رئيس التحرير
عصام كامل

هل لعنت سلسفيل (أمانى الخياط) اليوم؟!


إذا كُنت نسيت فها أنا أُذكِّرَك، فبالتأكيد مشاغلك كثيرة ولعلك سهوت عن الواجب، عمومًا إن كُنت فعلتها في الصباح أثناء احتساء النسكافيه فالتكرار لن يُضير أحدًا، العن (أمانى الخياط) مُجددًا الآن لإثبات تمسُّكك المتين بالحُرية، ولتوثيق علاقتك المُستديمة بالثورة، ولتشجب وتستنكر امتلاك (الخياط) لرأى قد يُخالف الحقيقة الساطعة التي تمتلك ناصيتها أنت وأتباعك أو أنت وأسيادك حسب موقعك من الكيان الثورى التحرُرى الليبرالى الإبداعى المشروط بالسير ضمن القطيع ومناخيرك في ضهر اللى قُدَّامك دومًا!


بعد ذلك عليك أن تُشيد بالمُخرج العبقرى العالمى (محمد دياب) صاحب أشهر أفلام في تاريخ السينما المصرية، والذي حصُل على كُل الجوائز العالمية لمصر كأحسن إخراج، أحسن سيناريو، أحسن إضاءة، أحسن موسيقى، أحزن تكشيرة، أكأب تبليمة، ولولا تخلُّف الأخوة في هوليوود وكان وفينيسيا السينمائى لابتكروا جائزة أوسكار أحَط شتيمة لا لتكون من نصيب (دياب) فمَن يمسّ مُخرجنا الفَلتة بالنقد يمسّه مريدوه وأذياله اللى أنوفهم في ضَهره بالنار والبنزين علشان يخلونا نترحَّم على أيام أزمة المحروقات، وقتها مكانش حَد مُمكن يحرق حد، وتسألنى أمال الشتيمة دى رخرة هتكون من نصيب مين؟ طبعًا (أمانى الخياط)، إنت نسيت تانى؟!

أما مولانا (مُعز مسعود) داعية الشباب، ومُفتى الشباب، ومُنتج أفلام سينما الشباب، وصاحب أرقى خطوط موضة الشباب فَشَر (فيرزاتشى) و(كريستيان ديور)، فمينفعش نتغاضى عن حَمده والإشادة به والثناء عليه، فالرجُل يُرهق نفسه صباحًا ومساءً في الاجتماع بأشهر الخونة في التاريخ، وعلى رأسهم اليمنية (توكل كرمان) لينقل لنا بشغف تجاربهم الرائدة في إسقاط بلادهم، ولعله يُنتج قريبًا فيلمًا يحكى قصة حياة (توكل) ـ اشمعنى فيلم (عوكل) يعنى ـ وكيف أنها ثارت لتُحرر وطنها وشعبها من استبداد الوحدة وظلمات الاستقرار النسبى، لتقوم بتقسيم بلادها لست حِتَت قاعدين على كَف عفريت، يوم الحتة دى في إيد الحوثيين بياكلوها، ويوم دكهة في إيد الإخوان بيمصمصوها، ويوم الإيرانيين ياخدوا المناب ده، على طريقة فيلم (الزوجة الثانية) "خُد مصمص دى" ويوم تالت نقسم الحتة نُصين قوم تلاقى اليمن السعيد بيلطم بعدما أصبح ألف وخُمسميت حتة، بينما (كرمان) تقضى حياتها بين جُزر هاواى ومهرجان كان لتُعد فيلمًا ينتجه لها (مُعز مسعود) ويخرجه طبعًا الجهبذ العالمى (محمد دياب) ـ اللى يقول لـ(يوسف شاهين) و(صلاح أبو سيف) و(رأفت الميهى) خليكوا قاعدين وأنا أقعد فوقكم على مطرحكم ـ لأنها ليست أقل بأى حال من الأحوال من (جميلة بوحريد) طبعًا!

وما دفعنى للكتابة في هذا الأمر هو قدر الحصانة الرهيب الذي حصُل عليه (محمد دياب) ضد مُجرَّد القيام بنقد أعماله، والحقيقة أننى لم أشاهد فيلمه الأخير (اشتباك)، وربما لن أشاهده بالمُناسبة، لكن هالنى ذلك الهجوم الذي وصل لحد السُباب الصريح في حق الزميلة (أمانى الخياط) من زُملاء في المهنة صحافيين وسمكرية وبياعين أمشاط وفلايات ومثقفين لمُجرَّد تجرؤها على انتقاد الفيلم، وتسألنى إنت بتتكلم ليه وإنت مشوفتش الفيلم ومش هتشوفه، هجاوب حضرتك لأنى لن أتكلَّم عنه، والفيلم ومَن خلفه لا يعنينى أبدًا، كما لا تعنينى (الخياط) لدرجة الكدر بالمُناسبة اللهم إلا لإشفاقى الشديد عليها جرَّاء ما تعرَّضت له من قلة أدب لمُجرَّد نقدها لحتَّة فيلم، طيب الفيلم ده لو اتعرض في السينما وحَب واحد من الجماهير يقوم يروَّح علشان حاسس بملل أو عايز ينام قبل ما يخلص، هل هتقطعوا رقبته؟ طيب لو واحد تجرَّأ وحَب يروح الحمام والعرض شغال؟ هتقطعوله هو كمان لا مؤاخذة رقبته واللا هتلبسوه بامبرز؟!

وفى كُل بلاد الدُنيا من حق أي مخلوق إنه يُعجَب بفيلم ويشيله فوق كتافه، ومن حق آخر إنه ينتقده ويحُطه تحت جزمته، يسرى هذا الحق على الكُتب والبرامج والهدوم والأغانى وغيرها، فلولا اختلاف الأذواق لكُنا في حيص بيص بعدما تبور السلع التي لا ينتجها (معز مسعود) ويُقدِّمها (محمد دياب)، ومن الواضح أن هُناك مَن يسعى جديًا ـ وبنجاح ـ مُنذ ثورة يناير 2011 للقيام بدور الأبلة أم خرزانة علشان يفرض علينا نحب إيه ونكره إيه، واللى المفروض نحبه وإلا ننضرب بالخرزانة كُلَّها أو بنصفها الأول فقط ليس كُل ما هو جميل ولا مُميَّز لكن كل ما هو تابع لحضرته ولمجموعة حضرته اللى كانت معاه في نفس الخيمة في الميدان، ولو سيادتك كُنت في خيمة تانية فليس لك ديَّة ولا حق، مش يمكن كُنت ثورة مُضادة أو جاسوس أو قليل الحماس الثورى شوية؟

مش يمكن قصَّرت في شتيمة الجيش؟ إذن هي حصانة لا يحصُل عليها إلا المُزايدون، ولو توقَّف أحدهم عن المُزايدات لحظة وعن لعن الآخرين والتعلية عليهم فسوة فقد يفقد تلك الحصانة، ويُقال عليه خاين أو عميل أو أمنجى أو مُخبر فيلقى مصير (أمانى الخياط) لعنًا وسبابًا وقهرًا لمُجرَّد انتقاد لفيلم سينمائى قدَّمه فلتة الثورة والأوان!

في النهاية.. لا مُشكلة شخصية بينى وبين (دياب)؛ فلا أعرفه ولا يعرفنى، ولا مُشكلة فنية كذلك؛ فلم أُشاهد فيلمه وبالتالى لم يعجبنى ولم يحصُل على سخطى، لكن المُشكلة القائمة فعلًا هي تلك الحملة المُمنهجة المسعورة ضد كُل مَن يمَس واحدًا ممَن سموا أنفسهم بأصحاب ثورة يناير رغم أنها ثورة شعبية يملكها الشعب كُله، ولو كانت ثورة عصابة أو شوية صيَّع محدودين فلا يُمكن وصفها بالثورة أبدًا على فكرة، وكُنت أرجو أن أتقدم بنصيحة لعبيد الثورة الدائمة ـ ملهاش علاقة بـ(تروتسكى) وياريت كان ليها كُنا فلحنا ـ ومُريديها بأن انتقاد فيلم سينمائى لا يُمكن أبدًا أن يتم تحميله على أنه كراهية للثورة (بتاعتنا) أو خيانة لها، لكن عارف أن النصيحة لن تُقدِّم ولن تؤخر، لكنها قد تضعنى في مواجهة مع أحدهم أو بعضهم، عن نفسى يسعدنى ذلك، بس ياريته يستعد قبل ما يفكَّر يعملها، أو يعملها قبل ما يفكَّر هو حُر!
الجريدة الرسمية