رئيس التحرير
عصام كامل

من ليس معنا.. يخشى على نفسه


إذن، فلتكن جبانا ولتعلن التوقف فورا عن الكتابة وعن ممارسة أي عمل صحفي أو إعلامي خاص بالرأي.. أمامك خياران: إما أن تكون من المسبحين بالإنجازات التي يرونها هم فقط أو لتخرس في صمت ولا تلجأ حتى للغة الإشارات، فأنت مراقب، قلمك مراقب.. وحركاتك مراقبة وسكانتك مراقبة أيضا، وإن لجأت للحلم فربما وجدت بصاصين داخلك يتابعون أحلامك ويكتبون تقارير عنها !


إنها جمهورية الصمت طلبا للأمن، مطلوب من الجميع أن يخرسوا وإلا فسيكون مصيرهم هو السجن.. لن تشفع لهم نقابة الصحفيين التي لاذوا بها، لن ينفعهم تشدق النظام بحرية التعبير بينما صارت حرية التنفس محسوبة، (عمرو بدر ومحمود السقا ليسوا من أعضاء نقابة الصحفيين)، هكذا كان رد وزارة الداخلية على من انتقدوا اقتحام قوات الشرطة المصرية لنقابة الصحفيين في يوم عيد العمال في سابقة لم تشهدها مصر حتى في عهد الاحتلال الإنجليزي !

أولا.. هكذا الكلام لا يستحق الرد عليه، فمنذ متى كانت مهنة الصحافة والكتابة والتنوير حكرا على من يحملون بطاقة عضوية نقابة الصحفيين ؟!، منذ متى كان الفكر محكوما ومحدودا بمكان يأويه وبتجمع يصون له حقوقه؟!، منذ متى كان إعمال العقل يحتاج لتصريح نقابي قانوني في دولة القانون فيها يُفعل بالمزاج ويُفسر ويُطبق بالمزاج من قبل حكوماته المتعاقبة!

الحكومة تعلم جيدا أن أعدادا كبيرة ممن يعملون في صحف خاصة وحزبية وموجهة أيضا، غير مقيدين فعليا في نقابة الصحفيين وأن الأكثرية من كتاب الرأي وأصحاب الأعمدة في الصحف الحكومية الموجهة والمؤسسات الخاسرة في الدولة لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بالصحافة كمهنة وتنظيم نقابي.. لكن هؤلاء لا خوف منهم أو عليهم لأنهم رجالها ونساؤها ولا ينطقون إلا بما ترضى به..

بالمثل فإن الأكثرية من كتاب أعمدة الرأي في صحافة مصر الإلكترونية الحديثة والمؤثرين الفعليين في البقية التي تقرأ في مصر، هم كتاب مستقلون لا يتبعون مؤسسة صحفية خاصة أو حكومية.. مجرد كتاب أغلبهم متطوعون، تستعين بهم الصحف بعدما خبرت تأثيرهم في القراء وزيادة عدد المتصفحين لمواقعها !

إن كان كل هؤلاء لا ينتمون لنقابة تحميهم، فللحكومة الحق إذن أن تنكل بهم وتقبض عليهم وتقتحم ملاذ الحريات الذي يجمعهم معنويا.. للحكومة إذن الحق أن تفتش في الضمائر وتمشى في الشوارع معلنة أن من ليس معنا فهو ضدنا وعليه أن يتحمل نزقه وتهوره وبعده عن ركن السلطان ! ما هذا العبث وما تلك المؤامرات الفعلية التي ينسجها النظام حول نفسه وما هذا الكم من الكراهية لكل من يحمل فكرا مخالفا أو معارضا أو حتى وطنيا !

هل كانت جريمة عمرو بدر ومحمود السقا، الذين لم ألتق بهم ولو لمرة واحدة، أنهم كانا يدعوان للتظاهر رفضا للتنازل عن أرض مصرية استيقظ المصريون ذات صباح فوجدوها ملكا لدولة أخرى.. ثم طلب منهم رئيس الدولة أن يسكتوا ويصمتوا.. لكنهما تكلما ولم يرضخا للصمت.. أتلك جريمة؟! هل صار التمسك بمصرية الأرض جريمة.. هل صارت المصرية جريمة والوطنية أذى يلاحق من يتهم بها !

إن كانت نقابة الصحفيين لا تضم أمثال عمرو بدر و محمود السقا وغيرهم من كتاب الرأي، فنقابة عموم المصريين الوطنيين الشرفاء أصحاب الضمير تجمعهم وتشرف بهم وتتزين بوجود كل من يدافع عن الحق والعدل والحرية وحقوق الوطن.. لكِ الله يا مصر. 
FOTUHENG@GMAIL.COM

الجريدة الرسمية