رئيس التحرير
عصام كامل

لعلكم تفقهون!


إذا لم تنجح في إقناع الناس بوجهة نظرك ورؤيتك، فإن الخطأ فيك وليس في الناس.. إذا لم تقنع الناس بالسير في الطريق ذاته الذي تسير فيه، فإن الفشل هنا هو فشلك وليس فشل الناس.


هذه قاعدة يعرفها السياسيون والثوار ودعاة التغيير في شتى بقاع الأرض على مدى التاريخ.. لكن لدينا في مصر من يصفون أنفسهم بالسياسيين ودعاة تغيير، وأحيانًا ثوار، يجهلون هذه الحقيقة.. ولذلك عندما يسد الناس آذانهم لما يقول به هؤلاء أو يرفض الناس الاستجابة لهم لما يدعونهم إليه، سواء من تجمع أو تظاهر، ينطلقون يهاجمون الناس ويسخرون منهم ويسبونهم بأقذع الشتائم.

هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم دعاة تغيير وإصلاح، أو يرون أنفسهم دعاة حق، لا يقفون لحظة أمام أنفسهم يراجعونها ويعيدون النظر في مواقفهم ورؤاهم وأفكارهم، لعلهم يكتشفون خطأ فيها، أو يرون أنها ليست صالحة في هذا الوقت.. وإنما بدلاً من ذلك يهاجمون ويسبون الناس لأنهم يرفضون الاقتناع بهذه الأفكار، لأنهم يعتبرونها خاطئة وضارة وتلحق بهم الأذى، أو يشكون في صدق أصحابها أو سلامة مقصدهم وصحة أهدافهم.

وهؤلاء يفعلون كما فعل الإخوان حينما انتفض ملايين الناس ضدهم، وأطاحوا بهم من الحكم، ثم تصدوا لهم كلما خرجوا ليمارسوا عنفًا وتخريبًا بعد الثالث من يوليو ٢٠١٣.. لقد وصف الإخوان عموم المصريين بأنهم «عبيد البيادة» لأنهم رفضوا إهانة قواتهم المسلحة، ووقفوا داعمين ومساندين لها، وانتخبوا واحدًا من قادتها رئيسًا للجمهورية بأغلبية ساحقة.. أما هؤلاء السياسيون ودعاة التغيير فإنهم وصفوا عمومًا المصريين تارة بالخضوع، وتارة أخرى بالاستسلام للاستبداد، وأخيرًا بالجنون، لأن عددًا ليس قليلاً منهم اهتم بمتابعة مباراة لكرة القدم بين فريق الأهلي وفريق روما، بل وشعروا بالفرح لفوز الفريق المصري!

إنها سذاجة سياسية، ومراهقة ثورية، وزيف نضالي، وكذب في النوايا الوطنية.. والذي يفضح ذلك أن هؤلاء الذين ظلوا يتحدثون باسم الشعب ويتغنون بعظمته ويرددون أنه القائد والمعلم، يهاجمون الآن هذا الشعب الذي لم يصدقهم ولم يتجاوب معهم ولم يسر وراءهم.

لا يوجد سياسي يفهم، يسبّ عموم الناس، ولا يوجد ثوري صادق يهاجم الشعب.. فإذا لم تكن دعوة التغيير صادقة في صالح الناس، فإن الناس لن يتقبلوها وسوف يعطون ظهورهم لأصحابها وسيغلقون آذانهم لحديث أصحابها، وربما يحدث ما هو أكثر وهو إعلان رفضهم لهؤلاء.. لعلكم تفقهون!
الجريدة الرسمية