رئيس التحرير
عصام كامل

سياسة البلياردو..


اضرب الكرات بعضها بعضًا تشتتها، ثم انفرد بكل كرة منها على حدة، لتضربها بعصاك، فتسقطها من على سطح المنضدة، وتتخلص منها بكل ألوانها وأطيافها واحدة بعد الأخرى؛ لأنه يصعب بل من المستحيل التخلص منها كلها بضربة واحدة، ولا يكون ذلك إلا بعد فض جمعها، وتشتيتها بضربها فى مركز تجمعها، ثم الإجهاز على كل واحدة منها بكل بساطة.


تلك هى سياسة الإخوان فى التخلص من خصومهم، أو قل هى السياسة التى وُضِعت لهم بعد جلوسهم على الكرسى، واستخدمها من قبلهم المجلس العسكرى السابق لضرب القوى الثورية بجماعات الإسلام السياسى، حيث كانت الضربة الأولى فى مركز الكرة الخطيرة الحمراء، والتى تقف على رأس مثلث الكرات المجتمعة، ويمثلها محمد البرادعى، الداعى الأول للثورة المصرية، والمحرض عليها، فتم التشكيك فى وطنيته والتكفير فى دينه والقذف فى خُلُقه، وكان أول هدف تمت إصابته بكل ضراوة وقسوة، ثم شرعوا بعد ذلك فى ضرب الآخرين.

ولا يمكننا أن نقول: إن اللاعب قد فشلت سياسته فى اللعب أو هو أخطأ إذا أسقط الكرات من على المنضدة، بل نجحت سياسته التى يلعب على أساسها، فهدفه الأكبر ليس الحفاظ على الكرات، بل التخلص منها وإسقاطها، فكل سياسات الإقصاء التى نرى أن النظام يطبقها فى الشارع، وتتسبب فى ضرر كبير بالمسار الوطنى أو بانهيار الاقتصاد أو الأمن لا تعتبر فاشلة عنده، بل تهدف لإسقاط كرات الجماعات السياسية المناهضة من على المنضدة، ولقد رأينا الضربات التى حاقت بعد ذلك بالكرات السلفية والثورية والوطنية لمصلحة حامل العصا وضارب الكرة.

إن سياسة البلياردو مشحونة بالأحداث والمتغيرات كنفس لعبتها، حتى إنهم يقولون: إن نصف ساعة لهو زمن طويل فى متغيرات الساحة السياسية المصرية.

ولكن فات اللاعب، ذا التمكين والغلبة، أن وجوده فى اللعبة مرهون بتواجد الكرات ذاتها، فإن سقطت كلها، ولم تعد هناك كرة إلا كرته هو.. انتهت اللعبة وبات عليه المغادرة .. وإن كان فائزًا فيها!

الجريدة الرسمية