رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

حيتان القمح والأرز واللحمة: بلاها عيش ياكلوا فراولة!

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

أثرياء الأزمات وقراصنة أموال الغلابة، لا يخجلون من وضع إطار شرعى لاحتكارهم، حتى وإن كانت تجارتهم في الحبوب واللحوم والدواجن على حساب بسطاء القوم وفى كثير من الأحيان بمساعدات من مسئولين ضاربين بقواعد وقوانين حماية المستهلك والمنافسة عرض الحائط.


«القمح» يمثل السلعة الاستراتيجية الأولى في مصر، خصوصًا مع توجيهه لإنتاج الخبز المدعم، وظل تحت حصار أصحاب المصالح داخليًا وخارجيًا لتظل مافيا الاستيراد تتمتع بالدعم غير المحدود المخصص سنويًا من موازنة الدولة له، في ظل اعتماد الخبز المدعم على 55% من المستورد، وتبلغ معدلات الاستهلاك 15 مليون طن سنويًا يستورد منها القطاع الخاص 5 ملايين.

وفقًا لبيانات وزارة التموين والتجارة الداخلية استهلك المصريون 10 ملايين و200 ألف طن من القمح، خلال العام 2013 – 2014، وبلغ سعر الطن في المتوسط 300 دولار، في حين بلغ الاستهلاك في العام التالى 8 ملايين و300 ألف طن منها 4 ملايين و600 ألف طن مستورد و3 ملايين و700 ألف طن محلي، وبلغ سعر الطن في المتوسط 265 دولارا ليتم توفير مليون و900 ألف طن من القمح بعد تطبيق منظومة الخبز الجديدة.

وقالت مصادر لـ«فيتو» إنه منذ عهد وزير الزراعة الأسبق الدكتور يوسف والى وزراعة القمح المحلى تتعرض لمؤامرة دفعت القائمين على السياسة الزراعية إلى التوسع في زراعة الفراولة والكانتلوب على حساب المحصول الإستراتيجى بضغوط غربية قوية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بجانب شبكة المصالح من رجل الأعمال القادرين على تكييف مصالحهم مع دوائر صنع القرار والتعلل بأن مصر من المستحيل أن تحقق الاكتفاء الذاتى من القمح، وتحتاج 5 ملايين فدان بجانب التوسع الرأسي لينتج الفدان 24 إردبًا من القمح.

المصادر أشارت إلى أن هناك عددًا من كبار رجل الأعمال بالاتحاد العام للغرف التجارية واتحاد الصناعات من كبار مستوردى القمح، منهم أحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية ومحمد عبد الفضيل وجمال عبد العزيز، سكرتير الرئيس الأسبق حسنى مبارك وعمرو الحينى وطارق حسانين وعبد الغفار السلاموني، ومنهم من يستورد مباشرة أو يحصل على القمح من الباطن، لأن لهم صوامع وشونًا لتخزين القمح، بعيدًا عن الشون والصوامع الحكومية التابعة لوزارة التموين.

ولم تخف المصادر حقيقة حصول تجار القمح على مليارى جنيه العام الماضى من خلط القمح المحلى بالمستورد للحصول على ألف جنيه فارق سعر في الطن، بما كلف فاتورة دعم القمح ما يقرب من مليارى جنيه.

من جانبه، انتقد الدكتور محمد أبو شادى وزير التموين والتجارة الداخلية الأسبق عدم تفعيل دور جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية بالأسواق، سواء في مجال السلع الغذائية أو غيرها، نتيجة قرب المحتكرين من دوائر صنع القرار.

وحذر من أن المشرع أجاز التسعير الجبرى بتحديد سعر بيع منتج أساسى أو أكثر شريطة أن يكون ذلك بقرار من مجلس الوزراء ولفترة زمنية محدودة طبقًا للمادة 10، بعد أخذ رأى جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، ولا يعتبر أي اتفاق تعقده الحكومة لتحديد أسعار بيع السلع الأساسية نشاطًا ضارًا بالمنافسة.

وحدد الوزير الأسبق مجموعة سلبيات أفرغت قانون حماية المنافسة من مضمونه، وتركت السوق فريسة للمحتكرين، أولها: عدم كفاية العقوبات المفروضة من قبل القانون خاصة إذا كانت كانت العوائد المتحققة من هذه الممارسات الاحتكارية تفوق الغرامات والتي تبدأ من 100 ألف جنيه إلى 300 مليون، ويتم توقيعها بطريقة مزاجية وليست نظامية.. وتحدث أبو شادى أيضًا عن أن القانون لا يعطى الحق في تحريك الدعوى الجنائية أو اتخاذ أي إجراءات لمواجهة السلوك الاحتكارى إلا بطلب من الوزير المختص أو من يمثله بما يضع السلطة التنفيذية في وضع مهيمن أمام السلطتين التشريعية والقضائية، بما يستوجب أن يكون هذا الجهاز مستقلًا.

كارثة الأرز
أشعلت الممارسات الاحتكارية للأرز في مصر أسعار هذه السلعة في الأسواق حتى قفز سعر الكيلو إلى ١٠ جنيهات لدرجة استدعاء الدكتور خالد حنفى وزير التموين إلى مقر رئاسة الجمهورية، ليخرج الوزير معلنًا طرح طن الأرز في الأسوق بـ4.5 آلاف جنيه رغم تعاقد الشركة القابضة للصناعات الغذائية على الطن بـ5 آلاف و800 جنيه ليسجل خسارة 1300 جنيه للطن الواحد.

واتهمت مصادر رجال الأعمال القائمين على تجارة الأرز بالتسبب في رفع الأسعار، خصوصًا أحمد الوكيل ورجب شحاتة، رئيس شعبة الأرز باتحاد الصناعات وعادل أمين، ما دفع الشركة القابضة إلى الحصول على قرض من البنك العربى الأفريقى قيمته ملياري و500 مليون جنيه، وسط تحذيرات باستمرار موجة الغلاء إلى شهر رمضان وما بعده نتيجة الممارسات الاحتكارية وعدم تفعيل القانون ضد المتاجرين بقوت الشعب.

الدواجن واللحوم
فيما ذكرت مصادر بالغرف التجارية أن مجموعة من كبار المنتجين والمستوردين سيطروا على سوق الدواجن واللحوم في مصر لتتحكم في سعر المنتج لكونها تملك الحصة الأكبر في السوق، خاصة في مجال الدواجن التي يصل العجز منها إلى ما بين 500 و600 ألف طائر يوميًا لأن معدل الاستهلاك الشهرى يصل إلى ميلونى و100 ألف طائر، بما ترتب عليه ارتفاع سعر كيلو الدواجن حاليًا إلى 21 جنيهًا بالمزارع.

ويتصدر قائمة كبار المنتجين للدواجن المسيطرين على حصة كبيرة بالأسواق الدكتور نبيل درويش، رئيس اتحاد منتجي الدواجن والدكتور محمد الشافعى ويمتلك 3 شركات بمشاركة رجل الأعمال السعودى الشيخ صالح كامل، ثم موسى فريحة ومحمد الراجحى من كبار المنتجين، في حين يوجد عدد من كبار المستوردين للدواجن ومنهم خالد أبو إسماعيل، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية السابق، وأحمد صقر، سكرتير الغرفة التجارية بالإسكندرية وكابتن مراد الدقهلية.

استهلاك مصر من اللحوم يتراوح بين 600 و650 ألف طن سنويًا، يتم استيراد 50% منها لسد احتياجات السوق المحلية مع تحقيق أرباح كبيرة على حساب المواطنين، وأبرز المستوردين: «نعيم ناصر، ورجل الأعمال محمد رجب، ومحمد فرج عامر، ومحمد جابر، وسيد شلبي، وسامى شاهين» وآخرين.

وأمام قلة الإنتاج المحلى وسيطرة مجموعات من المستوردين على سوقها بمصر، تحولت هذه السوق إلى فئات تتمثل في اللحوم المجمدة المعبأة في «كراتين» وتحفظ في درجة حرارة سالب 18، وتشكل نحو 80% من احتياجات المصريين من اللحوم وأشهر مصادرها الهند التي تورد مجازرها 60% من اللحوم المجمدة إلى مصر، ثم البرازيل التي يستورد منها 40% من الاحتياجات.

هنا يبرز بين كبار مستوردى اللحوم اسم «سمير سويلم - صاحب شركة أكشن»، والمتخصصة في استيراد اللحوم من أحد المجازر الهندية، حيث يتعاقد المستورد مع المجزر للحصول على إنتاجه خلال فترة معينة من ذبح عجول يشتريها المستورد، ولا يسيطر سويلم على جزء من مجال اللحوم المستوردة فقط بل يشتهر بالسيطرة على سوق الكبدة المجمدة التي تستورد من الولايات المتحدة ودول أخرى، ويملك سويلم وشركته نصيب الأسد في استيرادها، ويستهلك المصريون منها 175 ألف طن سنويًا تدخل في صناعة الكبدة الإسكندرانى بالمطاعم وفى الاستهلاك المنزلى للأسر المتوسطة، ويشتريها بعض الجزارين لبيعها مع الكبدة البلدى بنفس السعر.

كما يظهر اسم «محمد طه - صاحب شركة إيست بيت»، وهو نائب رئيس اتحاد مستورد اللحوم أيضًا، وتحمل شركته وكالة عدد من المجازر الهندية الكبيرة، ثم يأتى «أحمد عبدالفتاح - صاحب شركة صلاح وعبدالفتاح لإنتاج اللحوم المصنعة»، ويستورد أيضًا من مجزر بالهند بجانب المستورد السكندرى «رامى الرفاعي» الذي يعد من أكبر مستوردى اللحوم المجمدة من البرازيل، والمهندس محمد فرج عامر صاحب شركة فرجللو ويستورد اللحوم الخاصة بمصنعات شركته من أيرندا بجانب علاء رضوان رئيس رابطة مستوردى اللحوم.

أما الشريحة الثانية من اللحوم المستوردة، فهى اللحوم الحية للذبح الفورى وللتربية، وتنقسم مصادر استيرادها إلى جزءين الأول من أمريكا الجنوبية ويسيطر عليها رجل الأعمال الأردنى الجنسية عصام حجازى ويمتلك شركة الأمل للاستيراد وموقعها في الإسماعيلية.

ويستورد حجازى آلاف الرءوس سنويًا من أوروجواى والبرازيل، حيث أكدت مصادر بالهيئة العامة للخدمات البيطرية أن رجل الأعمال الأردنى هو صاحب صفقة العجول الإماراتية التي وصلت إلى مصر كمنحة إمارتية عددها 100 ألف عجل، وصلت على دفعات خلال العام الماضي، وحل عصام حجازى وشركته وسيطًا لاستيراد عجول المنحة من أوروجواي، ويمتلك هذا الرجل إمبراطوية كبيرة في استيراد اللحوم الحمراء والبيضاء والأسماك تمتد من العالم العربى إلى الصين.

أما المصدر الأفريقى للحوم الحية فيسيطر عليه «محمد سعيد قايد وهو رجل أعمال سعودي» يمتلك واحدًا من أكبر محاجر العجول في القارة السمراء، ويقع في جيبوتى ويستخدمه كمحطة لتجميع كافة العجول المستوردة من إثيوبيا والسودان والصومال ليشحنها مرة أخرى إلى مصر أو السعودية ثم المجر.

وفقًا للأرقام المتوفرة يستوعب هذا المحجر 700 ألف رأس عجل في وقت واحد وهو ما يجعله طاقة كبيرة للتحكم في سوق المورد من اللحوم إلى مصر والوطن العربي، بجانب عزم رجل الأعمال السعودى إنشاء مسلخ نموذجى في جيوبتى لتصدر اللحوم المبردة والمجمدة أيضًا إلى مصر والدول العربية. فيما انتقدت مصادر بالهيئة العامة للخدمات البيطرية القرار 489 لسنة 2014، والصادر عن وزير الزراعة بعد أن أقر ختم اللحوم المستوردة المذبوحة في مصر، بعد فترة حجر 40 يومًا بالأختام البلدية لتباع بنفس سعرها، وهو ما رفع أسعار اللحوم في الأسواق وحرم المواطن من اللحوم المستوردة المختومة بالختم السداسى الأرزق، وكان سعرها يتراوح بين 50 و60 جنيهًا للكيلو، وتعتبر ملاذًا آمنًا له عن اللحوم البلدية التي وصلت الآن إلى 90 جنيهًا للكيلو.

وبالنسبة لتربية الداوجن في مصر.. تسيطر شركة الفنانة صفاء أبو السعود عليها، وشركة الدقهلية للدواجن ويمتلكها المهندس محمود العنانى ثم «القاهرة للدواجن» وأصحابها مستثمرون أجانب، وتحظى هذه الشركات بامتيازات في تربية وإنتاج الدواجن، وهو ما أكده عبدالخالق النويهى، نائب رئيس رابطة مربى الدواجن. «النويهي» شدد على أن مكاسب الشركات الكبيرة من الدواجن تصل إلى 12 جنيهًا في الكيلو الواحد، رغم اعتمادها على تربية كتكوت مجانًا من إنتاجها.
Advertisements
الجريدة الرسمية