رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

برلمان محير.. وطريق بلا خارطة


بسرعة مذهلة يتطور أداء نواب بالبرلمان مع رئيسه "عبد العال"، في اتجاهات تبدو لي كمواطن ومتابع، غير ذات صلة بدورهم، رغم تعاظم أزمات المجتمع المصري بعد إنجاز الاستحقاق الثالث بخارطة الطريق، والذي بدا حصاده وكأنه لهم وحدهم دون المتراصين أمام لجان الاقتراع.


الصورة العامة التي تسود لدى المتحدثين معي في الشارع المصري عن هؤلاء، أنهم لا يجيدون إقناعهم بأقل مما فعله برلمان رجال أعمال 2005 وعفريته الإخواني المتضخم في 2012، ولا يريدون -عن عمد- الحديث في قضايا جوهرية بطريقة تبدو مخالفة لتوجهات نظام حكم يقتسمون معه شيئًا من السلطة دستوريًا.

على سبيل المثال، شهد الأسبوع المنقضي تدشين نواب جمعية "من أجل مصر" لتدعيم البيئة الديمقراطية، رغم تصريحات رئيس المجلس المناهضة لتواصل نواب مع جمعيات ومراكز حقوقية بدعوى إضرارها بالأمن القومي وخطورتها عليه، مع أن الجمعية الوليدة ستتمكن من مباشرة نشاط مماثل كمراقبة الانتخابات وتدريب الكوادر والحصول على منح داخلية وخارجية، بينما الجمعيات نفسها التي جرى استنتاج هويتها من تصريحات عبد العال، راقبت الانتخابات النيابية التي استند النظام إلى تقاريرها في مباهاة العالم الخارجي بالاستحقاق الثالث.

ويزعم عبد العال، الذي لا يعجب نواب بمجلسه منظمات حقوقية فيبادرون بتدشين منافس لها، أن مجلسه مظلوم إعلاميًا، رغم أن جلساته غير علنية، وأزماته مع الصحفيين أكبر، وموقفه من قضية اقتحام النقابة عبر عنها نواب بطريقة منحازة لطرف السلطة التنفيذية، ويعتبر أن إقرار 342 قرارًا بقانون واستقبال 6 رؤساء دول، إنجازًا للمجلس، ولم يحل أزمة حملة الماجستير والدكتوراه مثلاً، ويناقش مقترحًا بفرض ضريبة 100 جنيه على راديو السيارة، وربما على سماع موجات بعينها.

نماذج نواب مجلس عبد العال يمكنها أن تتفنن في ابتداع علاقات صداقة برلمانية مع دول أخرى، الخليج خاصة، كما فعلت مجموعة صاحب الصندوق الأسود، لكن المجلس نفسه يصرح رئيسه بمنع النواب من الحديث إعلاميًا عن السياسات النقدية، بزعم وجود "معلومات مغلوطة" يمكن أن تشوب تصريحاتهم وتستغلها مراكز تدريب ضد مصر!

في هذا المناخ -غير المواتي- ارتفعت أسعار السلع الغذائية والأدوية دون رد فعل برلماني، فقفزت فتنة "الكرم" ليرد 10 نواب على الأكثر باستجواب لوزير الداخلية حول الأحداث التي وصلت تفاصيلها متأخرة للرأي العام، وطالب المحافظ الهمام بعدم المبالغة فيها، وحمل مقصرون المسئولية عنها للإعلام الذي كشفها، وتأخر التعامل الأمني معها، حتى كانت قفزة الرئاسة بتوجيهات السيسي بتقديم المسئولين عنها للعدالة، عقب 6 أيام تعرى فيها المجتمع وافتضحت عورات الفتنة لتغلب عورات الجوع.

طبيعة خاصة للبرلمان لا تفهم معها ماذا يريد هؤلاء للمواطن، كما لا يفهم الأخير من يدير الأمور تحت قبة التشريع ومن يراقب من، وهل هناك رؤية واضحة أو اتفاق تجاه قضايا أساسية تجمع نوابه لمصلحة الوطن والمواطن، أم أن الأمور تسير بالقطعة والمعاملة البينية تحكم مواقف الأعضاء تجاه مناقشات وطلبات واستجوابات ومقترحات.

التفسير العلمي والأكاديمي والبحثي، لشكل وطبيعة وهوية البرلمان، يحار مع نوابه الحاليين، لدرجة أن قضايا يرى مواطنون ضرورة أن يناقشها برنامج توك شو لمذيع شهير أولاً، حتى يهتم بها النواب في اليوم التالي وتعلو أصواتهم حولها أمام ميكروفونات مقاعدهم.

لم نكن نحلم بحال كهذا بعد ثورتين، برلمان ينافس نفسه على لا شيء، وحكومة تفشل في إنجاز أي شيء، ونظام يتعيش على حب مواطني مشهد 30 يونيو، وقوانين وعقوبات لا تعرف الرأفة في قضايا لا تعرف أوراقها مسارًا للمنطق، واقتصاد دولة يتلاعب به كل من هب ودب.. لم يكن هذا أملنا ولا اتفاقنا على المستقبل بالتأكيد.. الطريق لا تشير خارطته إلى مسار من هنا.
Advertisements
الجريدة الرسمية