رئيس التحرير
عصام كامل

الإعلانات وسنينها!


لا أرى جدوى حقيقية من قيام (نيللى كريم) بتقديم إعلان عن الشيكولاتة، ولا إقدام (دُرة) على بطولة إعلان عصير؛ فالشيكولاتة لذيذة والعصير زى العسل وبالتالى لا جديد هُنا، الإبداع الحقيقى هو أن تُقدِّم الأولى إعلان فول مدمس، وتقوم الثانية بعمل الدعاية اللازمة للطعمية؛ هُنا ستكون الإضافة المؤثرة، وسيتحوَّل الفول إلى مانجو، وتصير الطعمية كريم شانتيه!


أحدث إعلان للبريد المصرى هو الأغرب في تاريخ كوكب الأرض بلا مُنازع، إذ استعانت الشركة المُنتجة أو المُنفذة له بشخص عجيب، لا صوت، ولا صورة، ولا قُدرة على النطق السليم، تحِس إنه بيتكلم على جوَّة ربما على سبيل إقناعك بوضع مُدخراتك في زوره أو في دفتر توفير البريد لا فارق.. المُهم أن صاحبنا يُعلِّق على كتفيه حقيبة مدرسية بينما عُمره يزيد على سن الرُشد بسبع سنين على الأقل، وطريقة المونتاج في نهاية الإعلان تؤكد أنه تم حذف لقطات أخرى وكلام جديد من جوَّة للبطل الذي قد يكون ظهر في هذه اللقطات المحذوفة وبين شفتيه ببرونة على أساس الشيء لزوم الشيء!

في إعلان فيلمه الجديد يواصل (رامز جلال) تقديم شذوذه الفنى بامتياز، مُشكلتى مع (رامز) هي اقتناعى القديم بأنه مُمثل شاطر ودمُّه خفيف، لكنه قضى على رؤيتى تلك من زمن طويل قدَّم فيه ذلك النوع من الشذوذ عبر الصراخ والعويل والتنطيط في برامج (رامز أبو صديرى) وأفلام (فلان فردة شبشب) وما شابه من هذه النوعية من الفن المُعدَّل اسمه وفعله من الفن السابع إلى فن المستوى السابع تحت سطح الأرض!

خدعتنى إعلانات قناة Ten عن لقاء الزميل (جمال الكشكى) باللواء (محمد إبراهيم يوسف) وزير الداخلية الأسبق خلال إحدى أهم فترات تاريخ مصر عقب ثورة يناير مُباشرةً، وتوقعت مُشاهدة حلقات تاريخية تعِج بأسئلة مهمة، وأجوبة أكثر أهمية من الضيف الذي سيفتح خزائن أسراره كما خدعونا في الإعلانات، لكن في الواقع فقد قام (الكشكى) بفتح خزائن أسراره هو، وتولى مُهمة طرح السؤال وتقديم الإجابة عنه مع التفسير والشرح بدلًا من الضيف، ومكانش ناقص غير إنه يشرب الشاى بتاع الوزير بالمرَّة!

يستفزنى أصلًا إعلان برنامج (أحمد آدم) على قنوات الحياة، وبالتالى لا يُمكن أن أشاهد أكثر من ثلاث ثوانٍ من البرنامج نفسه وهى المُدَّة التي أمُر خلالها بصُدفة مهببة على القناة أثناء تجوالى بالريموت بحثًا عن أقل قدر مُمكن من الكلام الفارغ لكى أشاهده، المُهم قرأت أخبارًا حول قيام (آدم) بالإساءة للشعب السورى في إحدى الحلقات، ولا يُمكن لتلك الأخبار إقناعى بوقوع الحادث فعلًا رغم اختلافى مع مُقدِّم البرنامج لسبب بسيط هو أن أكثر من 99% من هذه النوعية من الأخبار يتم تناقُلها بين المتداولين على طريقة "تافين في بُق بعض" ولا مؤاخذة دون أن يتحرَّى أحد الدقة أو يترُك لعقله فُرصة للتفكير بعد أن يمنحها لأذنيه لا لأذنى غيره.. الأهم كان في تصريح للمُطرب (سامو زين) الذي توعَّد (آدم) برد عنيف خلال الأيام المُقبلة بعد إهانته شعبه، وبالتأكيد الرَد العنيف من جانب (سامو) لن يخرُج عن أغنية جديدة، وقد يكون أكثر قسوة فيصل لحَد الرقص.. يا واد يا جامد!

إعلان الجزء السادس من مُسلسل ليالى الحلمية مؤسف جدًا، كتبت عن الموضوع سابقًا بلا جدوى، (أيمن بهجت قمر) يتعدى دون رادع على تُراثنا الدرامى اللى ملوش صاحب، أرجوكم أخبرونى ما هي الإضافة التي يُمكن أن يُقدِّمها سبَّاك إذا ما قام بتركيب مزراب على سطح معبد الكرنك؟ وما جدوى قيام نقَّاش بتغيير لون هرم (خوفو)؟ ليالى الحلمية هرم درامى وكنز فنى تاريخى لا يُستهان به، أو بالأصح كان لا يُستهان به قبل أن تمتد له أصابع (أيمن قمر) الذي فيما يبدو لم يكتف بإرثه من أبيه الكاتب الكبير ـ بحق ـ (بهجت قمر) فقرر يورث (أسامة أنور عكاشة) كمان، وكُل ما أخشاه أن يُقرر (أيمن) ـ في ظِل تلك الهوجة أو ذلك الهيجان ـ أن يرث عميد الأدب العربى (طه حسين) بالمرَّة فيقوم بتقديم جُزء جديد من مُسلسل (الأيام) يتضمَّنه سيرته الذاتية بصفته عميد النحت العربى!

وأسوأ أنواع الإعلانات هو ما يُقدِّم مُحاضرة تاريخية طويلة عريضة مُفصَّلَة عن تاريخ الحفريات والعُمر الجيولوجى لكوكب الأرض، أو يشرح بإسهاب الأبعاد التربوية لأساليب العرض المُتخفى، ويتم كُل ذلك بصوت رخيم مع موسيقى هادئة وإضاءة مهببة تجيب العَمَى على سبيل التأثير المعنوى على قلب المُشاهد، ثُم تُفاجأ في النهاية بأنه إعلان لبان دَكَر أو غيارات لا مؤاخذة داخلية!

وأفضل إعلانات هي ما تُقدمه ڤودافون واتصالات؛ الأولى تفوَّقت بالأغنية الجديدة التي أهداها لاعبو الأهلي لجماهيرهم، وأيضًا بإعلان المارد مع الثلاثى (مدحت شلبى) والشيف (شربينى) و(شريف مدكور) مع تقديم كُل ما يخُص الكورة والطبيخ والشئون النسوية كُلٌ حسب نوع بطل الإعلان، فيما تقوم اتصالات في إعلاناتها الجديدة بمُعالجتنا من الآثار الصحية بالغة السوء المُترتبة على إعلانها الأكثر سخافة في التاريخ والذي كان مطلعه يقول "المثل بيقول اضرب عصفورين بحَجَر".. وبينى وبينك هُما فعلًا كانوا ضربوهم بالإعلان ده للأسف.. وعليه العوض!
الجريدة الرسمية