رئيس التحرير
عصام كامل

اللواء حاتم باشات عضو مجلس «النواب»: إطلاق رصاصة واحدة على إثيوبيا يعني خسارة أفريقيا بالكامل

فيتو


>> الحل التعاوني الأنسب لقضية سد النهضة 
>> نجحنا في إزالة التوتر بين مصر والسودان من خلال التقارب الشعبى.. ويمكن تكرار التجربة مع أديس أبابا
>> أتوقع تقاربا في العلاقات بين القاهرة وإسطنبول.. وإذا سقط بشار فقل على سوريا السلام 
>> حكومة إسماعيل تؤدي بطريقة جيدة إلى حد كبير.. وتجديد الثقة في وزرائها أمر مطلوب 
>> "المصريين الأحرار" حزب ذكي يعرف كيف يدير معاركه.. ونوابه وطنيون من الدرجة الأولى 


أدار الحوار: إيمان مأمون – ريمون ناجى 
أعده للنشر: مني محمود 
عدسة: ريمون وجيه

بدأ حياته ضابطا بالجيش المصرى، ثم انتقل للعمل بجهاز المخابرات المصرية، وتتدرج بالمناصب حتى أصبح وكيلا لجهاز المخابرات المصرية، وتقلد العديد من الأوسمة، أبرزها وسام الجمهورية من الطبقة الثانية، قبل أن يترك الخدمة ويتجه للعمل العام برئاسته لنادي هليوبليس، ثم ينتقل للعمل السياسي عضوا بارزا بحزب لمصريين الأحرار، ثم نائبا بالبرلمان.. إنه اللواء حاتم باشا عضو مجلس النواب.. والذي أطلق عليه لقب «مهندس العلاقات المصرية السودانية» عقب توليه مسئولية إزالة التوتر والاحتقان الذي اعترى العلاقات بين البلدين خلال فترة سابقة، ونجح بجدارة في عودة العلاقات المصرية السودانية إلى أفضل أحوالها، كما كان له دور بارز في فتح قنوات للتواصل مع دول أفريقيا، ومحاولة إعادة العلاقات المصرية الأفريقية لسابق عهدها. 
«باشات» حل ضيفا على صالون «فيتو» وتحدث عن أزمة سد النهضة وطرق حلها، واعترف بوجود تقصير مصري في التواجد بالقارة السمراء.. فإلى نص الحوار 


ما تعليقك على زيارة الرئيس السيسي لإثيوبيا مؤخرا؟ وهل لها مردود إيجابي على العلاقات المصرية- الإثيوبية التي توترت قليلًا في الآونة الأخيرة؟
لم يكن هدف زيارة الرئيس السيسي لإثيوبيا تبادل أطراف الحديث حول سد النهضة فقط، بل يسعي الرئيس من خلالها للتأكيد على عودة مصر لمسئوليتها تجاه القارة السمراء، وتعزيز مكانتها كقوة إقليمية في المنطقة، خاصة بعد حصد مصر مقعد في مجلس الأمن، وانتخابها باكتساح في لجنة السلم والأمن، وعودتها إلى الاتحاد الأفريقي بعد غياب 5 سنوات، وكل هذه المهام تحتم على مصر ضرورة تحملها مسئولية حضور مختلف المحافل الأفريقية والدولية، لذا فلا يمكن لمصر ألا تحضر مؤتمرًا دوليًا مثل هذا المنعقد في إثيوبيا، كما تستهدف مصر أيضًا من خلال هذه الزيارة توصيل رسالة مهمة لإثيوبيا تُؤكد على أن وجود اختلاف في وجهات النظر حول سد النهضة لا يمنع مصر من التواجد على الأراضى الإثيوبية، بل على العكس فمصر تعبر كل المشكلات والمعوقات لمساعدة الأفريقيين،، فضلًا عن مشاركة مصر في بحث المشكلات التي تواجه القارة الأفريقية.

لماذا تراجعت مكانة مصر أفريقيًا طوال العقود المنصرمة في رأيك؟
اعترف بوجود تقصير في تواجد مصر افريقيًا إبان عهد الرئيس مبارك، وذلك وفقًا لطبيعة عملى في القارة السمراء لمدة 8 سنوات، ولعل أبرز أوجه هذا التقصير عدم تجاوب مصر مع عدد من الفرص الاستثمارية لمساندة بعض الدول الأفريقية، تمامًا كما حدث مع أنجولا بعد انتهاء الحرب بها، فقد عرض وزير الدفاع الأنجولى علينا فرصا متعددة للاستثمار في بلاده، بتسهيلات لا حدود لها، ولكن لم يتم التجاوب مع هذا العرض، بينما استغله الغرب وفرضت بعض الدول الأجنبية وجودها على الأراضى الأنجولية من خلال الاستثمارات.

هل هذا الخطأ يعود إلى القيادة السياسية آنذاك في عهد مبارك؟
لا يمكن أن نقول إنه خطأ، ولكنه تقصير بسبب عدد من الضغوط التي فرضت على مصر التوجه نحو الغرب بسبب القضية الفلسطينية أكثر من التركيز مع أفريقيا، ولكن كان لمصر بُعد نظر أيضًا في عدد من القضايا الأفريقية، فقبل انفصال جنوب السودان عن شماله التزمت مصر الحياد تحسبًا ليوم الانفصال وحافظت بذلك على علاقتها مع طرفي الأزمة.

كنت مهندسا للعلاقات المصرية- السودانية وكان لك دور كبير في تحسن العلاقات بين البلدين وقت أن أصابها بعض التوتر، ما تفاصيل هذه الأزمة وما هي طبيعة دورك آنذاك؟
بدأت هذه الأزمة مع محاولة اغتيال الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في إثيوبيا، وحينما تبدت حقيقة منفذى هذه المحاولة توترت العلاقات المصرية- السودانية، وحدثت أزمة بين البلدين عانى منها المواطن السودانى قبل المصري الذي يعتبر زيارته لمصر نوعا من أنواع "الواجب" الذي لابد من القيام به، ولقد بدأت خدمتى بين مصر والسودان خلال هذه الفترة، وبالتحديد عام 1997، حيث كانت هناك أعمال عنف تتم ضد المصريين المواطنين منهم والدبلوماسيون، وكانت العلاقات في أسوأ مراحلها في ظل حرب إعلامية مشتعلة متبادلة بين الطرفين، فقررت أن اتخذ موقفا لوضع حد تجاه هذه الأزمة، وبدأت العمل على المستوى الشعبي من خلال زيارة الأندية الرياضية وحضور مباريات كرة القدم، وحرصت على التواجد في المناسبات المختلفة بكثرة ولم أعتذر عن أي منها، خاصة في ظل عدم وجود سفير مصري هناك، ثم اتجهت لترتيب دورة كرة قدم خُماسية مع اقتراب احتفالات نصر أكتوبر، ووجهت دعوة لفرق مصرية وسودانية وعدد من السفارات، وعلى جانب آخر نظمت ندوة عن نصر أكتوبر كان ضيوفها من قيادات الجيش السودانى الذين شاركوا في هذه الحرب ضد العدو الإسرائيلى وتم إذاعتها على الفضائيات السودانية، كما أعددنا قاعة بجهود ذاتية لتتحول إلى مقر للأنشطة الثقافية يُعرض فيها الأفلام وتُعقد فيها الندوات، وكان لكل هذا أثر إيجابي وتفوقت الدبلوماسية الشعبية آنذاك على الدبلوماسية الرسمية، وتحسنت العلاقات المتوترة بين الشقيقين السودان ومصر.

في تصريحات لك حول سد النهضة قلت إنه "أصبح أمرًا واقعًا والحل التعاونى أفضل الحلول"، ماذا تقصد بالحل التعاونى؟ وكيف نحافظ على حقنا في مياه النيل في حالة استبداد إثيوبيا بالأمر؟
ملف سد النهضة شديد الحساسية، وأود أن أؤكد على أنه لا رجعة في الحفاظ على حقنا في مياه النيل وهذا الأمر "سيتحقق" بشكل يقينى، ومياه النيل لن تنقص قطرة واحدة وأنا مسئول عن هذا الحديث، ويُعد الحل التعاونى بين كل من مصر والسودان وإثيوبيا هو الحل النموذجى لمواجهة هذه الأزمة، وتُعد زيارة الرئيس السيسي لإثيوبيا جزءا من هذا الحل الذي يؤتى ثماره مع الوقت فيجب فتح كافة قنوات التواصل على كافة الأصعدة بين البلدين.

هل الخيار العسكري مطروح لمواجهة أزمة سد النهضة؟
هذا لا يمكن، على الإطلاق فإن تم إطلاق صاروخ واحد أو طلقة واحدة على هذا السد سيكون بمثابة إطلاق صاروخ على أفريقيا بالكامل، وسنخسر علاقتنا بأفريقيا التي نحاول استعادة علاقتنا بها بالدرجة التي تجعلها داعمة لموقفنا ووسيط لنا في قضيتنا مع إثيوبيا، والسياسة الحكيمة التي يتبعها الرئيس السيسي هي التي تخدم الحل التعاونى.

وماذا عن الحلول القانونية التي تؤكد حقوق مصر التاريخية؟
لقد قطعنا أشواطا في هذا الصدد، فالبنك الدولى أوقف دعم سد النهضة لفترة طويلة، ولكن هذا الدعم عاد مرة أخرى بعد الاجتماع الثلاثى مع السودان وإثيوبيا وعقد التصالح، وللعلم إن لم يحقق الحل التعاونى هدفه سنلجأ للحل القانونى وهو "جاهز" في أي توقيت.

ما الخطر الحقيقي الذي يُمثله سد النهضة على مصر؟
سيمثل هذا السد خطرًا حقيقيًا علىنا إن لم يكن آمنًا، لأنه بذلك سيكون عرضة للانهيار، وفى هذه الحالة ستتعرض الخرطوم للضرر الأكبر بتعرضها للغرق، فضلًا عن وجود احتمالية لتغير مسار النيل، أما الضرر الأكبر لهذا السد على مصر فيتمثل في فترة ملء الخزان حيث ستقل فيها المياه، ولقد طالبت مصر في البداية بأن تكون هذه الفترة 15 عامًا في حين حدد الجانب الأثيوبي عامين لهذه الفترة، ثم قررت إثيوبيا أن تكون فترة ملء الخزان عام واحد وإن تم هذا فبالفعل سيقل منسوب المياه وستقل نسبة الإطماء، ولكن أود أن أبث الطمأنينة في نفوس الشعب المصرى وأؤكد لهم أنه لن يحدث أي ضرر على مصر.

بعيدا عن أزمة السد.. ما تقييمك للعلاقات المصرية- السورية؟
الكيان السورى مهم، والنظام حاليًا يحمى هذا الكيان لذا فلابد من الحفاظ عليه إلى أن تستتب الأمور وتستقر ويمكن تغييره فيما بعد، وإن سقط بشار الأسد ستسقط سوريا وتصبح داعش دولة تحتل مكانها.

ما توقعاتك لمستقبل العلاقات المصرية- التركية؟
أتوقع أن يحاول الجانب التركي الاقتراب من الجانب المصري، وسيحاول الأتراك عقد مهادنة ومصالحة مع السياسة المصرية في الفترة المقبلة، في ظل زيادة قوة وثقل مصر على المستوى الإقليمى.

ما تقييمك لأداء مجلس النواب؟ 
أرى أن توليفة هذا البرلمان نموذجية، كما أنه يتضمن نوابا على مستوى عال من الثقافة، وتم انتخابهم بإرادة حرة دون أي تدخلات من أي نوع، كما أنه يتميز عن غيره من المجالس السابقة بعدم وجود فئة تسيطر على النواب تحت قبة البرلمان، ولكن يشوب كل هذا وجود أزمة ثقة بين النواب نتيجة ائتلاف دعم مصر، وللأسف انتقلت هذه الأزمة إلى رئيس المجلس الذي يواجه ضغوطا تؤثر على قراراته، وأقدم له العذر في بعض ما يُواجهه بحكم أنه لا يزال في البداية، ومن وجهة نظرى سيشهد هذا المجلس إذابة للتكتلات والائتلافات قريبا، وأعتقد أن تقييم أداء البرلمان لن يكون في الوقت الحالى وإنما بعد عام من الآن.

وماذا عن حكومة شريف إسماعيل؟
أؤيد التمديد لحكومة شريف إسماعيل، وأرى أننا يجب ألا نسعي حاليًا لذبح الحكومة، بل لابد من دعمها ومساعدتها، خاصة في ظل غياب الجهات الداعمة لها طوال السنوات الماضية، وبعد ذلك يمكن تقييمها والمطالبة بتغييرها.

ما هي اللجنة التي ستترشح لها في البرلمان؟
كنت أود الترشح إلى لجنة الدفاع والأمن القومى، ولكننى وجدت بها نحو 66 عضوا من النواب المحترمين، ففضلت الترشح إلى لجنة العلاقات الخارجية التي تنشق عنها لجنة العلاقات الأفريقية وسأترشح لرئاستها.

ما تعليقك على تصريح اللواء سامح سيف اليزل بأن هناك نوابًا في المصريين الأحرار أخطر على مصر من الإخوان؟
مع احترامى الشديد لتصريحات اللواء سامح سيف اليزل الذي تربطنى به علاقة وطيدة، واعتبره أخا وزميلا على المستوى الشخصي وفى العمل، وأتمنى له الشفاء العاجل، أود أن أؤكد أن نواب المصريين الأحرار في البرلمان لا تقل وطنية أي نائب فيهم عن وطنية حاتم باشات، ولا أحد يستطيع أن يشكك في وطنيتي ووطنيتنا جميعا.

ما موقفك من قانون الخدمة المدنية؟
أرى أن هذا القانون ممتاز ومهم، واعتبره الخطوة الأولى لكسر البيروقراطية والروتين بالدولة، ولكن هناك بعض النقاط التي تحتاج للتعديل، وسيُحسب للبرلمان الحالى في التاريخ تصديقه على هذا القانون، وفى هذا الإطار أود أن أوضح أن جزءا كبيار من النواب لم يطلعوا على هذا القانون ولم يتعمقوا فيه لضيق الوقت، فكيف الحال مع المواطن المصري، وهو ما سهل مهمة بعض التيارات والجهات التي قامت بالتسويق لسلبيات هذا القانون على حساب الإيجابيات، وأعيب في ذلك على الإعلام والحكومة والجهات المسئولة عن القانون لعدم التسويق لهذا القانون بالأسلوب الأمثل، وكذلك النواب الذين لم يفسروا القانون إلى أهالي دائرتهم.


تردد أن هناك قضية رقم 250 تحمل إدانات لرموز بالدولة وشخصيات عامة فهل لديكم معلومات تخص هذا الأمر؟
أرى أن هذا الأمر به قدر كبير من المبالغة والتهويل، فليس كل من لديه اتصال بجهات أجنبية جاسوس، وليس كل من ينتمى لتيارات معارضة يكون متهمًا.

"سنهزم الفقر" هو شعار حزب المصريين الأحرار، ما هي آليات تحقيق ذلك في دائرة الزيتون والأميرية؟
حتى الآن لم أتفرغ بشكل كامل لدائرتى، وفى الفترة الحالية أعد نفسي وأعضد موقفى داخل البرلمان من خلال اللجان وتمرير القوانين، وبالنسبة للفقر سأعمل على تكوين روابط لرجال الأعمال، ومن خلالهم ستظهر تشكيلات لروابط أخرى، تبدأ في تجهيز مشروعات تخدم الدائرة، والحزب سيدعم مثل هذه الأمور، لأن القضاء على الفقر هو هدف "المصريين الأحرار"، ولا أسعى للحصول على دعم الحكومة لأنها تحمل عبئًا ثقيلًا وأرغب في أن تعتمد الدائرة على نفسها.

ما أهم ما دار خلال لقائك بوفد العموم البريطانى وهل طالبتهم بدعم مصر عسكريًا؟
نعم دار حديث حول هذا الأمر، وأخبرتهم أن بريطانيا متأخرة كثيرًا في دعم مصر عسكريًا في مرحلة تنويع السلاح مقارنة بعدد من الدول الأخرى مثل فرنسا وأمريكا والصين وروسيا.

ما أول طلب إحاطة ستقدمه في البرلمان؟
لدى أمور كثيرة أدرسها ولا أريد التعجل، وأنا ضد فكرة تقديم طلب إحاطة أو استجواب في الوقت الحالى، لأننى لا أريد الاصطدام بالجهات المسئولة والوزارات حاليًا، وأؤيد فكرة تقديم الدعم للحكومة أولًا قبل تقييمها وتاجيل الإستجوابات وطلبات الإحاطة حتى تتحسن أحوال البلد.

ما سر نجاح حزب المصريين الأحرار، وكيف تمكن من تحقيق معادلة ضم نخبة من ألمع الشخصيات في مصر ومع ذلك تمكن من الوصول للمواطن البسيط في الشارع؟
هذا ذكاء من الحزب، فاختياراته صائبة كما أنه حرص على انتقاء شخصيات محل ثقة وقيادات قادرة على تحمل المسئولية، فضلًا عن أن أجندة الحزب وأهدافه القيمة، واستقراره الداخلى ورقى خلافاته الداخلية ساهمت في تعزيز نجاحه، وأعتقد أن الحزب يزداد عددًا وثقلًا وحجمًا من خلال أدائه في البرلمان وذلك بشهادة رئيس مجلس النواب نفسه.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو" 

الجريدة الرسمية