رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور.. المصريون يرددون الأمثال الشعبية منذ أيام الفراعنة

فيتو

 يردد المصريون العديد من الأمثال الشعبية والمصطلحات التي تداولها الفراعنة، إلا أن الكثيرين ممن يستخدمون تلك الأمثال لا يعرفون شيئًا عن تاريخها.


 ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻟﺤﻤَّﺎﻡ مش ﺯﻱ ﺧﺮﻭﺟﻪ
 ذات يوم اﻓﺘﺘﺢ ﺃﺣد ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺣﻤﺎﻣًﺎ شعبيًا ﻭﺃﻋﻠﻦ ﺃﻥ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻟﺤﻤﺎﻡ ﻣﺠﺎﻧًﺎ، ﻓﺒدﺃ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳذﻫﺒﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﻫذﺍ ﺍﻟﺤﻤﺎﻡ، ﻭﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻟﻢ ﻳﺄﺧذ ﺻﺎﺣب ﺍﻟﺤﻤﺎﻡ ﻣﺎﻻً ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻨد ﺩﺧﻮﻟﻬﻢ، ﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎﻥ ﻋﻨد ﺧﺮﻭﺝ ﺍﻟﺰﺑﺎﺋﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻤﺎﻡ ﺤﺠﺰ ﻟﻬﻢ ﻣﻼﺑﺴﻬﻢ ﻭﺮﻓض ﺗﺴﻠﻴﻤﻬﺎ ﻟﻬم ﺇﻻ ﺑﻤﻘﺎﺑﻞ ﺩﻓﻊ ﻣﺒﻠﻎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﻝ، ﻓﺜﺎﺭ ﺍﻟﺰﺑﺎﺋﻦ ﻳﺤﺘﺠﻮﻥ ﻗﺎﺋﻠﻴﻦ: ﺃﻟﻢ ﺗﻘﻞ إﻥ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻟﺤﻤَّﺎﻡ ﻣﺠﺎﻧﻲ؟ ﻓﻜﺎﻥ ﻳﺮﺩ ﻋﻠﻴﻬﻢ: ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻟﺤﻤﺎﻡ هو بس اللي مجانا ﻣش ﺯﻱ ﺧﺮﻭﺟﻪ!

 «إنت على راسك ريشة»

 دائمًا ما نقولها للأشخاص الذين يتعدون كل القوانين والأعراف المتبعة ولا يريدون المحاسبة، والريشة هنا يقصد بها إلهة الحق والعدالة والقانون والتوازن والنظام في مصر القديمة «ماعت»؛ حيث إنها تمثل بهيئة سيدة على رأسها ريشة، وتسمى «ريشة ماعت»، وأحيانًا يرمز لها بالريشة فقط.

 كان لها قوانين يطلق عليها المبادئ الـ42 للنظام، وكانت مطاعة من قبل الملك والشعب منها على سبيل المثال «أنا لم أقتل ولم أحرض أي أحد على القتل، أنا لم أرتكب الزنا أو الاغتصاب، أنا لم أنتقم لنفسي ولا أحرق مع الغضب على سبيل الانتقام، أنا لم أتسبب في الإرهاب، أنا لم أعتدِ على أي أحد ولا أسبب الألم لأحد».

 فكانت ريشتها أعلى شيء في محكمة الآخرة، وتحتل مكانًا مميزًا؛ فهي التي ستحدد إذا كان ما فعله الميت في دنياه من حياة صالحة سوية مستقيمة تتفق مع «الماعت» أم كان جبارًا عصيًا ولا يؤتمن، فإذا رجحت كفة الريشة فإن أعماله صالحة ويستحق الآخرة لأنه كان يسير تحت قوانين الماعت (القانون والتوازن والنظام)، وأما إذا رجحت كفة القلب فإنه يذهب إلى الفناء.

 فمقولة «على رسك ريشة» هو تشبيه بآلهة الحق والعدل (ماعت)، فيقصد بها بذلك كمن يقول: «هل أنت وضعت نفسك محل آلهة الحق والتوازن والنظام والعدل حتى تكون أعلى من الكل دون محاسبة؟».

 ﺍلأﻭﻧطجي ﻭﻣﺎﺳﺢ ﺍﻟﺠﻮﺥ
 «فلان ﺑيأﻛﻠك ﺍﻷﻭﻧطة»، ﻭ"ﺍﻷﻭﻧطﺔ" ﻛﻠﻤﺔ ﺃﺻﻠﻬﺎ ﻳﻮﻧﺎﻧﻰ «ﺃﻓﺎﻧﺘﺎ» ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺣﻴﻠﺔ، ﻭ«ﺍﻷﻭﻧطجي» ﻫﻮ ﺍﻟﺸﺨص ﺍﻟذي ﻳﻤﺘﻠﻚ ﺃﻛﺒﺮ ﻗدﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﻞ ﺍﻟتي ﺗﺴﺎﻋدﻩ ﻋﻠﻰ خداع ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻣﻦ ﻣﺸﺘﻘﺎﺗﻪ ﺍﻟﺸﺨص ﺍﻟذﻯ ﺍﺷﺘﻬﺮ ﺑﺄﻧﻪ «ﻴﻤﺴﺢ ﺟﻮﺥ»، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺸﺨص ﺍﻟﺬﻯ ﻻ ﻳﻤﻠك ﺣﻴﻠﺔ ﺇﻻ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ، حيث يستخدم ﺘﻌﺒﻴﺮ «ﻤﺴﺢ الجوﺥ» للإﺷﺎﺭة إﻟﻰ ﻣﻦ ﻳﺘﺰﻟف ﺃﻭ ﻳﻨﺎﻓﻖ ﺸﺨصًا ﺫا ﻣﻜﺎنة ﻣﺮﻣﻮقة ﻭﺫا ﺣﺴب ﻭﻧﺴب.

 أﻣﺎ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﺘﺴﻤية ﻓـ«اﻟﺠﻮﺥ» ﻫﻮ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻤﺎﺵ ﺍﻟﺼﻮﻑ (ﻣﺨﻤﻞ)، ﻭﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺗﺮﻛﻴﺔ ﻭ«ﺍﻟﺠﻮﺧﺔ ﺩﺍﺭ» ﻣﺼطﻠﺢ ﻳُطﻠﻖ ﻋلى ﺍﻟﺸﺨص ﺍﻟذﻱ ﻳﻘﻮﻡ ﻋلى ﺧدﻣﺔ ﺍﻟﺴﻠطﺎﻥ ﻓﻲ ﺇﻋدﺍﺩ ﻭﺗﻨظﻴف ﻭﺗﻠﺒﻴس ﺍﻷﺣذﻳﺔ، ﺛم ﺗﻮﺳﻊ ﺍﻟﻤﻌﻨى ﻭﺷﻤﻞ ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻣﻮﻥ ﺑﺈﺳدﺍﻝ ﺍﻟﺴﺘﺎﺋﺮ ﻭﻓﺘﺤﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺮﺍﻱ ﻭﻗﺼﻮﺭ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭء، ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻠﺒﺴﻮﻥ ﺍﻟﺠﻮﺥ ﻓﻘد ﺃﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻻﺳم ﻣﺸﺘﻘًﺎ ﻣﻤﺎ ﻳﻠﺒﺴﻮﻥ، ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺠﻮﺥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻤﺮﻭﻥ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﻛﺐ ﻭﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻻﺕ ﻛﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻳﻨﺔ ﻭﺍﻟﺒﻬﺮﺟﺔ ﻭﺇظﻬﺎﺭ ﺍﻟﺜﺮاء، ﻭﺍﺷﺘﻬﺮﻭﺍ ﺑﺎﻟﺘﻤﻠﻖ ﻟﻠﺴﻠطﺎﻥ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺘﺮﻛﻮﻥ ﻣﻨﺎﺻﺒﻬﻢ، ﻭﻗد ﺍﻟﺘﻘط ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﺃﻭ ﺻﻨﺎﻉ ﺍﻟﻔﻠﻜﻠﻮﺭ ﺍﻟﻤﺼﺮﻱ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻟﻜﻲ ﻳﺼﻮﻏﻮﺍ ﻣﻨﻪ ﻣﺼطﻠﺢ «ﻣﺴﺢ ﺍﻟﺠﻮﺥ» ﻛدﻻﻟﺔ ﺭﻣﺰية إﻟﻰ ﺍﻟﺘﻘﺮﺏ ﻟﺼﺎحب ﺍﻟﻤﻨﺼب ﺑﺎﻟﺘﻤﻠﻖ.

 «طاسة الخضة»
 يتطور العلم وتتقدم الحياة وتصل التكنولوجيا الحديثة إلى كل البيوت المصرية، ولا يزال الصعيد متمسكًا بعاداته وتقاليده، لا يخلو بيت في الصعيد من «طاسة الخضة»، ذلك الموروث الشعبي القديم، يتوارثها الأبناء عن أجدادهم ويورثونها لأبنائهم وأحفادهم، لا علاج لمرضى التسمم والصرع ولسعات الحيوانات والحشرات إلا بـ«طاسة الخضة»، اعتقاد منذ مئات السنين لم يتعير ولن يتغير.

 و«طاسة الخضة» إناء من النحاس الأحمر محفور عليه تعاويذ، ونقوش لصور طيور وآيات من القرآن الكريم «آية الكرسي والمعوذتين وسورة الإخلاص»، ويوجد حول الإناء دلايات تحمل أربعين قطعة معدنية رقيقة من الصفيح، هذه طاسة الخضة التي لا يعرفها كثيرون من سكان القاهرة والمدن المختلفة، يُوضع بطاسة الخضة ماء أو لبن وبضع ثمرات من التمر، وتُعرض للندى، ثم يشرب المريض محتواها لاعتقاده بأنها تشفي العليل من أمراض بدنية ونفسية وتطرد الأرواح الشريرة وتحمي من الحسد، ويعتقدون أنها تعالج الأمراض المستعصية وتطرد الأرواح الشريرة.

 وما زالت بعض البيوت في الصعيد تحتفظ بطاسة الخضة للبركة ولتقديمها لمن يطلبها، ولا يقتصر الأمر على المسلمين فقط، بل إن المسيحيين أيضًا يؤمنون بها ويحرصون على شرائها، وحسب الباحث عبد المنعم عبد العظيم، مدير مركز الصعيد للتراث، فإن سكان القاهرة أيضًا يبتاعونها من خان الخليلي وقدامى النحاسين.

 ويكشف «عبد العظيم» أن أشهر "طاسة خضة" موجودة في المتحف الإسلامي، وهي طاسة السلطان عز الدين أيبك التركماني، وفي مقبرة توت عنخ آمون وجد إناء من المرمر يشبه طاسة الخضة محفور عليه رموز هيروغليفية تتضمن أدعية للملك وتعويذة لحفظه.

 علواني العبادي، مزارع، لديه أشهر طاسة خضة في الأقصر، ورثها عن جد جده وعمرها يقترب من 120 عامًا وقال: «أخبرني جدي أن جده اشتراها من الحجاز، الناس كلها تاخدها للتبارك بها، واستعانت بها سيدة مسيحية لعلاج صرع ابنتها بعد أن فشل الأطباء في تشخيص وعلاج حالتها».

 شيخ البلد
 «شيخ البلد» هو الاسم الشائع لتمثال خشبي لموظف كبير اسمه الحقيقي هو «كا-أبر»، عاش في عصر الأسرة الخامسة، وعمل كاهنًا قارئًا رئيسيًا مسئولًا عن تلاوة الأدعية للمتوفى بالمعابد والمقاصير الجنائزية.

 وقد بنى «كا-أبر» مقبرة له في سقارة، قريبة من هرم الملك «أوسر كاف»، وعندما نقَّب الأثري الفرنسي أوجست ماريت في المقبرة عام 1860م، وعثر عماله على التمثال الخشبي؛ أذهلهم الشبه الكبير بين التمثال وشيخ قريتهم، فأعطوه اسم «شيخ البلد» الذي لا يزال يعرف به إلى اليوم.
الجريدة الرسمية