رئيس التحرير
عصام كامل

الجزيرتان


لا أريد أن أتحدث عن ملكية جزيرتي "تيران وصنافير"، ولكن فقط أريد أن أسأل لماذا فُتح هذا الملف بعد هذه المدة الطويلة وتعاقب الرؤساء ؟

نعم الجزيرتان يقعان في حدود المملكة العربية السعودية، ولكن هذه ليست المشكلة، فالمشكلة لماذا أثير هذا الموضوع ؟ وبالطبع في حالة الحرب ليس كل ما يُعرف يُقال أو بمعنى أدق غير صالح للتداول الإعلامي.. فالجزيرتان تحت السيادة المصرية وسيظلان تحت سيادة مصر.. فلماذا لم يتم طرح موضوع الجسر الذي سيربط مصر بالسعودية فقط؟ وبالطبع كان لابد أن يتهيأ الرأي العام لأهمية هاتين الجزيرتين بمضيقهما وهما اللتان تعتبران الممر الوحيد لإسرائيل على البحر الأحمر.. وإذا تم الحديث عن الجسر فقط فستكون مصر قد صنعت ممرًا للسيارات وغيرها من الوسائل اللوجستية..

وطبقًا لاتفاقية "كامب ديفيد" فإن هاتين الجزيرتين منطقة منزوعة السلاح ولأن سيناء قد اخترقت فيها هذه الاتفاقية وأصبح هناك قوات في سيناء ومناطق عسكرية وهذا بالطبع لما استعدته حالة الحرب في سيناء؛ ولأن هذا الممر هو ما تبقى من الاتفاقية فبناء جسر سيتطلب قوات عسكرية لحمايته، وهو ما يهدد أمن إسرائيل بالطبع.

وكان لابد أن يصدر للرأي العام أهمية بناء هذا الجسر وتاريخه ولماذا أهداه الملك فيصل للملك فاروق لوضع حماية عليه من القوات البحرية المصرية في مواجهة إسرائيل؛ لأنه الطريق الوحيد لميناء إيلات وقد احتلته إسرائيل بالفعل سنة 1967 وتم استرجاعه سنة 1979 ويعتبر إنشاء الكوبرى تهديدًا لإسرائيل اقتصاديًا أيضًا لأنه سيؤثر فى صادراتها النفطية من ميناء إيلات.

كل هذا جميل ولكن أن يتم استرجاع الجزيرتين للسعودية بحجة أن ليس لديها معاهدة "كامب ديفيد" تقيد حريتها في بناء قواعد عسكرية هناك شىء غير مقنع للرأي العام وسيثير مشكلات بين المصريين.. فلماذا لا يبقى الوضع كما هو عليه وتكون الجزيرتان تحت السيادة المصرية أو بوجود قوات مشتركة مصرية وسعودية ونتكلم فقط عن الجسر وأهميته الاقتصادية ولحماية حدود البلدين من الإرهاب؟!!

نعم أقدر موقف الرئيس عبد الفتاح السيسي فهو رجل عسكري في المقام الأول ويعرف جيدًا ماذا يقول وماذا يخفى وبماذا يصرح فهناك أسرار عسكرية لابد أن تكون في الخفاء، ولكن السؤال هل نحن نقترب من حالة حرب صريحة مع إسرائيل؟ أم هي مناوشة للتلميح لإسرائيل بأننا نعرف كل ما تديره من أعمال إرهاب في المنطقة أو بمعنى أدق هي حرب باردة مع إسرائيل متمثلة ظاهريًا في حقنا في عمل كل شىء للحرب ضد الإرهاب وما يضمن حماية الحدود والأراضى المصرية والسعودية.

ولكن الحرية الزائدة للإعلام والاصطياد في الماء العكر من بعض الجماعات والشخصيات العامة والتي تبحث عن دور سياسي تحت الأضواء سيؤثر سلبًا فى الرأي العام وسيثير شكوكًا وقلاقل.

فهناك من الملفات الكثيرة المتشابهة لو فتحت لكان هناك حروب بين كل الدول العربية فيما بينها، وبالطبع سيكون هذا لصالح إسرائيل، كما حدث في حرب العراق على الكويت، ومن يريد إثارة المشكلات عليه أن يبحث سيجد الكثير والكثير فليس كل حق يُطالب به.

لذلك لابد من قفل هذا الملف ويكون الحديث فقط عن بناء الجسر ومنافعــه الاقتصادية لمصر... ولك الله يا مصر حماك الله ورعاك.
الجريدة الرسمية