رئيس التحرير
عصام كامل

أيها القتلة أنتم أشد عداء للإسلام !!


كيف يظن الذي يقتل ويفجر أنه يدافع عن الإسلام ؟ كيف يظن من تواطأ بالفعل أو بالقول أو بالسكوت أو بالقعود عن المنع وهو بمَلْكِهِ بالنصيحة أو برفع سبب البلاء من التراث أنه مسلم؟ المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده هذا هو تعريف المسلم لمن أراد أن يكون.


هل تعرف أيها القارئ الكريم ما الذي هزم التتار؟ هل تدرك بالفعل من هم التتار؟ بل ماذا يتبادر إلى ذهنك بمجرد ذكر كلمة "تتار" ؟

أنا يتبادر إلى ذهني فورًا كل الصفات اللاإنسانية، القسوة والوحشية، القتل والإبادة والحرق، الإتيان على الأخضر واليابس تلك الجحافل المتبربرة الشرسة من الهمج المتوحشين الذين أسقطوا بغداد عاصمة الخلافة العباسية في عدة أيام هجموا على العالم الإسلامي كالجراد المنتشر فأهلكوا الحرث والنسل، الزرع والنخل أغرقوا كل شيء صنعوا بكتب مكتبة بغداد جسرًا في الفرات ليعبروا عليه داخل المدينة التي غدت مشتعلة خربة تفوح من شوارعها رائحة الموتى البيوت بلا أبواب وبلا سكان كذلك !

كلهم ملقون في الطرقات صرعى !
مدينة كاملة عائمة في بحور الدم منظر مريع، على حد قول ابن كثير، الذي وقف ينعي الإسلام عاجزًا عن الوصف والتعبير متصورًا أنه يوم البعث ونهاية الدنيا، ولم يكن لهم من رادع ! هل تعلم أن إمبراطوريتهم في عهد جانكيز خان بلغت ما لم يبلغه قبلهم أحد في التاريخ ثم هزموا وانتهت إمبراطوريتهم !

قصة في غاية الغرابة وسط كل هذا الزحف المهول والانتصارات ينقلب الحال وينقلبون مع المسلمين على أنفسهم ! ويحدث ما لم يخطر ببال فيصبح الغازي حليفًا ! القصة بدأت بأن يعجب بركة خان حفيد جانكيز خان بأخلاق التجار المسلمين بصدقهم وأمانتهم فيسأل عن الإسلام ويطلب المزيد فيسمع ما يخلب لبه من الخصال الحسنة ويكتبون له ملخصًا عن الدين بلغته فيسلم ويثني جنود التتار عن الحرب ضد المسلمين الذي دخل كثير منهم بدوره الإسلام لما رأى من خلاق المسلم البسيط رغم ضعف شوكة الدين والإمارة وإشرافهما على الهلاك إلا من حسن الخلق فتنقلب الآية ويتعاون التتار مع المسلمين ويتحالف بركة خان مع سيف الدين قطز ضد جيوش هولاكو وينتصر جيش المسلمين في عين جالوت.

عجيب هذا !! التتار أخطر زحف عرفه التاريخ يهزم نفسه بنفسه وينهزم أمام حسن الشمائل! لولا حب بركة خان ومن معه في خلاق الإنسان المسلم البسيط لانتهى الإسلام والمسلمون !!

هذا هو سلاح المسلم الحق أن يدعو لدينه بأخلاقه ومعاملاته لا بأن يستل سيفه ويطعن الناس في ظهورهم ومن حيث لم يحتسبوا.. أليس للمسلمين من هذا التاريخ لعبرة !

وقد أبدى توماس أرنولد استغرابه في هذا الصدد في كتابه المشهور (الدعوة إلى الإسلام Preaching of Islam) حيث قال: "ولكن لم يكن بد من أن ينهض الإسلام من تحت أنقاض عظمته الأولى، وأطلال مجده الخالد، كما استطاع بواسطة دعاته أن يجذب أولئك الفاتحين المتبربرين ويحملهم على اعتناقه".
الجريدة الرسمية