها تعتمد على أساس الاختلافات والتناقضات، على عكس ما يرِد في المسرحيات الواقعية التي يكون فيها الحوار والحركة في توافق مستمر، لكن حينما يكون هناك خلل ما في الشخصية أو تعاني من صراع داخلي أو خارجي فتظهر تلك التناقضات في الحال. إذ تكون الحركة المنحنية “غير مباشرة وقد تكون ثقيلة أو ضعيفة وقد تكون سريعة أو بطيئة وتعبّر الحركة المنحنية عن الخداع والالتواء والمخاتلة وعدم المباشرة وعدم الوضوح ودوافعها قوية وغير بسيطة” (33). ومثال ذلك جميع حركات (ياغو) في مسرحية (عطيل) لـ(شكسبير) وشخصية (أدموند) في (الملك لير) و(ريتشارد الثالث) في مسرحية (ريتشارد الثالث) لـ(شكسبير) و(شايلوك) في (تاجر البندقية

5. الحركات المتعرجة:
تُعبرّ الحركات المتعرجة عن صدمة ما، أو تخبط ما، أو السير بشكل غير سوي، لهدف ما، فـ”أما أن تجذب العلاقات الشخص نحو الشيء أو تبعده عنه فإذا اجتمعت العلاقتان معًا في وقت واحد فأن الشخص يدور حول الشيء وهو لا يدري أيقدم أم يحجم” (34). إذ أن استخدام الحركات المتعرجة لها خصوصياتها النابعة من الشخصية وتنتظم في جماليات دلالاتها التي يوظفها المخرج حسب ضرورات العرض. لأن الحركة المتعرجة “غير مباشرة وقد تكون ضعيفة أو ثقيلة. وقد تكون سريعة أو بطيئة وتُعبرّ الحركة المتعرجة عن عدم المباشرة وعن التردد وعن الغموض وعدم الصراحة والمراوغة ودوافعها قوية ومعقدة” (35). ومثال ذلك عندما يقدم هاملت على عملية الانتقام لأبيه
Advertisements
الجريدة الرسمية