رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

التوك توك يا حكومة !


أدق تشبيه لمركبات التوك توك التي تغزو شوارع مصر وتسير بلا تراخيص أو لوحات دالة على هويتها وسائقيها، ما أطلقه صديق بأنها كـ"الصراصير" التي انتشرت بشقتك حتى بدأت تطالبك وأسرتك بالرحيل.


الحال كذلك تطبيقًا على واقع مؤلم آلت إليه أوضاع شوارع مهملة مروريًا تسودها الفوضى وسوء التنظيم ويسيطر عليها أصحاب دراجات بخارية ثلاثية الإطارات حسب وصف أوراق استيرادها، والذي لم تتخذ معه إجراءات منع من المنبع أو ترخيص على الأرض يضمن لضحايا محتملين الوصول إلى حقوقهم لدى متهمين في حوادث تكررت دون رادع قانوني، أو يضمن للدولة حقها في رسوم تراخيص أو ضرائب عن تسييرها، تاركة لمجموعة تجارية السيطرة على أكثر من 90% من سوق استيراده وبيعه وبلوغ فاتورة سوقه نحو 5 مليارات جنيه سنويًا حسب تقديرات اتحادات تجارية وصناعية.

وحسب جهاز الإحصاء، بلغ عدد مركبات التوك توك المرخصة في مصر أكثر من 74 ألف مركبة نهاية العام 2014 مقابل 2.2 مليون موتوسيكل، مشيرًا إلى عدم وجود أي "تكاتك" مرخصة في 9 محافظات هي القاهرة، بورسعيد، السويس، الإسكندرية، البحر الأحمر، الوادى الجديد، مطروح وشمال وجنوب سيناء، إلا أن البدء في تصنيعه بمصر قبل سنوات منح المناطق الريفية والعشوائية مزيدًا من الفوضى الممنهجة، ارتفعت معها معدلات الجرائم والعنف مع قيادة أحداث وأشقياء لهذه المركبات التي تعدها تقديرات بمليونى مركبة غير مرخصة، وإدارة المسجلين جنائيًا لمواقفها العشوائية، كما رفعت عدد المركبات كافة إلى 8.4 ملايين مركبة مرخصة بنهاية يونيو الماضي.

ومع تنامى المباني المخالفة في مصر بعد ثورة يناير 2011 تضاعف تأثير مركبات التوك توك على حركة النقل في ظل إهمال المحليات ضبطه وتغيبها عن مراقبة حركة البناء العشوائي، وغياب رقابة شعبية على أداء موظفيها عقب حل المجالس الشعبية المحلية وتأخر انتخاب مجالس جديدة حتى الآن.

وفى العام الماضي قرر محافظ القاهرة، حظر سير "التوك توك" بعدد 15 حيًا، لكن إجراءات المسئولين المحليين لم تمنع وجوده وسيره حتى داخل شوارع أحياء راقية، فيما ارتفعت فاتورة استهلاكه داخل المناطق الشعبية والعشوائية، ولم تظهر مأساة سائقيه إلا مع حضورهم ضحايا على أيدي شرطيين، رغم أن سائقي تلك المركبات غير المرخصة يعملون وسط تواطؤ بين من قبل أجهزة المحليات والشرطة على السواء، ويسدد ركاب السيارات فاتورة بلطجة أغلبهم في الشوارع، وتسلح كثيرين منهم بالأسلحة البيضاء والخرطوش، بخلاف قيام البعض بترويج المخدرات.

قرار محافظ القاهرة بمنع سير التوكتوك وتطبيق غرامة تصل 1500 جنيه وإيداعها صندوق التنمية المحلية بالأحياء مع اتخاذ تعهد بعدم السير بشوارع العاصمة على أصحابه، لم يسهم إلا في إشعال تعريفة ركوب التوك توك نفسه لتفوق قيمة أجرة السيارات السرفيس التي تسدد ضريبة "كارتة" ربع سنوية للمحافظة، وتناطح عدادات التاكسي الأبيض ومقابل خدمات الشركات الجديدة المنافسة له بسيارات خاصة ذات موديلات حديثة، حيث يباهى ركابه أنفسهم بأنهم يصل بهم إلى مداخل عقاراتهم.

ويبدو أن عالم التوك توك بدأ يشق طريقه نحو تأسيس حكومته الخاصة به، على غرار حكومات سيارات السرفيس والرحلات التي تجمع إتاواتها داخل عالمها الخاص ويسددها أصحاب المركبات المرخصة والمخالفة استجابة للبلطجة أو طلبًا للحماية، ولم لا، وإجراءات الحكومة تجاه التعامل مع المركبات غير المرخصة عمومًا أبطأ من "التوك توك" كما يصفها محللون اقتصاديون حينما يقارنون أداءها بمشروعات وأحلام تعلنها الرئاسة.

يتوقع خبراء مرور تحول العاصمة خلال 3 سنوات من الآن إلى جراج متحرك؛ بسبب تزايد أعداد المركبات داخلها، لكن ربما قصرت المدة التي يتحدثون عنها، مع تزايد أعداد المتعطلين ودخول ورش الحدادة ومصانع بئر السلم طرفًا في معادلة صناعة وسيطرة التوك توك على شوارع مصــر.. لننتظر أو ربما نذهب نحن ضحايا مركبات مجهولة قاتلة.
Advertisements
الجريدة الرسمية