رئيس التحرير
عصام كامل

احترس.. هذا الدواء مغشوش

الدكتورة سعاد شريف
الدكتورة سعاد شريف

 «هذا الدواء ناقص في السوق».. من أكثر العبارات التي يكرهها المريض عندما يكون في أشد الحاجة إلى الدواء، ويذهب إلى الصيدلية ولا يجده وهو في أمس الحاجة إلى العلاج، والأصعب من هذا عندما يبحث عن البديل ولا يجده لأنه أيضًا غير متوفر، فلا يجد أمامه سوى البحث عن الدواء المستورد المهرب من الخارج أو إلى أدويه "تحت السلم"، وأدوية الفضائيات الوهمية، وأحيانًا القاتلة؛ طالبًا للشفاء، وهو لا يدري أنه اشترى السم القاتل.


 وحذرت نقابة الصيادلة من أن 10% من الأدوية المغشوشة على مستوى العالم موجودة في مصر، وأن هذه الأدوية تتكون من خليط من مواد سامة وضارة وتركيبات غير فعالة؛ فهذه الأدوية تشبه الدواء الأصلي إلى الحد الذي يخدع المهنيين طبيًا.

 وعلى الرغم من قيام بعض الشركات الكبيرة بوضع علامات مائية على علب الأدوية لضمان عدم التلاعب والغش، إلا أن أصحاب مصانع "بير السلم" المتاجرين بأرواح البشر قامو بطريقة أو بأخرى بتجميع عبوات الدواء الأصلية الفارغة وإعادة تعبئتها بمواد مجهولة.

 وقامت وزارة الصحة بالكشف أكثر من مرة عن أدوية تم غشها وسحبها من الأسواق مثل عقار حقن zantac، لعلاج التهاب المعده ودواء vita royal، مكمل غذائي ودواء oster shell ca، مكمل غذائي أيضًا، لكنه يستخدم للحوامل ومستحضر femrose cap مسكن للألم، وأيضًا تم غش دواء flumox وهو مضاد حيوي واسع المجال.

 لكن الأسوأ والأخطر أن تجار الموت لم يكتفوا بغش المسكنات والمضادات الحيوية فقط، بل قاموا بغش أدوية علاج السرطان والأورام والسكر وأدوية الحساسية والقلب، وقد تم غش عقار هيرسيبتن وزوميتا، لعلاج السرطان والذي يصل سعر الأمبول الواحد إلى عشرة آلاف جنيه، ودواء plavix لعلاج مرضى القلب، ومن أكثر الأدوية غشًّا في مصر أدوية الرجيم والنحافة والسكر والمنشطات الجنسية والفياجرا للرجال واللبان الحريمي magic lady الجنسي والدهانات الموضعية لزيادة الشهوة الجنسية للسيدات والتي تسبب التهاب المهبل وسرطان الرحم والعقم، وأدوية الرجيم التي تعمل على تثبيط الشهية من خلال مراكز المخ لاحتوائها على ماده السيبوترامين، والتي تسبب السكتة الدماغيه وجلطات القلب، وكثير من الأدوية الأخرى ماركة "صنع تحت السلم" استغلالًا لحاجة الناس للدواء وبحثهم عن الشفاء.

 وساعد على انتشار هذه الظاهره ندرة المواد الخام لصناعة الدواء؛ فأصبح الاعتماد على الدواء المستورد، ولأن كثيرًا من الدواء المستورد مكلف جدًا، وبسبب ارتفاع سعره وضيق الحال؛ يبحث المريض عن الأرخص، وفي ظل غياب الرقابة والمتابعة، يظهر تجار الموت، تجار الأدوية المغشوشة؛ فتجارة الدواء هي الأكبر في العالم بعد تجارة السلاح، والفرق ليس كبيرًا، فما الفرق بين أن تموت بالسلاح أو بدواء مغشوش؟!

 وهنا تأتي التساؤلات.. 
 هل الجشع والطمع والرغبة في تحقيق الثراء وغياب الضمير سبب للاستهانة بحياة البشر واستغلال حاجتهم للعلاج؟
 
 هل أصبحت حياة الإنسان البسيط هي أرخص سلعة لتحقيق الثراء لتجار الموت؟

 وفي النهاية أتوجه لكل القائمين على صناعة الدواء في مصر، لكل المسئولين عن الرقابة والمتابعة، لكل أصحاب الضمير .. أغيثونا.

 وإلى المواطن البسيط، دقق وأنت تشتري الدواء، تأكد من سلامة علبة الدواء وأنها جيدة، لا تتناول الدواء إذا لاحظت أي تغير في شكله أو لونه كما تعودت عليه، لا تشترِ الدواء من مكان مشبوه أو غير مرخص؛ فصحتك تاج على رأسك، فحافظ عليها؛ فقد أصبح من الممكن الآن أن نشتري الموت بدلًا من الشفاء في كبسولة دواء!!
Advertisements
الجريدة الرسمية