رئيس التحرير
عصام كامل

أعمدة الوطن وأساسه


مازلت أدور في دائرة العته الإدارى في مؤسسات الدولة وكل يوم أكتشف أن العقول مغلقة وموصودة بأقفال صدئة.. يرفض أصحابها أن تُفتح متخيلون أن بداخلها كنز، ولكن بفعل الغلق سكنها الثعابين والخفافيش والخراب..فما بداخلها يخيف بل يدمر.


فهناك أعداد لاحصر لها لاتعمل.. يتكلمون في الدين ويقيمون الأذان ويصلون الصلاة جماعة ويستحلون مرتباتهم بلا عمل يُذكر وليس الأمر يقف عند هذا الحد بل تعدى إلى أبعد من هذا.. فمن يحاول أن يعطى خبراته وعلمه في العمل العام -لإيمانه بأن ما يتقاضه من راتب حتى لو كان ضئيل فهو من الشعب ولابد أن يرجع إلى الشعب في أي صورة كانت كل حسب مايملك- فإن من حوله من زملائه حينما يرون نشاطه الزائد خارج حدود العمل يحسدونه، ليس على أهميته ولكن لحسابات مادية أخرى، فهم يترجمون أي نشاط على أنه بمقابل مادى فموظفى الحكومة لايعرفون ولايقدرون أن هناك عمل عام غير هادف للربح، فمن تعود على أن يأخذ لايعرف العطاء سبيلا لعقله بل لا يتخيله.

هم يلعنون الفساد ولايدركون أنهم هم الفاسدون ولكن لايشعرون.. فلو نظر كل منا إلى الآخر نظرة احترام وتقدير وعمل كل شخص في مكانه وطبقا لقدراته-وهذا لم ولن يحدث إلا إذا كانت هناك أيدلوجية يندرج تحتها استراتيجيات تتماشى مع طبيعة كل عمل طبقا لخطة منهجية لإصلاحه -لتحولت مصر إلى قوى عظمى ولكن البيروقراطية والعفن الإدارى الذي نعيشه هو جزء لا يتجزء من نسيج جلودنا.

فتخيلوا معى اجتماع في جهة بحثية محترمة لأساتذة في العلم قد حضرته وكنت أظن أنه بسبب بحث حالة عمل أو وضع خطة لعمل أو ماشابه ذلك، ولكن فوجئت وصعقت عندما عرفت أنه من أجل توزيع الباحثين على المعامل وتوزيع المكاتب على أفرادها وكأنهم أقروا بأن المعامل قد تحولت إلى مكاتب إدارية، وكل شخص يعمل يتخيل أنه قد أدى وظيفته التي يتقاضى مرتبه على أساسها.. فالعمل البحثى وأى جهاز عموما هو عمل جماعى إذا أخل جزء عن وظيفته فلا أساس للجهاز بالكامل.. وكل منا يستشعر هذا في كل مؤسسة يعمل بها من مؤسسات الحكومة.

ولكن في النهاية أود أن أقر بأنه كما أن هناك مؤسسات لاتعمل فهناك أيضا مؤسسات تعمل بكامل طاقتها وأن بداخل المؤسسات الفاشلة هناك أشخاص ناجحة أو تحاول أن تصل قدراتها وعلمها إلى أبناء هذا الوطن فالثوب ليس كله سواد بل هي نقاط سوداء تلفت أنظارنا وتجعلنا لا نلتفت إلى بقية الثوب الأبيض..

هناك شباب يحولون التراب إلى ذهب وهم ليس لهم وظيفة ينتمون إليها وهناك شباب داخل مؤسسات الدولة لا يكتفون بعملهم بل يهدفون إلى الخدمة في العمل العام بلا أي مقابل، فتحية لهم وهم أعمدة هذا الوطن وبسبب هولاء لن ينهار وأن لم يعجبنا البنيان فالوطن قوى بتلك الأساسات والتي لايراها الجميع لأنها منهمكة في العمل ولاتحب الأضواء..
فلك الله يامصر حماك الله ورعاك .
الجريدة الرسمية