رئيس التحرير
عصام كامل

المهرجانات السرية لتنشيط السياحة


في الحقيقة ترددت كثيرا في الكتابة عن مهرجانات هيئة تنشيط السياحة المصرية مؤخرا، لأسباب كثيرة أهمها أننى من المدركين لأهمية تلك الأحداث في الترويج لأى مقصد سياحي، دول كثيرة مثل إسبانيا، فرنسا، ألمانيا، تونس، الإمارات العربية المتحدة تعتمد عليها، وتقوم بتسويقها في الأسواق المصدرة للسياحة، وذلك من خلال شركات متخصصة في هذا الشأن أي أنها مصدر دخل للسياحة قبل أن تكون عنصر ترويج، بالإضافة إلى أنها تحقق عنصر الجذب لقطاع كبير من المهتمين بها ولقناعتي بأنها تملك جمهورا يرغب دائما في حضورها من أجل الاستماع والمشاركة، وتخلق تفاؤلا في أوساط المجتمع المحلى..


وفى تسعينات القرن الماضى استطاعت جمعية مستثمرى جنوب سيناء برئاسة محمد نسيم وأنطوان رياض وحسين سالم وهشام على ومحمد الجافى وغيرهم من رجال الأعمال بشرم الشيخ إقامة مؤتمر ومهرجان بعنوان "سينا.. تعالى شوف بنفسك" حضره أكثر من من 700 صحفي ومراسل من مختلف بلدان العالم، نجاحه كان سببًا رئيسيًا في وضع حجر الأساس لتسويقها وتقديمها للعالم بشكل رائع..

حققت السياحة في شرم الشيخ عقب هذا المهرجان طفرة عظيمة ووضعها في مصاف المنتجعات السياحية العالمية، بخلاف ما نحن عليه الآن حيث تحولت أفكار عظيمة إلى أعمال سرية بسبب انعدام الرؤية في التنفيد والإشراف من قبل "علية القوم" بهيئة تنشيط السياحة، وتدهورت أحوال سياحة المهرجانات حتى أصبحت الهيئة ملطشة لكل من هب ودب وتحولت المهرجانات إلى افتكاسات..

ففى حالة الانحسار الذي تشهده السياحة المصرية تقام حفلات لعاصى الحلانى وغيره من المطربين وصل أجره فيها إلى 30 ألف دولار من الهيئة وهنا نتساءل من منا وصل إلى علمه ذلك؟

وهنا نجيب..ل أنها حفلات لا يتم الترويج لها ولا يسمع عنها أحد، وبالتالى لا تحقق المرجو منها، حسب ما قيل، هناك أحد رجال الأعمال في شرم الشيخ حصل من هيئة تنشيط السياحة على ما يزيد على 5 ملايين جنيه قيمة حفلات وكأنها سبوبة، او تكية..

بالإضافة إلى بعض المهرجانات التي تسيئ إلى تاريخ مصر، فلقد قرأت تصريحا لسامى محمود رئيس الهيئة عن مهرجان بعنوان "مهرجان نفرتيتي للأزياء الفرعونية ".. وفى الحقيقة استوقفنى ما جاء على لسانه بهذا الصدد مما حفزنى لمتابعة تعليقات بعض رجال الأعمال وخبراء السياحة عنه فكانت صادمة..

فمثلا نسأل السيدة نورا على عن عائد دعم هذا الحدث من قبل هيئة تنشيط السياحة وقيمة الدعم؟

وهنا أقول لها: إن هيئة تنشيط السياحة لا يشغلها أي عائد لها أو للسياحة عموما، أما قيمة الدعم فلقد وصل إلى 500 ألف جنيه وهذا في وقت تعاني العمالة المدربة في القطاع عجزا شديدا في تسديد التزاماتهم، وأصحاب الأعمال تتراكم عليهم الديون وفواتير الكهرباء والمياه والصيانة، وتعانى المجتمعات المحلية الحاضنة للسياحة في الأقصر وأسوان والبحر الأحمر وخليج العقبة وسيوة والوادي الجديد من التهميش ونقص الخدمات كما يعانى المرشد السياحى من القهر بسبب البطالة التي فرضت عليه..

ثم يحدثنا رئيس الهيئة عن أزياء نفرتيتي الفرعونية ويعتبرها دفعة للسياحة في الأقصر وهو لا يعلم أن الحدث لن يشاهده سوي نفر من الناس وقبله مؤتمر صحافي يتحدث فيه عن ذكرياته في اليابان وجولاته في الخليج وأحلامه في الوطن العربي..

وهنا يجب أن نتساءل عن اللوائح الداخلية لهيئة تنشيط السياحة والمعايير التي على أساسها يتم دعم وتنفيذ هذه المهرجانات والأحداث السياحية؟ وهل تملك الهيئة آلية تقييم مثل هذه الأحداث؟

أسئلة كثيرة طرحت نفسها لكن السؤال الأهم.. كيف يترك الحبل على الغارب لبعض الشخصيات في هيئة تنشيط السياحة لإنفاق عشرات الملايين على أحداث وفعاليات لا يتم الترويج لها وبالتالي تتحول إلى أعمال سحرية أو سرية لا تجدي نفعا في إعادة الحركة السياحية لمصر في وقت تمارس الدولة المصرية سياسات ترشيد الأنفاق نظرا لعجز الموازانة العامة..

يا سادة، إن ما يحدث من انعدام للرؤية في سياسات هيئة تنشيط السياحة يخلق حالة احتقان مجتمعي داخل أوساط العاملين بالسياحة وهذا خطر قادم..
الجريدة الرسمية