رئيس التحرير
عصام كامل

التعليم ما بين التحديات والتطوير (1)


في ظل ما يواجهه الوطن من تحديات وحروب،فيجب أن نعي أن تطوير التعليم أمن قومي، وليس من المستحيل استنساخ تجارب دول مثل سنغافورة، وفنلندا، استطاعت التقدم بتطوير مواردها البشرية، لجذب الاستثمارات الأجنبية وتحقيق تمكين الشباب بهدف تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافي،ة لذا فإن التحدي امام الحكومة والبرلمان هو وضع خطة تطوير التعليم المصري، ورفع الجودة واستقطاب العلماء المهاجرين، حتى نستطيع أن نواجه التهديدات التي تواجه الأمن القومي المصري، بمقومات الدولة الحديثة، والعلم في معركة بقاء وبناء الدولة المصرية.


أرقام عابرة من واقع التعليم المصري:
٢٢٪‏ من المصريين في سن الدراسة (٦-١٧ سنة) بينما ٨٠٪‏ من الذين لم يلتحقوا بالمدارس هم من المناطق الريفية أيضا تشكل الإناث ٨٢٪‏ من الذين لم يلتحقوا بالمدارس.

٥٠٪‏ من المتفوقين من المدارس التجريبية مقارنة ٩٪‏ من المدارس الحكومية، أما الجامعات الحكومية فقد تخطت ١٧ جامعة، ورغم أنها قد تعني مؤشرا إيجابيا فإن التأهيل لسوق العمل أصبح نقطة ضعف مما رفع نسب البطالة.

ويلاحظ أيضا أن ثلثي الطلاب المقيدين بالجامعات هم من طلاب الكليات النظرية، في حين أن ١٧٪‏ هم طلاب الكليات العملية، وهو ما أدي لاعتماد مصر على الخبرات الأجنبية في مشروعات التنمية، مع قصور شديد في المعاهد المتخصصة والتعليم الفني-تقارير منظمة الأمم المتحدة والبنك الدولي-هذا ما يؤخر مصر في تقييم التنافسية في الاقتصاد العالمي.

وعن قدرة الخريجين على تطبيق المعرفة المكتسبة في واقع العمل، فقد أجرت منظمة العمل الدولية مسحا نتج عنه ٤١٪‏ من أصحاب العمل قدروا هذه القدرات بالضعف، وهنا تكمن مشكلة قدرة الموارد البشرية المصرية في استيعاب الاستثمارات الأجنبية.

٥٠٪‏ من أصحاب الأعمال الصغيرة من الشباب، اعتبروا ما تلقوه من تعليم ضعيف لاندماجهم في سوق العمل.

اصبح التعليم الخاص يهدف للربحية، ووجها آخر للعملة، ويعتمد الآليات البالية للتعليم الحكومي.

يوجد في المهجر ٨٦٠٠٠ عالم مصري، منهم ٤٢ يشغلون منصب رئيس جامعة في أهم جامعات عالمية، بالإضافة إلى ٨٥٠٠٠٠ خبير في العلوم التطبيقية، لتحتل مصر المركز الأول عالميا في هذا الصدد.

مصر تحتل المرتبة ١٣٩ في جودة التعليم بين ١٤٠ دولة.

في هذا المقال نختص التعليم العالي ولنا مقال آخر في التعليم الأساسي ثم التعليم الفني.

ملامح من خطة التطوير للتعليم العالي:
يجب إدراك قدرة سوق العمل على استيعاب خريجي الكليات النظرية والدراسات الإنسانية والاجتماعية، أيضا يمكن تطوير قدرات الخريجين السابقين ببرامج عالية الجودة، وربطها لاحتياج السوق المصري على سبيل المثال لعلوم التنمية البشرية واخلاقيات العمل والتأهيل السلوكي للمجتمع، ويجب أن يتم تحفيز الشباب ليبادر بأبحاث في هذا الصدد.

كما يلزم توعية الشباب قبل الالتحاق بمجالات تعاني من نسب بطالة مرتفعة، ويتم ذلك بالتنسيق مع وزارات التعليم العالي والقوي العاملة ووسائل الإعلام، كما يلزم الإشارة للمجالات التي تعاني نقصا.

تحديد أعداد الطلبة الجدد بما يتناسب مع سوق العمل، ويمكن إجراء حوار مجتمعي مع الأساتذة والطلبة لتحديد النسب المطلوبة، بما يحقق جودة التعليم استيعاب سوق العمل.

تعديل منهجية القبول بالتعليم العالي بنظام طبقا للقدرات ومستوي الذكاء والإبداع، وليس المجموع طبقا للامتحان الواحدhigh stake exam الذي يعتمد على التلقين والحفظ، وقد صدرت توصيات للمؤتمر القومي لتطوير التعليم الثانوي تحت وزارة التعليم العالي مايو ٢٠٠٨ بهذا الصدد، وهو ما تطبقه دول متقدمة وهذا الطرح سيقضي على أسطورة الدروس الخصوصية من خلال القضاء على التوتر بسبب اعتماده على نظام exit exam.

طرح أفكار لربط تكاليف التعليم الموجه بتفوق الطالب، وعضو هيئة التدريس بإنتاجه العلمي وتواصله المجتمعي، ثم اتصاله بسوق العمل، من خلال قنوات محددة في الجامعة، مع تأسيس مشروعات للمساعدات المالية للفقراء من الطلاب مع ربطها بالتزامهم بالاستفادة العلمية، أيضا إلزام الكليات الخاصة ببرامج المنح من خلال برامج حكومية تركز على الاصلح وتحفيزه.

السعي لدى الدول المتقدمة لزيادة المنح العلمية، مع ربط عودة الباحث وتحفيزه للاستفادة من علمه وخبراته، أيضا يجب تأسيس مؤسسة قومية فاعلة لتوفير بيئة حاضنة للعلماء المهاجرين المصريين، ودمجهم لأنهم أساس أي تنمية مستقبلية.

يجب أن ندرك أن الاقتصاديات المتقدمة تعتبر مؤشر الطلب على العمالة المؤهلة تقنيا، وليس العمالة الضعيفة لها مرجعية، خاصة أن قدرة العمالة على التطوير والابتكار هم أساس لاستقرار وتنمية الاقتصاد القومي.

تطوير المناهج دوريا بما يناسب احتياج سوق العمل فقد ينتج أحيانا عن طلب مهارات محددة ولا تحتاج كل ما يدرس بالمناهج، ويلاحظ ذلك من سوق التكنولوجيا مثل البرمجة وخلافه ويجب دمج واشراك القطاع الخاص.

طرح حوار مجتمعي إعلامي للقضاء على ظاهرة التعليم، بغرض الوجاهة الاجتماعية، لأنها اضرت بالتعليم الفني الذي هو محور التقدم التقني في الدول المتقدمة.

الاعتماد الكامل على الوسائل التكنولوجية مثل استبدال الكتب المطبوعة بكتب إلكترونية، أو المحاضرات المتاحة عبر شبكات الفضاء الإلكتروني ( الإنترنت) إلى المكتبات العلمية الإلكترونية وتحفيز الطلاب على استخدامها.

تقييم وزارة التعليم العالي بجودة التعليم، واستقطاب العلماء واستيعاب سوق العمل سنويا، وليس وفقا لأعداد الخريجين.

تحفيز القائمين على التعليم لتطبيق سياسات الإصلاح وربط الحوافز بالنتائج.

أعلم أن القائمين على التعليم العالي قد يجدون في بعض هذه الأفكار مخالفة لأنظمة توافقوا وتكيفوا معها، ولكن للأسف لا مجال للمجاملة فمصر في مفصل تاريخي ولا بديل عن الإصلاح لمواجهة تهديدات الأمن القومي وبناء الوطن على أسس علمية.. وللحديث بقية...
الجريدة الرسمية
عاجل