رئيس التحرير
عصام كامل

سيادة اللواء اطمئن «مفيش أحضان في الشارع»


لم يكن الأمر يستحق تلك الضجة المصطنعة، سيادة اللواء الذي صرح بأن أي فرد سيشارك في يوم الحضن سيتم القبض عليه كان الأولى أن يتجاهل الدعوة التي أطلقها البعض على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" وهي دعوات تكررت وستتكرر ولن ينفذ منها شيء لكن ليس لتصريح سيادة اللواء ولكن لأنها غير قابلة للتطبيق.


أريدك أن تشاهد مقدمة فيلم الحريف التي كتبتها أمينة جاهين وسجلها أحمد زكي بصوته لتلخص لك المشكلة، أو المأساة سمها كما شئت، وملخصها أننا نقتل في الشارع ونسرق في الشارع لكن الفضيحة هتكون لو بوسنا بعض في الشارع.

سيادة اللواء استرح، اطمئن، ريلاكس، ففي مجتمع يكره أن يرى ولد يحتضن يد حبيبته ويضحكان بصوت عال لن يكون هناك حضن.

في مجتمع يعاني فيه أي رجل يسير بجوار امرأة صديقته أو حبيبته أو زوجته حتى بسبب نظرة المجتمع له، وتتمثل المعاناة بداية من النظرات والتلقيح في بعض الأحيان ووصولًا إلى عدم إنجاز أي شيء لك إذا ذهبتما إلى مصلحة حكومية، أنت في نظرهم راجل حبيب "وهذا عيب لو تعلمون عظيم".

في مجتمع تسيطر عليه نظرية «لو أختك أو أمك هترضى» ولا أعلم المبرمجين على تلك المقولة ماذا سيكون ردهم لو كان ليس لي أخت أو أم، لكن المشكلة ليس في ذلك ولكن في مجتمع يمر الرجل أمام ملهى ليلي يعلم أن جميع الموبقات تحدث داخله ولا يتحرك لكنه يتحرك لحضن حبيبته، ينزعج، يؤكد أن الأخلاق غابت وأن الحياء لم يكن موجودًا، هذا المجتمع المنافق الذي يعاني من الانقسام والازدواجية من المستحيل أن تجد فيه رجلًا يحضن حبيبته.

نحن في مجتمع يقلقه أن ترتدي امرأة تي شيرت قصيرًا أو بنطالًا ضيقًا لكن لا يزعجه الرشوة والقتل وسب الدين وكثافة المرور وانتشار القمامة وسوء التعليم وتدهور أحوال المستشفيات.

نحن في مجتمع تربى على أن المرأة عورة، وأنه لا مكان لها سوى اثنين البيت والقبر وأنه لو كان هناك سجود سيكون للرجل، وتربى الرجال أن لمسة امرأة في المواصلات العامة دون قصد ستدخله النار، تلك ثقافة الشعب لا يمكن أن يحتضن مواطنيه.

نحن في مجتمع يعشق السر والكتمان، يشاهد الأفلام الجنسية حتى أصبحت مصر أحد أكثر البلاد مشاهدة لتلك الأفلام، وبالتالي أي شيء في العلن سيكرهه ويلعنه وينتقده من باب أنه الشريف الطاهر وأن ما يحدث رجس من عمل الشيطان.

سيادة اللواء هل رأيت مقاطع فيديو مسربة لشاب يحتضن فتاة، حاول أن تبحث بذلك على اليوتيوب ستجد الكثير في الجامعة والمؤسسات الحكومية، تلك مشاهد تدعو للبؤس لا لشيء آخر، أن يكون الحضن سرًا وفي الخفاء كأنها جريمة أم هل سمعت عن الشاب الذي ذهب إلى محطة مصر هو وصديقته وهناك أقنع الناس بأنها قريبته ليحضنها دون أن يلومه أحد، تلك قصة تداولها النشطاء وبصرف النظر عن مصداقية القصة لكنها دلالة واضحة على جريمة يرتكبها هذا الوطن فينا.

سيادة اللواء هناك شاعرة شابة اسمها مي رضوان كتبت قصيدة عن الحضن، لا أعلم هل سمعت عنها أم أن هناك حبس لكل من سيكتب عن الحضن أيضًا، لكن القصيدة قالت فيها "للحضن أصول" نعم له أصول، وبدونه يفقد الحضن معناه، لن يكون هناك حضن بين قلوب خائفة من الحبس، أو من نظرات الناس، أو أن يتم تصويرهم ويتداول المقطع، لكنه براح وهدوء وطمأنينة.

سيادة اللواء لا تنزعج المجتمع الذي يحبس كاتبة صحفية بسبب تدوينة على "فيس بوك" لن يحضن في الشارع حتى لو كان عدد من ضغطوا على زر الذهاب ملايين، لن يجرؤوا !
الجريدة الرسمية