رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

فقه العهر في حادثة أبوقرقاص المنيا


مصرية عجوز وأخرى شابة.. الاثنتان تم تعريتهما وسحلهما. الأولى بتهمة مسيحية، والثانية بتهمة (إيه اللى وداها الميدان)، الأولى على يد أبناء قريتها من المسلمين، والثانية كانت على يد حراسها (برضه من المسلمين الوطنيين) !


لا أُلمح إلى شيء يعكر صفو السادة والنبلاء والأشراف، لكن هي مقارنة للوقوف على مدى ما وصل له النفاق المجتمعي والسلطوي في بلد كُتب عليه منذ الأزل "ادخلوها آمنين".. آمنين؟!

الفارق الزمني في حادثة التعري بين عجوز المنيا في 2016، وشابة الميدان في 2012، تقريبا من عمر عبارة "عيش حرية عدالة اجتماعية!" ربما العبارة كانت قصيرة، ولم تصل قلوب الجماهير كما وصلت عبارات الحشو التراثي المحرض على تكفير وتخوين الآخر دينيا ووطنيا. أو ربما العبارة لم تلقَ قبولا أمام عرش الاستبداد الديني والسياسي، فتم مسحها من ذهنية الجماهير، لتعود إلى ضلالها القديم والخضوع إلى منطق السادة والعبيد والأغلبية والأقلية، ومن غلب حكم!

بين العجوز والشابة سنون طويلة من حكمة عمر مصر، وشبابها وحيويته. فلا شفعت الحكمة ولا الحيوية، فالعري سواء جمع بين جسد ضامر بفقر فكر وقلب مصر في الجنوب، وبين جسد ناهد بصخب حرية مصر في ميدانها. وما بين الميدان والجنوب علامات وثيقة الصلة في تعمد التعتيم عليهما بقعدة عرفي مع ضجيج إعلام"المناحة واللطم"، ثم الخرس وإبقاء الحال متوترا تحت طين السلطة.

تكمن أزمة السلطة في طريقة معالجتها الكسلى بمن نكس التراب ووضعه تحت السجادة (!). أو كمن يظهر في جدار بيته شق فلا يجد أمامه إلا تليس الشق بــ "جلوص طين، فتكثر الشقوق وينهدل الجدار فوق رأس السلطة كما تهدل فوق رأس السادات ومبارك.

السلطة الحالية، تنهج نفس مسار الطبطبة ومسح الجوخ، في اتباع فقه العهر (سواء دينيا أو قانونيا أو دستوريا أو عرفيا) أمام حوادث الفتنة الشعبية المجتمعية.

والنتيجة، سلطة مجتمعية تستعرض عضلات وهمية على شريكها الأضعف ونشر الحماقة في غلاف التدين والسماحة والوطنية على أنه لُب الدين وحنكة السياسة، ثم تأكل الديدان بعضها في قعر برلمان الدولة.!

وعلى صعيد متصل بالحسرة وإحساس ضآلة المصري في مصريته، خرجت السيدة العجوز تعتذر وتشكر سيادة البابا وسيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي على المجهود....

الوَيل الوَيل، منك يا قهر مغروس في عيونك يا ست "سعاد ثابت عبد الله"، هل وعيتم دلالة اسمها.. هل تحققتم من قهر العيون المصرية حين شاهدتموها تتحدث في رسالتها المرئية إليكم.. وهل رأيتم فيها أمهاتكم أو صورة جدتكم محتشمة متلفحة بسواد طمي النيل المصري.. كيف ارتاحت ضمائركم...

الغوغاء الذين جردوها من ملابسها تساووا في تعاليم فقه العهر مع السادة المسئولين، من عينة القائل "النفوس صفيت.. موتوا بغيظكم"، نعم النفوس صفيت بالقهر والجبر والإملاء بعبارات الشكر والإشادة بالمجهود والتسامح!

لك يا مصر السلامة، جملة كثيرا ما نكررها بشكل تلقائي، وطالما قرأتها في أغلب الكتب التراثية، وكم مرة رددتها في أناشيد الوطن الحماسية.. أما على صعيد الواقع فلم أشعر إلا بالعنف والخراب والحرائق، ولم أر إلا ذمما فاسدة وهمجا ورعاعا. يرتعون تحت مظلة قانون السلطة المستعفية بغشوميتها.

وعلى الأرض يتلحف المستبدون بـ "العدل أساس الملك"، جملة براقة وغريبة عاصية على الفهم من نوعية إنكار ماهو معلوم من الدين بالضرورة، بمعنى أي تنويمات مسكنات في جرعة أمل وصبر مع الخوف من الاعتراض...

وفي الأزمان الغابرة، قيل لماذا يفسد المجتمع، فقالوا لفساد سلطته. وقيل لماذا تقام الثورة، فقالوا لغياب العدل!
وأقول دائما، مصر لكِ السلامة من فقه العهر. وانتظروا الثورة حتى لو بعد حين..!
Advertisements
الجريدة الرسمية