رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

لم يسأله أحد! (1 )


ويبقى سؤال واحد يطرح نفسه بقوة عن مصر العظيمة التي تحولت بفعل سياسات تاريخية ومعاصرة فاشلة إلى شبه دولة كما وصفها رئيسها المنتخب.. من الذي هد عرشها وهوى بها لتلك الدرجة وما هي المعطيات التي جعلته يغير رأيه السابق بل يأتى بعكسه؟ نفس الرئس كان قد استشعر أملا هائلا قبيل توليه الحكم رسميا عندما عبر وصرح في عبارة واحدة عن مصر القائمة، ومصر التي يتمناها مستقبلا عندما قال: مصر أم الدنيا وحتبقى قد الدنيا!


كان هذا منذ سنتين فقط أو ربما أقل، من الذي هوى بمصر في نظره من هذه المكانة التاريخية وتلك التطلعات المستقبلية إلى تلك الحالة التي وصفها فيها بأنه مجرد شبه دولة !

في الواقع، كانت مصر حقا في طريقها إلى أن تصبح نموذجا محترما للعالم بأسره عقب ثورة يناير، عندما علم الثوار العالم كله كيف يكون ثائرا ونبيلا وسميا وعادلا، وربما ساذجا أيضا في آن واحد.. ضاعت الفرصة وحاولت جماعة الإخوان التحالف مع النظام القديم وما أسمته بالدولة العميقة، وسرعان ما خططت ودبرت تلك الدولة العميقه لإزاحة الإخوان الذين لم ينحازوا لقيم الثورة ولم يصدروا قرارا وحيدا ثوريا أو به رائحة من العدالة لصالح الشعب أو من أوصلوهم لحكم مصر أم الدنيا التي انتظر عشاقها أن تصبح جزءا من الدنيا وليس قدها بمفردها كما وعدهم الرئيس الحالى والذي أزاح مرسي وجماعته !

جاءت الفرصة الثانية بعد 30 يونيو، وكان الزخم الثورى هائلا والوطنية الصادقة من كل الأطياف عدا جماعة الإخوان، توحى بأن مصر في طريقها لأن تصبح دولة حقيقية قوية متماسكة في عالم لا يعترف إلا بالأقوياء، ولا يحترم إلا الأنداد الذين يعلون من قيم الديمقراطية الفعلية والحريات العامة والشخصية..لكن ماذا حدث؟

حدث أننا انتكسنا وارتددنا قرونا طويلة رجعت بنا لسنوات ما قبل التاريخ في بلد صنع التاريخ، عندما إلى مرحلة مسخ الدولة أو ما يسمى بدولة الصوت الواحد والفرد الواحد الذي لا ينبغى لأحد أن يناقشه أو يعارضه في سياساته.. حتى وإن لم يطلب هو ذلك في بداية الأمر، وتطوع الكثيرون لإصباغ ذلك عليه، هل ننسى مقولة الراحل هيكل بأن الرجل مرشح الضرورة، والتي وجدت صداها في الشارع عند الكثيرين متمثلة في مقولة (بس هو فين البديل!).. فالنخبة المنتقاة كانت أجهل وأعجل من رجل الشارع البسيط في تقزيم وتسفيه وتحقير أي رأى لا يتوافق مع الصوت الوحد القادم لحكم مصر، حتى وإن كان شخصا غير المشير السيسي وقتها.. المهم أن يكون رجل أمن وحزم وربما قمع والسلام.. رجل شديد حازم حاسم قوى بات لا يقبل المناقشة التي أضحت حراما وخيانة بعد ثورة عظيمة وتابع لها.. لكن السلام لا يأتى هكذا أبدا !

وجد الرجل نفسه محاطا بكل هذا التعظيم والتفرد، ووجد إعلام المصلحة الذي يمتلكه رجال وسيدات ثار عليهم الشعب، أن من حظهم ومصلحتهم كتم كل صوت معارض أو إصلاحى أو ثورى ينادى بالعدالة والحرية والكرامة الإنسانية لأن كل ما سبق ينتهك دوما على يد الفاسدين من الرأسماليين والمتاجرين بأقوات الشعوب وصحتها، بل وأمنها أيضا.. فماذا حدث ؟
في المقال القادم بإذن الله إن كان في العمر بقية أو في الحرية مساحة للتعبير
Fotuheng@gmail.com
Advertisements
الجريدة الرسمية