رئيس التحرير
عصام كامل

صور مهزوزة


مع كل الصور والمشاهد التي تتراءى أمامنا على الساحة الداخلية للاتجاه بمصر -البلاد والعباد- نحو التقدم والارتقاء بمستوى المواطنين، ومنها افتتاح المرحلة الأولى من سحارة سرابيوم لنقل المياه إلى سيناء لري 100 ألف فدان، والإعلان عن طرح 500 ألف وحدة سكنية بأسعار مناسبة في ربوع مصر، والعمل الجاد في إقامة العاصمة الإدارية الجديدة، ليضاف كل ذلك للإنجازات الكبيرة التي تحققت خلال السنتين الماضيتين.


تترافق مع هذه الصور المضيئة، صور ومشاهد ومظاهر أخرى، أقل ما يقال عنها إنها "مهزوزة وباهتة ومشوهة" وبكل التأكيد مرفوضة.

*حتى الآن، لم يرتق الأداء البرلماني للمستوى المطلوب والمأمول، في الرقابة والتشريع، ولم يتم تشكيل اللجان البرلمانية المختلفة بسبب التحالفات والاتفاقات وتوزيع المناصب بين الكتل والأحزاب والنواب، وكل ما قام به السادة النواب مؤخرًا تقديم 250 بيانًا عاجلًا حول المشكلات التي تعاني منها دوائرهم وعلى رأسها نقص الخدمات، وأيضًا الحصول على توقيعات السادة الوزراء على طلبات أبناء الدوائر.

*ومما يؤسف له أن قضية "أخطار فيس بوك" فرضت نفسها فرضًا على جدول أعمال السادة النواب ودعوتهم لإصدار مشروع قانون للجريمة الإلكترونية، دون التطرق إلى قضايا التعليم والأمية والزيادة السكانية وغيرها من قضايا ومشكلات المجتمع التي لم يفتح أي نائب أي حوار حولها!

*وإحقاقًا للحق، فقد قام عدد من النواب بزيارات ميدانية لبعض المناطق، خاصة الحدودية، للتعرف عن قرب على مشكلاتها ورغبات أهلها، وهذا جهد مشكور لهم.

*تتواتر الأخبار والتصريحات والأقوال، منذ عدة أشهر عن مصالحة بين الدولة وجماعة الإخوان، وتظهر بين الحين والآخر دعوة تلو أخرى لتلك المصالحة، التي ترفضها أرواح الشهداء من المدنيين وضباط وجنود القوات المسلحة ورجال الشرطة، والتي تصرخ أمام الله عز وجل أن ينتقم من قاتليهم على الأرض، وكذلك يرفضها جُل الشعب المصري الذي انكوى بنار الإرهاب وأعمال الإرهابين من تقتيل وتخريب وتدمير.. والمسئولون صامتون لا يصرحون ولا يعلنون حقائق الأمور!

*ومن المحزن أنه في الوقت الذي تخوض فيه قواتنا المسلحة ورجال الشرطة حربًا ضروسًا ضد الإرهاب خاصة في سيناء، ويسقط بعض أبناء مصر بين شهيد ومصاب، يقوم مسئولو محافظة الإسكندرية -التابعة لجمهورية مصر العربية- بتعيين أحد زعماء تنظيم الجهاد الذي هدد يومًا ما بحمل السلاح ضد الجيش المصري، في منصب مساعد رئيس أحد الأحياء.. وإن كان محافظ الإسكندرية قد ألغى قرار التعيين بعد احتجاجات شعبية فإن علامات التساؤل والتعجب والمرارة لا تزال قائمة.

* لم يدرك السادة التنفيذيون ردود أفعال المواطنين إزاء قرارات رفع أسعار الخدمات بصورة استفزازية، وكاتب هذه السطور من المطالبين باستبدال الدعم العيني بالدعم النقدي، وتقديم السلع والخدمات المختلفة بأسعارها الحقيقية، غير أن قرار رفع سعر استهلاك المياه مثلًا بأكثر من 200% في غضون ستة أشهر أمر لا يجيزه عقل ولا يقبله ضمير، ويؤكد عدم إدراك المسئولين قاعدة "اتخاذ القرار المناسب في الوقت الملائم" وأن تكون قرارات رفع الدعم بصورة تدريجية وليست "لى ذراع" للمواطن، خاصة أنه تم رفع أسعار الغاز وفي الطريق أسعار الكهرباء.. فهل سيتحمل "الغلابة" وغيرهم كل هذا الغلاء!

* وأخيرًا.. يخشى المرء من اتفاق البرلمان والحكومة على الشعب الذي سيقع بين مطرقة السلطة التشريعية وسندان السلطة التنفيذية، ولا يبقى له سوى الدعاء لله أن يرحمه من هذا العذاب.
الجريدة الرسمية