رئيس التحرير
عصام كامل

رجل المستقبل


جعل الله الخليفة فِى الأرض هو الإنسان ووهبهُ مِن النِعَم ما لا يُعَدُ ولا يُحصَى فِى الزمان وما حواهُ مِن مكان حيثُ يتهيأ لهُ القوام والعيش والبناء لا الخراب والدمار وهَتك الأسرار فِى كَون أرادَهُ المولى أن يكون لهُ مِن العَظَمة بِـمكان على سواعِد هذا البُنيان مِن الإنسان وذُرية نبِىُ الله أدم عليه السلام.


خلق الله الناس ليتعارفوا وتطيبُ الدُنيا بِـمعالِمِهِم المُختلِفَة فِى كثير مِن العلوم والعادات والمؤهلات ومِن أجل ذاك هيأ الله كُل هذا العَالم لِلإنسان كَي يبنِى ويُعَمر حيثُ هو اللبِنَة الأساسية لِلعلم والتعلُم والنُضج والفِهِم والتَّفَهُم.

والمُجتمعات لا شك تُبنَى على الأفراد لِذا التربية السليمة هِيَ بِـمثابة معزوفَة تستحويها مِن عِلم يكون مبنيًا على أُسُس وقيم تهديك إلى مُجتمع فاضِل يتحرَى الجميل مِن القول والسلام من الفِعل على يَد وليدَك الذِى هو ماضيِك ومُستقبلك وحاضِر لِـهذا الأمل.

العِلم هو أساس التربية السليمة، حيثُ تجمع بين الأسرة وماضيها وبين المجتمع والفطرة السليمة فِى تربية النَّشء حيثُ الفِكر واستقبال العِلم والتطبيق الجاد لِـحاضِر يُضفِى منظومَة تُعيد ما أمر الله مِن عمار على أُسُس وعلوم وسلام يعتنِقُه المُجتمع ليصِل لِـبَر الأمان.

والمُجتمع العاقِل يبنِى تَطَورُه على العلوم المُستقاة مِن الحضارات ودِراسة ما يُناسِب الفطرة السليمة والعادات والتقاليد لُمجتمعِنا، حيثُ توفِر للطفل مِن مَهدِه تِلك الحضارات بين يديه مِن تربية وتعليم وفِكر وإصلاح وتهذيب فيُصبِح رجلا يبنِى مُجتمعًا تُسمَع معزوفَتُه لِلعالَم أجمع.

الحياة بِـلا مُنازِع مليئة بالكثير مِن التناقُضات، حيثُ تُربِّى طِفلك على أُسُس وقواعِد، ومِن ثَمَّ تجِدُك أمام واقِع يعتَرِك الحياة بينكُما قتجِد الخلخلة ما بين الأصول والواجِبات وما بين ما نتنفَسُه مِن آلام وتقلُبات وهُنا يَكمُن دور الأُسرة فِى الحفاظ على الأقل بالثوابت مخزونة داخِل الطفل لأنهُ بِلا شك سيتأثر بما لديهِ مِن واقع.

تجِدُك قلقًا حيران وتسألُ نفسك سؤال ما سيغلِب الواقِع أم ما تربَى عليه الأولاد.. أُجيبُك أنَّ التوازُن بين ما تتعامل بِه فِى أُسرَتِك هو الفَيصَل فِى هذا العًالَم الكبير، حيثُ كُن لأبنِك ملاذ يلجأ إليه فِى الاستشارات والتقلُبات والعلاقة بينكُما كزوجين أمام أبنائِكُما المبنية على الفِكر والتعقُل والتَّصَبُر وكثير مِن الصفاتِ الحميدة المُكتسَبَة مِن المواقِف كخبرة كُل هذا عِلم وفير يجعلُك أرض صلبة يحتمِى بِها وَلَدَك حين يغوص كالبحارة فِى أعماقِ البحار يكتَشِف ما لا يعلم ويتعامل بِما يعلم.

هكذا تُشَيَّد المنارة حين تبعثُ فِى نفوسِ مَن أنتَ لهُم الثقة التِى تتأتَى مِن العِلم والاستشارة والتجرُبَة والمهارة ويعقُبُها التطبيق فِى أحسَنِ حالة والصَبر على نتاج القوة فِى الحضارة تجدُك بين قِلاع عالية الحصون لا عدوا لدودا ولا جاهِل غلول يُحيط بِتلك القواعِد الحصينة التي منبَتُها طِفلك الذِى أصبح رجُلا وإن وجِد ذاك العدو لا تجِدُهُ يَمكُث كثيرًا فطالما لا يلبَث طويلًا وسيختَنِق فليست هذِهِ بيئتُه ولا مُتَنَفَسُه.
الجريدة الرسمية