رئيس التحرير
عصام كامل

تحريم شم النسيم.. وتحريم الوضوء من الصنبور!


كل سنة ومصر بخير والمصريون بخير، المناسبات الدينية التي نعيشها الآن ونستعد لمناسبات قادمة بإذن الله، كل سنة قد يعتقد أن الفتاوى الغريبة التي يمطرنا بها الإعلام شيئًا جديدًا في تاريخ الإنسانية، فمنذ الفراعنة يوجد فريق لا هم له سوى الفتوى للحاكم أو صاحب الجاه، فكان الكهنة هم أصحاب الفتوى للحاكم، ولا نستطيع أن نتغافل عن دور الكهنة وهامان في الفتوى لمحاربة سيدنا موسى عليه السلام، لو قفزنا إلى العصور الوسطى المظلمة في أوروبا وما حدث في محاكم التفتيش، وتعذيب وقتل تحت مسمى الدين، فكان التخلف والجهل والاضطهاد، إلى أن استيقظت أوروبا، وفصلت تمامًا بين الدين والسياسة.


وقد عبّر الفن عن هذا في كثير من الأعمال، في فيلم "شيء من الخوف" عندما طلب المأذون موافقة العروس شادية الرافضة زواجها من محمود مرسي، ولكن الأهم من هذا في فيلم "الزوجة الثانية"، عندما حاول رجل الدين عبد الفتاح البارودي إقناع شكري سرحان بتطليق زوجته من أجل أن يتزوجها العمدة صلاح منصور، ويردد البارودي قائلاً: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم! يسخِّر الدين ويلوي عنق الحقيقة من أجل السلطة المتمثلة في العمدة، برغم أن المعنى الحقيقي لطاعة الله والرسول وولي الأمر لا علاقة له بالموقف ولا الهدف الذي يسعى إليه هذا المدلس.

في السبعينيات حدث موقفان على المستوى السياسي، مهمان، الأول هو زيارة الرئيس الراحل محمد أنور السادات للقدس، ودعوته للصلح مع الكيان الصهيوني، وأيامها اعترض البعض على هذه الزيارة، ولكن الرئيس السادات ما كان منه إلا أن جعل عددًا من رجال الدين الإسلامي والمسيحي يؤكدون أن هذا حلال ويجوز "وإن جنح العدو للسلام فلا يمكن رفض التفاوض أو رفض الصلح".

الموقف الثاني هو قانون الأحوال الشخصية والذي أطلق عليه "قانون جيهان" من منطلق أن السيدة جيهان السادات هي التي كانت وراء هذا القانون، وخرج علماء الدين الإسلامي والمسيحي لتبريره برغم أن هناك خصوصية للإخوة المسيحيين في أمور الزواج والطلاق...إلخ، الطريف أن من أيّد في السبعينيات اعترض أو تراجع في الثمانينيات، وهذا يدل على لي عنق الحقيقة من أجل إرضاء السلطة على مر السنين.

ولكن هناك مواقف طريفة بالرغم من جديتها تمامًا، حدث أن اختراع الصنبور كان له دويٌّ وكأنه "الفيس" في عالمنا الحديث، وتعميمه تم على مراحل، الأولى كانت هناك أماكن بها صنوبر يذهب إليه السقا ليأخذ الماء ويبيعه للأهالي، ولكن جاءت فكرة توصيل صنبور المياه إلى البيوت لإفراح الناس، إلا هناك طائفة صاحبة مصلحة في عدم تنفيذ هذا المشروع، وهي طائفة السقاه الذين يعتمدون على أن رزقهم في توصيل المياه إلى البيوت، فذهبوا إلى رجال الفتوى، يشكون حالهم وأن وصول المياه إلى البيوت يهدد أرزاقهم، فما كان إلا أنه صدرت فتاوى من الشافعية، والحنابلة، والمالكية بأنه لا يجوز الوضوء من مياه الصنبور ولا تصلح صلاة من يتوضأ من مياه الصنبور!

ولكن كان هناك رأي آخر لأئمة الحنفية، فقد أفتوا بأن الوضوء من الصنبور يجوز، والصلاة صحيحة، وفرح الأهالي وأصبح اسم الصنبور الحنفية نسبة إلى من أجاز الوضوء به، ربما لم يخطر للكثير منا أن اسم الحنفية يعود لأئمة مذهب أبو حنيفة.

في النهاية وبمناسبة المواسم الإسلامية والمسيحية وأكيد سنسمع كالعادة فتاوى غريبة، عن الأعياد حلال أم حرام، وتهنئة المسيحي حلال أم حرام، ونسي هؤلاء مثلاً أن سيدنا رسول الله تزوج مسيحية مصرية.

كل أصدقائي وأهلي المصريين.. كل سنة وأنتم طيبون بكل أعيادنا كمصريين.


الجريدة الرسمية