رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

يحكي أن القانون


ليس حُكمًا بالحجر على القوم أو عزلهم تُبْنَى القلوب وتعمر، بل بنقش ألواح من الحب والمعشقة يندمج نبض الأرواح لتصير يدًا واحدة تخضر البلاد وتبهج العيون وتسر شعبها، هكذا نحت الكاتب المصري على ألواح عقول عيال البلاد، وقال في عيد المحبة الفرعوني: "امنحوا العبير بعضًا من الوجود بأنفاسكم.. امنحوه الحياة في بقاء وهج حمرة خجل المحبة في عيون من تحبون حين يرونكم".


وللحب عيد اخترعه أجدادنا المصريون لصيانة الدولة وحماية أرواح العباد، وضعوا المشاعر الإنسانية الأقرب إلى التقديس بصفة قوانين تعلم الناس الحب، فكان العشق هو قانون العمار والحضارة ورقى التعامل، عشق أقرب إلى العبادة.

وعلى حصير كُتّاب الكاتب المصري اجتمع رونق قانون العزف بألوان العدل، ذلك الدستور الذي تجلى في حكاية ولد مصري أصيل اسمه "كبتاح" العاشق للجميلة "لوتسى"، كان الولد ابن أمير البلاد والفرعون المنتظر، وكانت هي ابنة الفلاح الفصيح، وعلى خوص الكاتب وألواحه تعلمًا أن الثقة، وليس بفتل الحبال تحرر البقرة.. تجذب الحمام على أبراج الديار، وينشر بها الهدهد الحكمة بين الديار والقصور.

في لقاء البلاط بالديار، اجتمعت قوة الفتى وملاحة الفتاة، وفي جمعهما تسطع الشمس فتشع الدفء وينتشر العدل بين البشر. لا فرق، الكل سواسية.. الجند والكهنة، السادة والعامة.

أحبت لوتسى فتاها أكثر مما أحبت الحياة، وأحبها هو أكثر مما أحب التملك وشهوة التسلط.. أبدع الفرعون المنتظر حياكة الكتان وأصول صناعة الترياق وحبك الجسور وتشييد الصوامع وزرع الحقول، محا من قانون البلاد بنود عفر واستغفل، عكر واستغل، غصب واستنطع.

تعلم تعطير الأرض تحت أقدام المحبوب، وخبز اللوتس الملكي قوت لغلابا الناس.. تعلم أن حياة الفقير دين متعلق في رقاب السادة أخذ منهم وشغل الرحايا لتبذر طحين الأمل والعدل. وهدم مسلات التكبر والتجبر والظلم. أنهى لغة الأقدمين.

قدم كبتاح قلبه في عيد الحب الفرعوني، وحمل ألواحا من الوصايا العشر لعمارة البلاد، وأخذ الوعود على نفسه بأنها ستصبح بحجم الدنيا أم الدنيا المصرية جميلته لوتسى، انحنى أمامها في كبرياء فرعون بلا سهوكة ونحنحة وبربشة عيون.. تقدم أمينا متينا قائدا للجيوش وحارسا لكل الرعية، يبني معهم هرما تلو الآخر.

فرحت لوتسى بوعود وألواح حبيبها، وعلقت ذراعيها حول رقبته كعلامة عنخ، تتدلى من قلادته النماء والخصوبة، جددت الدماء في عروق مفتاحه وهبته حكمة إيلاج أبواب الأرض الصماء بفيض شلاله تخضر القلوب وتزدهر الأرواح. إنها بركة مليحة الحسن المصرية.. احتضنها ودار بها، وأقسم أنها بعد اليوم لن تبكي على ولد لها في قاع الفقر أو الجب أو المرض، من اليوم لا توجد قيود ولا كمامة ولا كرباج، وأمر بطرد الأشرار المدعين من كل الديار والبلاط!

نظرت المليحة للكاتب المصري، وسألته: "لِمَ أراك مهموما غير متحمس بنبت الحب في قلبي؟"، نظر في عين كبتاح، وقال للعيال قدامه: "لا تصدقوا ولاتهابوا ولا تقاضوا الحرية بجلدكم في سبيل شهوة وزيغ حب عابر لصنم تعبدونه بالقوة وبالخوف.. كونوا له بالمرصاد إن حاد أو خان هواها".

حامت الغربان في دوار الجميزة العاقر، وتحت القبة نعقت زغرودة فرح استعدادا لنسج بيوت العنكبوت بين العيون المتأملة.. ودائمًا مع كل حكاية ينبت في العتمة ست الشر وسوبك لص النهر وتشييخ البقرة وتتعكر يحكى أن...
ومازالت "لو..." لغز الحكاية المستمرة..
Advertisements
الجريدة الرسمية