رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

السلطة والجامعة (4)


كانت رغبة بعض الأحزاب كعادة القوى السياسية المتصارعة على السلطة في ركوب المشروع ونسبته لها في محاولة للاستئثار بمردوده الشعبى في رصيدهم السياسي كانت هذه الرغبة دافعًا للتفكير والتخطيط مليًا للوصول بسفينة الجامعة إلى بر النجاة وسط أمواج السلطة والسياسة المتلاطمة.


بقي عدو مفترض آخر وكان من القوة بمكان بحيث يستطيع أن ينسف حلم الجامعة نسفًا أن دخل في مواجهة مباشرة مع المشروع الوليد قبل أن يشتد عوده ويستطيع أن يحمى نفسه... الأزهر... كان الأزهر هو منارة العلم لقرون طويلة رغم تعرضه لجولات وسجالات مع السلطة حول حريته ودور شيوخه في الحياة السياسية في بلد يمثل الدين فيه جزءًا كبيرًا من الهوية الإنسانية قبل الوطنية...

وكانت المعركة الأخيرة للأزهر إبان الثورة العرابية قد انتهت بخروج الأزهر مؤقتًا من المعادلة السياسية بعد ما حدث لشيوخه الذين شاركوا في الثورة ومن بقى منهم آثر السلامة والبعد عن السياسة وأمور الحكم حتى ظهر الإمام محمد عبده فأعاد للأزهر كثيرًا مما فقد وأثارت أفكاره حنين تلاميذه إلى المشاركة الفعالة في تقرير مصير الأمة وتحقيق سيادتها الوطنية واستقلالها قد كان لمحمد عبده رحمه الله أكبر الأثر في نشر فكرة الجامعة بين تلاميذه وكان يتمنى أن يعيش حتى يرى مشروع الجامعة النور إلا أن المنية وافته قبل ذلك (1905) إلا أنه على النقيض من محمد عبده كان هناك على الجانب الآخر عشرات من شيوخ الأزهر المحافظين الذين يرون في الجامعة التي يسمعون عنها خطرًا داهمًا ليس على الأزهر فحسب وإنما على الإسلام نفسه مما كان ينذر بصدام وشيك مع دعاة الحرية والمدنية على النظام الأوروبي.

وهكذا كان قدر الجامعة المصرية أن تواجه رغبات السلطة ومحاذيرها حتى قبل أن ترى النور وإن كان ذلك قدر التعليم في أي بلد لم يتول فيها الشعب بحق تدبير أموره وصارت هناك فئة أو فئات من الناس ترى في الديمقراطية تهديدا مباشرا لمصالحها ويدعى حكامها أن الشعوب ليست أهلا لأن تحكم وطريق الديمقراطية أوله التثقيف الذي لا طريق إليه إلا بتعليم حقيقى وحر لا يخضع لرغبات الحكام.

المهم.. توافق المؤسسون على حلول لمعضلات احتمالات المواجهة مع السلطات المختلفة فتم تحييد كرومر مؤقتًا وتم التوافق على تزكية أحد كبار الأمراء من العائلة المالكة رئيسا شرفيا للجامعة وإن لم يتم الاستقرار على اسمه وتم الاتفاق أن يكون الاجتماع الأول بعيدًا عن الأحزاب أو بيوت المعروفين بانتماءاتهم الحزبية وساعدتهم الظروف بوجود مصطفى كامل في أوروبا -أو ربما تعمدوا عقد الاجتماع قبل عودته- فتم الاتفاق على أن يكون الاجتماع في بيت أحد القضاة واختير منزل سعد زغلول المستشار بمحكمة الاستئناف لعقد الاجتماع الأول في الساعة الرابعة من عصر يوم الثانى عشر من أكتوبر 1906 وحضر الاجتماع سبعة وعشرون من المكتتبين في المشروع وهم: سعد بك زغلول -قاسم بك أمين- مصطفى بك الغمراوى-خالد بك سعيد -محمد بك فريد -محمد بك سليمان أباظة -صادق بك أباظة -حسين بك أبو حسين -على بك فهمى -حنفى أفندى ناجى -محمود بك الشيشينى- محمد بك عثمان أباظة - زكريا أفندى نامق - د. عبد الحليم أفندى حلمى -منشاوى أفندى سيد أحمد - أخنوخ أفندى فانوس- محمد بك راسم.
Advertisements
الجريدة الرسمية