رئيس التحرير
عصام كامل

فلنسأل تيران وصنافير


كي تطمئن قلوبنا؛ بعدما تضاربت المعلومات وكثرت الأقاويل؛ أنتظر من أساتذة التاريخ والجغرافيا والآثار والأنثروبولوجي بحثًا جادا في الحدود المصرية وأرضها وما تحوي، عن حضارة سبعة آلاف سنة وجغرافية بلد سبقت كل الحضارات، فعلمنا أن قامت هنا أول دولة وأول حكومة مركزية منذ وحدها مينا وأنها صاحبة أول أسطول بحري في العالم وأن تجارتها امتدت جنوبًا وشمالًا من بلاد بنط في عهد الملكة حتشبسوت وحتى بلاد الهند والسند وحتى أبعد من ذلك إلى أن ظنوا أن الفراعنة أول من وصل أمريكا الشمالية وقبل كريستوفر كولومبوس بآلاف السنين مستدلين على ذلك بوجود الأهرامات هناك، ولذلك يصعب تصور أن مصر الحضارة العريقة صانعة قناة سيزوستريس تركت جزيرتي تيران وصنافير وهما يبعدان عنها بضعة كيلومترات والأقرب لشواطئها منها لأي شواطئ أخرى..


مصر التي عاشت على ضفاف النيل وركبته شمالًا وجنوبًا في وقت لم يكن لمملكة الصحراء؛ المملكة العربية السعودية؛ وجود على وجه الأرض ولا حدود قبل أوائل القرن العشرين من الأساس، والتي كانت أشهر سفنها "الجمل سفينة الصحراء" نشأت ونشأت حدودها بلملمة أراضي مجموعات القبائل المتناثرة المتنافرة ولم يكن لها كيان موحد أبدا قبل أن تسمى بهذا الاسم، وصنع مؤسسها هذا الكيان بصلاته بهذه القبائل بأن تزوج بناتهم فتداخلت الأعراق وصنع منهم دولة تحمل اسم أسرة.

فالسؤال "هل فعلًا لم تصل مصر مع كل هذا قبلا إلى تيران وصنافير؟"

فحدود ما يقع تحت سلطة الخلافة الإسلامية من دول لم تختلط مع بعضها البعض من بداية حكم عمر حتى آخر خليفة عثماني في عام ١٩٢٢.

وماذا عن حدود مصر في خريطة الدولة العثمانية لعام ١٩٠٦؟

عمومًا نحن على يقين من أن كانت الجزيرتان تحت السيادة المصرية حتى احتلتهما إسرائيل مع ما تم احتلاله من أراضي مصرية في ١٩٦٧ ثم عادت إلى مصر مع باقي أراضيها بموجب معاهدة السلام.

نريد أن تطمئن قلوبنا، فلا تستفتوا في ذلك أحدًا ولكن اسألوا التاريخ اسألوا العلم واسألوا أرض تيران وصنافير ذاتيهما فهل ينبئكم مثل خبير؟ وأؤكد أنهما إذا كانت، فلن يخلو شبر من ترابهما من أثر من الآثار المصرية القديمة.

هذا ليس طعنًا في أحد لا سمح الله ولا رفضًا للجسر وباقي المشروعات المتعلقة بالعكس نريد فقط أن تطمئن قلوبنا بأن مصر تحصل على أكبر الأنصبة بما يتناسب مع أحقيتها في المكان وأن تحتفظ لنفسها بالسيادة وبحقها التاريخي، وكي نقطع الطريق على كل مدعي.

وكي نقطع الطريق على من سيرد قائلا إذا كان فلنطالب بحقنا في أوروبا، يوغوسلافيا والأناضول وسوريا والسودان والحجاز نفسها اقول: الكلام ليس على حدود ليست تحت سيطرة مصر لكن على حدود بالفعل تحت سيطرة مصر فماذا يعنينا في أن نبحث وأن ندقق في البحث عن حقنا التاريخي فيها قبل توزيع الأنصبة؟
الجريدة الرسمية