رئيس التحرير
عصام كامل

«Grazie Signor Regina»


"شكرًا، سيد ريجيني".. أقولها بالعربية والإيطالية أيضًا؛ لأعبــر عن امتناني لك، مع حزني البالغ لرحيلك بتلك الطريقة السيئة.

"سنيور ريجيني" لقد قدمت أكبر فائدة للرعايا المصرييـــن في مختلف أنحاء العالم من حيث لا تدري.. دولتهم أصبحت تهتم بهـم.. حدث هذا فجـــأة.. ودون سابق إنذار.. حكومة مصر صارت تهتم بالمصرييــن، وتهب للدفاع عنهم ضد الإساءات التي يتعرضون لها.. حتى في بريطانيا.


يا ليت هذا الاهتمام جاء مبكرًا بعض السنوات.. أيام "البهدلة"، والذل، والمهانة في كل أرجاء العالم.. الأول منه والثالث.. حتى الدول الأقل منا في كل شيء اعتادت على ظلم المصريين، وكثيرًا وقعت حوادث في منتهى السوء لمصريين في الخرطوم وغيــرها، دون أن يرمش جفن لمسئول مصري واحد.

بعد ما عانيناه من ضغوط هائلة في قضية مصرع الشاب الإيطالي "ريجيني"، انطلقت ألسنة كل المتحدثين الرسمييــن باسم "الخارجيــة، والهجرة، والرئاسة، وغيرها لتدلي بدلوها في حادث مقتل الشاب المصري.

قبــل واقعة "ريجيني" وقعت عشرات الحوادث لاضطهاد وإهانة مصرييــن في مختلف دول العالم.. لم يكن أسوأها دهس الشاب المصري الذي كان يعمل في السعودية وليد حمدي، حيث قام 4 سعوديين بدهسه والتمثيل بجثته على الطريق العام وسط سير حركة المرور.. وفي 6 أكتوبر الماضي تعرض العامل المصري خالد عثمان، لاعتداء مهين في أحد مطاعم الأردن بمنطقة العقبة، على يد أحد أشقاء نائب برلماني أردني وعدد من مرافقيه.. النائب يدعى زيد الشوابكة، وشقيقه، حضرا للمطعم وطلبا «أوردر» ثم طلب شقيقه من أحد العاملين في المطعم أن يجهز له طلبه في وقت سريع، وعندما رد عليه عامل المطعم بأنه جار العمل عليه، رد شقيــق النائب قائلًا: «يالا امشي هاته بسرعة»، بطريقة مهينة.. وعندما شعر شقيق النائب بتأخر الطلب، قال: «انتوا ليش بتتكلموا من مناخيركم؟ امشي هات الأوردر زي الكلب»، وفي اليوم التالي جاء النائب الأردني إلى المطعم، وطلب منه أن يحترم نفسه وأهل البلد الموجود فيه، لكونه غريبًا، وأثناء الحديث، قام أحد مرافقي النائب بضرب العامل المصري، وقام آخر بضربه والاعتداء على عامل آخر في المطعم».

وفي ليبيا، لقي عامل مصري في محل ملابس، مصرعه، عندما رفض رد بضاعة لأحد العملاء، ونشوب مشادة كلامية بينهما، تطورت إلى إطلاق العميل النيران على المصري حتى لقي مصرعه في الحال.

في الكويت، قام أفراد الشرطة الكويتية بالاعتداء على مصري بالضرب، بسبب توجهه إلى قسم الشرطة للإبلاغ عن حادث مروري.

أما في السودان، فقد أقدمت الشرطة السودانية على الاعتداء على 4 عمال مصريين في الخرطوم بالأسلاك الكهربائية.

كما أظهر مقطع فيديو تداوله نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، في يناير الماضي، اعتداء شرطي سعودي على أحد المواطنين المصريين، أمام «فندق الشهداء» بالسعودية، وكشف الفيديو تعرض المواطن لإصابات جسيمة في أنحاء متفرقة من جسده.

وفي اليونان، تعرض عامل مصري للتعذيب والضرب، على يد رئيسه اليوناني صاحب المحل الذي يعمل به، وتم حجزه في أحد العقارات وتناوب الضرب فيه، وتعرض لأبشع أنواع الضرب والتعذيب، مع ربطه في شجرة يوم كامل، ولم تلق السفارة المصرية بالًا للحادثة.

وفي السعودية احتجز جثمان عامل مصري يدعى على حسين الدسوقي، داخل مستشفى بمكة في إحدى ثلاجات الموتى لعدة أيام، ورفض الكفيل دفن الجثمان إلا بعد إرسال أهله توكيلا بالتنازل عن جميع مستحقاته المالية.

وفي نوفمبر 2014، احتجز جثمان الشاب المصري أحمد كمال 15 يومًا بعد وفاته في مستشفى بالسعودية دون دفنه، لعدم قدرة المقربين منه على دفع فاتورة المستشفى وهى 93 ألف ريـال، بعد أن تعرض لحادث طريق ليدخل المستشفى ويظل بداخلها جثة هامدة لعدم قدرة أصدقائه على صرف تكاليف علاجه الذي استغرق أسبوعًا بعد الحادث ليلفظ بعدها أنفاسه الأخيرة.

وفي 2010 اتُهم شاب مصري بلبنان بقتل طفلين وجدتهما، وتم إلقاء القبض عليه.. وأثناء نقله في سيارة الشرطة هاجم سكان قرية "كترمايا" جنوب شرق بيروت، الشاب وأخرجوه بالقوة من السيارة، وانهالوا عليه بالضرب وأصابوه إصابات بالغة.

ونقلت قوات الأمن الشاب إلى أحد المستشفيات للعلاج، إلا أن الأهالي لحقوا به وهاجموه في المستشفى، وأجهزوا عليه، وربطوا جثته بسيارة، وتوجهوا بها إلى بلدتهم بعد تجريده من ملابسه، وعلقوا جثته على عمود كهرباء في ساحة البلدة، تحت أنظار رجال الشرطة الذين وقفوا يتابعون المأساة عاجزين.

هذا هو التقدير الحقيقي للمصريين لدى حكومات بلدهم المتعاقبة، لولا وفاة السيد "ريجيني"، ورؤية تصرفات الدول التي تحترم كرامة رعاياها.. نتمنى ألا تنسى حكومة مصر، وتعود بعد فترة إلى عادتها القديمة.. قولوا "يارب".
الجريدة الرسمية