رئيس التحرير
عصام كامل

مواطن ونصف مواطن!


عندما أنظر للأحزاب الدينية التي تسمي نفسها "مدنية ذات مرجعية دينية"، أتذكر مقولة شهيرة تضمنها حوار مسرحية حواء الساعة 12 لصاحبها الفنان المبدع المرحوم فؤاد المهندس، عندما قال للممثلة العظيمة شويكار: "إنتي موتي" فاستنكرت شويكار هذا القول وطلبت منه أن يخفف العبارة ويقول لها: "انتقلتي إلى الرفيق الأعلى".


وإلا فليقل لي أحدكم ما الفارق بين حزب ديني وحزب له مرجعية دينية، إلا إذا كان سيقول بيت الشعر الشهير: الأرضُ أرضٌ والسماء سماءُ.. والماء ماءٌ والهواء هواءُ، أو كمن يبذل جهدًا جبارًا ليُعَرِّفَ الماء بعد الجهد بالماء!

وفي حوار لأحد "الدينيين الجدد" من قيادات حزب النور في جريدة يومية، إذا به لا يعترض أبدًا -من فرط مدنيته- على أن تقف الدولة موقفًا جادًا وحادًا ضد الأحزاب الدينية، ولكنه يستطرد في حواره قائلاً باستغراب والدهشة تأخذ بتلابيبه: "إلا أن الجميع يجب أن يعلم أن حزب النور ليس حزبًا دينيًا.. ولكنه فقط حزب له مرجعية وخلفية دينية"! فالأحزاب الدينية عند سيادته هي الأحزاب التي تشترط في عضويتها دينًا أو مذهبًا معينًا، وهذا تعريف منقوص للحزب الديني، فضلاً عما يتضمنه من تدليس على الرأي العام يجدر بنا تصحيحه حتى لا نؤتى من الجحر ذاته مرتين.

فإذا كانت الوثائق الرسمية لحزب النور لا تتضمن نصًا مكتوبًا يشترط في أعضائه دينًا أو مذهبًا معينا، فإن مرجعية الحزب الدينية بما تتضمنه من تكفير للأديان والمذاهب الأخرى، والانتقاص من حقوق أتباع هذه الأديان والمذاهب في إقامة شعائرها الدينية، والدعوة لأديانها ومذاهبها، والترشح للمناصب القيادية في الدولة، تجعل من المستحيل على أي مواطن لا يؤمن بمرجعية الحزب الدينية المذهبية أن ينضم لعضويته طوعًا.

وإذا كان الحزب السياسي يُعَرَّف بأنه "تنظيم يضم مجموعة من الأفراد تجمعهم رؤى سياسية واقتصادية ومصالح مشتركة -وليست دينية أو مذهبية- ويهدف إلى الوصول إلى السلطة من أجل تحقيق الصالح العام"، فالذي يجعل هذا الحزب مدنيًا هو أن مرجعيته تتشكل من رؤى سياسية وأفكار اقتصادية يجتمع حولها أفراد من أديان وأعراق وألوان مختلفة، ومن ثم فهو لا يفرق بين المواطنين على أساس الدين أو العرق أو اللون، كما يعترف لهم بالحقوق والواجبات والتطلعات نفسها، المسلم عندهم كالمسيحي في كل الحقوق بما فيها كل درجات الولاية، السلفي أو الوسطي أو العليا، والمسلم والمسيحي في حقوقهما والتزاماتهما مثل أتباع باقي الأديان الأخرى، اللهم إلا إذا زعم الدينيون الجدد أنه انضم إليهم أقباط يقبلون أن تكون حقوقهم في هذا الوطن منقوصة، فيكون في مصرنا "مواطن ونصف مواطن".
الجريدة الرسمية