رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مختار محمود يكتب: «ودى قمة الإعجاز العلمى»!

فيتو

هل تذكرون كلام "عبعاطى"، الذي خدع وطنا بأكمله عن جهاز زعم أنه يشفى من مرض الإيدز وغيره من الأمراض المستعصية، عندما كان يقول في زهو وفخر، لا يدانيه فيهما العلماء الحقيقيون: " بأخذ الإيدز من المريض، بأغذى المريض على إيدز، أديهوله صباع يتغذى عليه.. ودى قمة الإعجاز العلمي"؟


لا أدرى إن كانت ذاكرتك – عزيزى القارئ- التي أتخمتها السنوات الماضيات، بما لا تطيقه الجبال، لا تزال تذكر هذا "التصريح التاريخى"، والكاذب بطبيعة الحال، مثل غيره من الضلالات والأكاذيب أم لا، وعلى أية حال.. إذا كان كارت الذاكرة المثبت برأسك، قد أصابه عطب، وتوقف عن تخزين طرائف الأمور وغرائبها وتوافهها، فما عليك إلا أن تستحضر "أكذوبة عبعاطى وتصريحاته وجهازه المضروب، والذين آزروه وناصروه وزادوا عنه، عبر محرك البحث "جوجل"، لا لشىء، إلا لتتأكد أن "ظاهرة عبعاطى" لم تكن أمرا طارئا أو استثنائيا، على مجتمع، يؤمن بالكذب ويحترم الكذابين، ويكفر بالصدق ويزدرى الصادقين، بل إن "عبعاطى"- باختصار غير مخل – هو "أسلوب حياة"..."ودى بأه قمة الإعجاز العلمى".

تسألنى -عزيزى القارئ- متعجلا ومغاضبا: وما شأن "عبعاطى" وجهازه الوهمى المزيف، بقضية شاحنات النقل الثقيل، وما تخلفه يوميا، من قتلى ومصابين، ضاقت بهم سيارات الإسعاف، والمستشفيات، والقبور بما رحبت واتسع وخسائر مباشرة وغير مباشرة تصل إلى ٨٥ مليار جنيه سنويا؟ فأجيبك بهدووووووء، يغلب "هدوء عماد أديب" قائلا: تمهل - عزيزى القارئ- وتدبر السطر الأخير في الفقرة الأولى، والذي يجزم بأن "عبعاطى" أسلوب حياة، فإن كان "عبعاطى" اختفى طوعا أو كرها، فكلنا "عبعاطى"، لا أستثنى أحدا.."مع الاعتذار للراحل أحمد زكى في فيلم «ضد الحكومة"، وإن أردت دليلا وبيانا، فإليك تصريحا تاريخيا جديدا، أدلى به مسئول كبير هيئة الطرق والكبارى، على خلفية حوادث الطرق التي وقعت خلال الأيام الأخيرة، وخلّفت عددا كبيرا من الضحايا، عندما قال لا فُض فوه: "كلما ازداد سوء حالة الطريق، قلّ عدد الحوادث، لأن الطرق المكسرة تجبر السائق على خفض سرعته، وبالتالى تقل نسبة الحوادث"، أي أن المسئول الرفيع، يرى أن الحل الوحيد لمواجهة نزيف الأسفلت، ليس مواجهة مافيا شاحنات النقل الثقيل، أو ملاحقة السائقين المخالفين، ولا تعبيد الطرق وتجهيزها وتخصيص حارات للنقل الثقيل، بل تكسير الطرق، ولا أدرى لماذا لم يقدم هذا النابغة اقتراحه للإدارة الهندسية بالقوات المسلحة، حتى يوفر عليها جهدها المشكور، الذي تبذله بكل تفان، في المشروع القومى للطرق، وربما تفاجأ – عزيزى القارئ – بالمسئول المذكور وزيرا في أقرب تعديل وزارى.. "ودى بأه قمة الإعجاز العلمى".

قبل عام ونصف العام، وعلى خلفية حادثة مروعة، قال عضو المجلس القومى لسلامة الطرق الدكتور أسامة عقيل إن ٦٠% من حوادث الطرق في مصر، تقع بسبب سيارات النقل الثقيل.

أستاذ الطرق والمرور والمطارات بكلية الهندسة بجامعة عين شمس أكد، يومئذ، أن الطرق السريعة خارج السيطرة، وسائقى النقل لا يلتزمون بتعليمات المرور، ومعدلات الوفاة بسبب حوادث الطرق في مصر مرتفعة، بالمقارنة بجميع دول العالم، وطالب بضرورة تغيير ثقافة سائقى النقل، وحل جميع مشكلاتهم لتقليل الحوادث مع تدريبهم بشكل جيد وتأهيلهم، وعرض خططا لمواجهة الحوادث على الحكومات السابقة، دون أن تعيره حكومة واحدة اهتماما.. "ودى بأه قمة الإعجاز العلمى".

وقبل أيام قليلة، وعقب حادث "طريق الكريمات" المروع، قال "عقيل"، إن المجلس القومى لسلامة الطرق لم يجتمع منذ أكثر من 10 سنوات، وطالب بما أسماه "توافر الإرادة السياسية من خلال الرئيس السيسي مباشرة"، لوضع حد حاسم لهذه المأساة، التي تكبد البلاد سنويا، 15 مليار جنيه، على حد قوله، ولم ينس الرجل أن يؤكد أن هذا الملف لوتمت إحالته إلى مجلس الوزراء، فلن يجد اهتماما.. و"دى بأه قمة الإعجاز العلمى".

وشدد على أن سير شاحنات النقل الثقيل، جنبا إلى جنب، مع المركبات الصغيرة في طريق واحدة وراء زيادة الحوادث، وطالب بنقل التجارب الغربية إلى مصر، من خلال فصل مركبات النقل الثقيل والشاحنات في مسارات منفصلة على الطرق، ضاربا المثل بطريق مصر إسكندرية – الصحراوي، الذي شهد انخفاضا لافتا للحوادث، منذ تخصيص مسارات للنقل الثقيل.

كما طالب عقيل بتهيئة الطريق الصحراوى الغربى لسيارات النقل الثقيل، ضمن إستراتيجية لتخفيف حوادث السير، كما دعا إلى وضع خطة جادة وحقيقية تستهدف توفير خدمة نقل جيدة وآمنة وسريعة ورخيصة، معلنا غضبه من سياسة "الجزر المنعزلة" التي تتبعها الحكومات المتعاقبة، والتي تنتج سياسات عشوائية مرتبكة متخبطة.. "ودى بأه قمة الإعجاز العلمى".

في اليوم التالى لتصريح رئيس هيئة الطرق والكبارى، اجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمساعده للمشروعات القومية والإستراتيجية المهندس إبراهيم محلب، ووزير النقل الدكتور سعد الجيوشى، لمناقشة منظومة النقل والمواصلات وتفعيل إجراءات الأمن والسلامة.

اللافت.. أن البيانات الصادرة عن هذا الاجتماع، لم تتضمن توجيهات بإفساد الطرق السريعة وتكسيرها، لتخفيف نسبة الحوادث، تنفيذا لنصيحة "ترك"،ولكنها أكدت أن الرئيس وجّه الحاضرين بالارتقاء بخدمات النقل العامة، ومواصلة العمل على تقديم أفضل خدمات للمواطنين في هذا المجال، لاسيما في ضوء ما تعرضت له منظومة النقل، في السنوات الأخيرة، من إهمال شديد في الماضي، فضلًا عما تمثله من أهمية في الحياة اليومية للمواطنين.

الاجتماع استعرض أيضا الموقف التنفيذى للمشروعات القومية الخاصة بتطوير شبكة الطرق والموانئ البحرية والجافة، والتأكد من تنفيذها بأعلى معايير الجودة والسلامة وفقًا للبرامج الزمنية المحددة، بما يضمن تحقيق تحسن ملموس في خدمة النقل والمواصلات للمواطنين. ولكن المدهش..أن التصريحات الوردية لا تأتى إلا بعد وقوع أزمة، وسقوط قتلى، فنحن لا نستبق الأزمات بالخطط المدروسة والحلول العلمية..ولكن ننتظر حتى تخرب مالطا، بدليل سقوط كوبرى جامعة سوهاج قبل تشغيله في اليوم التالي لهذا الاجتماع.. "ودى بأه قمة الإعجاز العلمى".
Advertisements
الجريدة الرسمية