رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مجلس أم مصطبة.. خناقات أم تشريعات؟ فهمونا !


أشعر بحزن حين أقول إن المصريين لا يشعرون بوجود حقيقي لمجلس النواب، ولا يتابعون له عملا، لأنه مجلس كثير الشغب مع نفسه، كثير المشكلات، يقضى الوقت في قلنا وقالوا، وسجلوا أو لم يسجلوا، وسربوا أو لم يسربوا، وحواديت مملة، ولا إنجاز واحدا ملموسا.


يشعر المصريون بخناقات النواب مع بعضهم العض، وخناقاتهم مع رئيس "المضرسة" الدكتور عبد العال، وخناقات عبد العال مع النواب، ولا يشعرون بأن السيد المجلس الذي هو من اختيار الشعب قدم للشعب شيئا، أكثر من قراره بحجب بث الجلسات منعا لمثالب، قلت مثالب ولم أقل اللفظ الآخر تلطفا وتخففا، في الأداء، بسبب حداثة عهد كثيرين بالعمل النيابى ومقتضياته!

حسنا، ها هو المجلس حصن نفسه من القيل والقال الناجم عن البث والكشف عن أداء البعض، ومع ذلك فإن المجلس الذي منع الإعلام المباشر عنه في الصباح والظهيرة، هو ذاته المجلس الذي ذهب برجلى أعضاء منه إلى مدينة الإنتاج والاستديوهات، يشكون رئيسهم، كما يشكون زميلهم أسامة هيكل رئيس لجنة الثقافة والإعلام، والذي اتهموه بأنه سجل لهم كلماتهم فيما يتعلق بأزمة نقابة الصحفيين، وقدم تقريرا إلى رئيس المجلس دون علمهم، وهو ما نفاه هيكل، وطلب التحقيق !

وتزامن مع تبادل الاتهامات بين أعضاء في اللجنة ورئيسها، صدور قرار الدكتور على عبد العال بإحالة أي عضو يتحدث عن السياسات النقدية إلى لجنة القيم، لبحث أمره، وقد صارت لجنة القيم بمثابة ولى الأمر المؤدب، بكسر الدال، واعتبر النواب هذا القرار تكميما للأفواه، ومخالفا للدستور، فيما رآه رئيس المجلس حفاظا على أسرار تمس الأمن القومى، سربها أعضاء نقلا عن محافظ البنك المركزى، وبالتالى صار المسربون في عداد من لا يقدر مسئولية وخطورة ما يسفح ويذبح أمامهم من معلومات، وهى معلومات استفاد منها تجار العملات، وسبقوا الحكومة والمركزى إلى تحصين دفاعاتهم ومسارب هروبهم، ورفع سعر الدولار، وما يترتب عليه من استمرار ضخ المركزى لملايين دولارية أخرى، تشفطها عصابات في الصرافة !

هذا هو أداء نواب
وهذا هو أداء رئيس نواب
وكلاهما من اختيار الشعب

والشعب لم يكتمل نضجه العلمى ولا وعيه السياسي، مع احترامى، وكل ما يتردد عن النضج الذي زهزه وازدهر في سنوات الضباب والهباب الخمس الماضيات، هو من قبيل التباهى بقرعاء الرأس، استعانت بباروكة لتتجمل.

تؤتى الديمقراطية أجمل ثمراتها في الرقابة والتشريع، والأداء، حين ترى غالبية كاسحة من الشعب متعلمين ومثقفين ومستنيرين، يختارون ببصيرة خير من يمثلهم، لا خير من مثل عليهم، تراهم يشغلون المقاعد ولا يثمرون إلا ضجيجا. وانظر كيف تفكر دول في الغرب في سن تشريع يحرم الجهلة من حقوق التصويت! من الحمق أن أقول إنى أعمم، ومن الغباء أن يفهم عنى أنى أعمم، فالمجلس فيه شخصيات كثيرة واعية ودارسة ومحترمة، لا تهرج، ولا تهرول أمام وإلى الكاميرات، بل تحتفظ بجلال حضورها، ووقار علمها وتاريخها، وهذه طبيعة المحترمين، أما المهرولون فلا تخطئهم العيون.

مجلس النواب الموقر بروتوكوليا وتاريخيا، نريدك أن تتفرغ للتشريع وللرقابة، وابتعد عن تشريعات فقع مرارة المصريين من قبيل تحصيل مائة جنيه لكل صاحب راديو في سيارته، فالمائة جنيه لم تعد لها قيمة، ومهنتها الآن مهنة الجنيهات العشرة، فارحموا الشعب من رفع ضغط الدم، وفكروا بخيال أوسع، كيف تزيدون خزانة الدولة لخدمة الشعب، بدلا من التفكير الضيق لجمع فلوس من أجل شعب مات منكم كمدا.
Advertisements
الجريدة الرسمية