رئيس التحرير
عصام كامل

نشاط مكثف لشيخ الأزهر بباريس «تقرير»

فيتو

 شهدت جولة الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب بفرنسا، التي بدأها مطلع الأسبوع المنصرم، نشاطًا مكثفًا بالعاصمة الفرنسية باريس، استهلها بتوجيه كلمة للشعوب الأوروبية.


 وطالب الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، خلال كلمته، المسلمين في أوروبا بأن يعوا جيدًا أنهم مواطنون أصلاء في مجتمعاتهم، وأن المواطنة الكاملة لا تتناقض أبدًا مع الاندماج الذي يحافظ على الهوية الدينية.

 وأكد الإمام الأكبر أنه ينبغي أن تكون نظرتنا الجديدة للغرب موضوعية مبنية على مبدأ التأثير والتأثر، مشيرًا إلى أنه لم يعد أي من الشرق والغرب اليوم بمعزل عن الآخر، فكلاهما يؤثر في الآخر ويتأثر به.

 وأشار شيخ الأزهر، إلى أن العولمة مثلت مرحلة جديدة على طريق الصراع العالمي، ولابد من استبدال "العالمية" بها، لافتًا إلى أنها أدت إلى تدمير هوية الشعوب وخصاصها التي خلقها الله عليها.

 وأكد شيخ الأزهر أن العدل والمساواة والأخوة بين البشر هي حدود كونية لله على هذه الأرض، كاشفًا أن "العالمية" تفرض علينا أن نعيد نظرتنا في فهمنا للغرب لتوظيف المشترك الإنساني.

 وأضاف "الطيب" أنه يجب على جميع صانعي القرار والمؤثرين فيه تحمل مسئولياتهم لصد الإرهاب العالمي، ومحاولات تهويد القدس، مشددًا على أن حل القضية الفلسطينية يمثل مفتاح المشكلات الكبرى التي تعيق التقاء الشرق بالغرب وتباعد ما بين الشعوب وتؤجج صراع الحضارات.

 والتقى الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بقصر الإليزيه بالعاصمة الفرنسية باريس.

 وأوضح الإمام الأكبر أن العلاقات بين مصر وفرنسا قديمة ومتنوعة، موضحًا أن الأزهر الشريف يقدر مواقف باريس في دعم القضية الفلسطينية، ومواقف الرئيس الفرنسي في التفرقة دائمًا بين الإسلام بصفته دين سلام وبين الإرهاب.

 وشدد "الطيب" على عصمة الدماء في الإسلام سواء بالنسبة للمسلمين أو غيرهم، مؤكدًا أن التصدي للإرهاب هو واجب الجميع، وأن الأزهر الشريف مستعد لمساعدة فرنسا في كل ما يمكنها من التصدي للإرهاب، معربًا عن تقديره للدور الفرنسي في مواجهة الإرهاب.

 ولفت الإمام الأكبر إلى أن محاربة الفكر المتطرف تحتاج إلى نظرة شاملة يتعاون فيها الجميع، مع ضرورة إدراك أهمية إعطاء مساحة أكبر من الاهتمام لفئة الشباب وبذل المزيد من الجهد لتوعيتهم بمخاطر التطرف والإرهاب.

 من جانبه، رحب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بالإمام الأكبر، معربًا عن تقديره وأعضاء حكومته للجهود التي يبذلها الإمام في محاربة الإرهاب ونشر الوسطية والتسامح والسلام، مضيفًا: "نحن ندرك جيدًا عراقة الأزهر الشريف، ونقدر الإرادة القوية التي تتمتع بها هذه المؤسسة من أجل نشر صحيح الدين".

 وأعرب "هولاند" عن شكره وامتنانه والشعب الفرنسي للزيارة التي قام بها الإمام الأكبر إلى مسرح الباتاكلان بالعاصمة الفرنسية باريس والذي تعرض لهجوم إرهابي في شهر نوفمبر الماضي وأسفر عن سقوط عدد من الضحايا، مؤكدًا أن هذا الموقف الإنساني الكبير يعبر عن جرأة وإصرار على مواجهة التطرف والإرهاب.

 وزار شيخ الأزهر، مسرح الباتاكلان بالعاصمة الفرنسية باريس، والذي شهد أحد العمليات الإرهابية التي وقعت في شهر نوفمبر الماضي وراح ضحيتها عشرات الأشخاص.

 وأكد الإمام الأكبر، خلال الزيارة، أن الإسلام يرفض كل أشكال العنف والإرهاب، معربًا عن تضامن الأزهر الشريف مع ضحايا الإرهاب في جميع أنحاء العالم، وأن دماء البشر جميعًا معصومة ومحرمة.

 وقال "الطيب" إن العلاقة بين الناس التي أمر الله بها هي علاقة السلام والتآخي والتعاون، مؤكدًا أن الإرهاب لا وطن ولا دين له.

 وأضاف الإمام الأكبر: "إنني والمسلمين جميعًا تألمنا ألمًا شديدًا لكل قطرة دم تسفك هنا، وفي أي مكان في العالم، بسبب هذا الوباء الخبيث"، مضيفًا أنه علينا جميعًا، شرقًا وغربًا أن نتكاتف من أجل محاربته.

 وتابع: "لقد تألمت لهؤلاء الضحايا ولأهليهم ولأحبائهم"، موضحًا أن الأمل كبير في أن يتجاوز الشعب الفرنسي الحر المسالم المتفتح للحياة هذه المأساة.

 والتف العشرات من الفرنسيين والمصريين حول الإمام الأكبر عقب هذه الزيارة، مؤكدين حبهم وتقديرهم للأزهر الشريف ورسالته الوسطية التي تنبذ العنف والإرهاب، وأعرب عدد من المسئولين أن هذه الزيارة من شأنها التخفيف من آلام من فقدوا ذويهم خلال هذا الحادث الإرهابي الأثيم.

 ودعا الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ورئيس مجلس حكماء المسلمين، سفراء الدول الغربية والإسلامية في فرنسا إلى تنسيق الجهود والعمل بشكل جدي على تصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام في الغرب.

 وقال "الطيب" خلال لقائه عددًا من السفراء في مقر إقامته بالعاصمة الفرنسية باريس: "أنتم جميعا مسئولون عن تقديم الصورة الحقيقية للإسلام، ولن يكون ذلك إلا بوضع خطة مدروسة وفق أسس علمية لمواجهة ما يروجه الإعلام الغربي من مغالطات عن الإسلام والمسلمين".

 وأضاف: "عليكم جميعًا بتوحيد الجهود، وألا يكون التركيز على العمل الدبلوماسي فقط، فجميعنا مسئولون عن ذلك"، متابعًا: "أننا أمام تحدٍّ قاتل لا يستثني أحدًا، ويمكنكم فعل شيء إيجابي لو اتحدتم".

 ودعا "الطيب" سفراء الدول العربية والإسلامية إلى أن يكونوا على تواصل أيضًا مع المساجد والأئمة والتدخل في الوقت المناسب لتصحيح المفاهيم ومواجهة الفكر المتطرف.
الجريدة الرسمية