رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

نحن من نخلق الكذب ونصدقه


كيف وصل الناس إلى هذه الدرجة من السذاجة، لتصديق كلمات كُتبت أسفل صورة معينة، رغم أن هذه الصورة تحمل معاني كثيرة جدًا غير المكتوبة؟!

المقصود هنا هو حملات التشويه والتي يقوم بنشرها من يعلم جيدًا أنها ستلاقي من يصدق ما كُتب أسفلها.

صورة تغير في الرأي العام وهذه كارثة، خصوصًا ونحن في زمن الفوتوشوب والعالم المزيف، والذي يمكن فيه أن تزيف أي شيء وبكل سهولة دون أن تحتاج إلى مهارات خارقة.

فمثلا، الكل يرقص في الأفراح، الكبير والصغير، ولكن عندما يريد شخص معين أو جماعة معينة تشويه شخصية عامة يأتون بصورة هي في الأصل قد قام صاحبها بنشرها على شبكة التواصل الاجتماعي وهو يرقص مع الراقصين في فرح عام، ثم يكتبون أسفلها هذا الداعر يسرق أموال الناس وينفقها على الراقصات الداعرات وحتى إن لم يرقص وتم التقاط صورة له وهو بجوار راقصة مثلا تكتب هذه الكلمات أسفل الصورة وتنتشر بسرعة البرق من خلال شبكة التواصل الاجتماعي وتنقلها وسائل الإعلام وتتناولها كأنها قضية خطيرة تهدد أمن الوطن، وهي في الأول والآخر مسائل شخصية ولكن لأن المجتمع قد تم تهيئته لتصديق الأكاذيب فقل كما شئت لو كنت كارها ستصدق كل هذه الأكاذيب وستضيف عليها أكاذيب أخرى لزيادة كم التشويه.

مع كثرة القنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الإلكتروني وكثرة المواقع الصحفية وقنوات التوك شو أصبح البحث عن موضوع جديد يثير الرأي العام هو في مقدمة البحث، المهم هو الإثارة لجذب المشاهدين فقط لا غير.

وأصبح الإعلام يعطي المشاهد التحليل جاهزًا ويصحبه صراخ وعويل الإعلامي الذي يطلب من مشاهديه أن يصرخوا معه ويلطموا الخدود، وذلك بدلا من أن يطلع الناس بمجريات الأحداث ويترك لهم التحليل والتفكير، فنحن نعيش فوضى إعلامية فعلية وأصبح الإعلامي أكثر ثراء من نجوم السينما بل يفوق عنهم بأنه له قوة تتيح له الإطاحة بما يريده من وزراء ومسئولين على الفور.. فيا لها من كارثة حقيقية من فوضى إعلامية ستؤدي بالوطن العربي إلى الهلاك.

وآخرون يظهرون لنا كنجوم ضيوف التوك شو ويصدموننا بوجهات نظرهم الغريبة، ويعرضونها كأنها حقائق ويقدمون أنفسهم بألقاب مزيفة كسيادة اللواء وهو في بعض الأحيان رائد على المعاش، والخبير، والسياسي، والدكتور فلان، وهو في الأصل لا يحمل أي مؤهلات.

بالفعل، نحن من نخلق الكذب ونصدقه ثم ننشره ونقلب موازين كل شيء بلا تعقل وأصبحنا كلنا ننتقد ونتكلم ولا أحد يعمل، فأصبحنا كمشجعين كرة القدم الكل يهلل ويصفق وينقد ويستهزئ باللاعبين ولا أحد منهم يستطيع اللعب بالكرة.

فلك الله يا مصر..

Advertisements
الجريدة الرسمية