رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو.. المسحراتي على مر العصور.. بلال بن رباح أولهم.. إسحاق بن عقبة أول من طاف الشوارع ليلا.. الظاهر بيبرس يحيي المهنة أيام المماليك.. سيد مكاوي «أشهر مسحراتي».. وأرباب المهنة يتحدون الت

فيتو

حرص المسلمون على تناول طعام السحور منذ فجر الإسلام، تمسكا بالحديث النبوى الشريف «تسحروا فإن في السحور بركة»، ومنذ ذلك الوقت تعددت الطرق والأساليب لإيقاظ النائمين للسحور.


بدأ الناس منذ القدم في إيجاد طرق للتنبيه بوقت السحور، ففي عهد النبي (صلي الله عليه وسلم) يعرفون وقت السحور بآذان بلال بن رباح مؤذن الرسول، ويعرفون المنع بآذان ابن أم مكتوم.

حيث كان يطوف بلال بالشوارع والطرقات لإيقاظ الناس بصوته العذب الشجى طوال ليالى رمضان، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك: «بلال ينادى بليل فكلوا واشربوا حتى ينادى ابن أم مكتوم»، والذي كان يتولى أذان الفجر.

العصر العباسي
وعلى مر العصور ومع اتساع رقعة الدولة الإسلامية، بدأ المسلمون يتفننون في أساليب التسحير، وظهرت وظيفة المسحراتى في الدولة الإسلامية في العصر العباسى، ويعتبر والى مصر إسحاق بن عقبة أول من طاف شوارع القاهرة ليلا في رمضان لإيقاظ أهلها لتناول طعام السحور، وكان ذلك في عام 238هـ.


نساء مسحراتية
وقد شاركت النساء في عملية التسحير، ففى العصر الطولونى كانت المرأة تقوم بإنشاد الأناشيد من وراء النافذة، شريطة أن تكون من صاحبات الصوت الجميل، وتكون معروفة لدى جميع سكان الحى الذي تقطن فيه، كما أن كل امرأة مستيقظة كانت تنادى على جاراتها.


العصر الفاطمي
وفي العصر الفاطمى أمر الحاكم بأمر الله الفاطمى الناس أن يناموا مبكرا بعد صلاة التراويح، وكان الجنود يمرون على المنازل ويدقون أبوابها ليوقظوا المسلمين للسحور، وبعد ذلك عين أولو الأمر رجلا للقيام بمهمة المسحراتى، وكانت مهمته المنادة «يا أهل الله قوموا تسحروا»، وكان يدق أبواب المنازل بعصا يحملها.

العصر المملوكي
وفى عصر المماليك كادت المهنة تندثر، لولا أن السلطان الظاهر بيبرس عمل على إحيائها بتعيين صغار علماء الدين بالدق على أبواب البيوت لإيقاظ أهلها للسحور.

الناصر محمد بن قلاوون
كما ظهر «ابن نقطة» شيخ طائفة المسحراتية، وكان المسحراتى الخاص بالسلطان الناصر محمد بن قلاوون، وهو مخترع فن «القوما»، وهى من أشكال التسابيح، ثم انتشرت بعد ذلك مهنة المسحراتى بالطبلة التي كان يُدق عليها دقات منتظمة بدلا من استخدام العصا، هذه الطبلة كانت تسمى «بازة»، وهى صغيرة الحجم يدق عليها المسحراتى دقات منتظمة، ثم تطورت مظاهر المهنة وهو يشدو بأشعار شعبية وزجل خاص بهذه المناسبة.

اندثار مهنة المسحراتى
ومع دخول الكهرباء للبيوت تقلص دور المسحراتى، وبدأ الناس يسهرون ليالى رمضان في المقاهى أو أمام التليفزيون، ووصل الأمر لقيام المسحراتى بتدوين أسماء الأشخاص الذين يقبلون أن يتولى مهمة تسحيرهم، ثم يبدأ في النداء عليهم دون غيرهم.

التحدي
ولم يقبل المسحراتي الهزيمة أمام وسائل الإعلام، فاستمر في عمله، وجذبت فكرة «المسحراتى» عددا كبيرا من الفنانين والشعراء، أمثال بيرم التونسى وفؤاد حداد والفنان الراحل سيد مكاوى، الذين نجحوا بالفعل في أن ينقلوا المسحراتى من الشارع إلى شاشة التليفزيون وميكروفون الإذاعة، ليستخدموا أحدث التقنيات لإيقاظ الناس للسحور.

ومع مرور الزمن أصبحت مهنة المسحراتى أشبه بالتراث أو الفلكلور الشعبى،وإن كانت هناك بعض الأصوات المسحراتية تتردد في عدد من القري والأحياء الشعبية.
الجريدة الرسمية