رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مصر تقتل الأفيال


ببالغ الأسى والأسف، نسوق إليكم الخبر التالي -بعضكم يعرفه، ومعظمكم لم يعرف به، لكنه في جميع الأحوال ضار جدًا بسمعة مصر دوليًا، وأفريقيا بالأخص- "مصر تسهم في قتل الأفيال الأفريقية".. أنا شخصيًا علمت به من خلال منظمة "آفاز" الدولية، التي طلبت توقيع عريضة لمطالبة اليابان بالتدخل لوقف إعلانات بيع العاج على الموقع الشهير "ياهوو".


وفي التفاصيل؛ تتعرض الأفيال في القارة السمراء لأبشع مذابح يمكن تخيلها من أجل الحصول على العاج من أنيابها.. فالفيل الأفريقي يمثل ثروة اقتصادية تنعش تجارة العاج المحرمة دوليًا.

ويستخدم الصيادون في جريمتهم تلك مادة "السيانيد" السامة، يلقونها في برك المياه التي تشرب منها الفيلة.. وبعد موتها يتم انتزاع أنيابها، ثم تهريبها.

وأعلنت منظمة الشرطة الدولية "الإنتربول"، في أحدث إحصاءاتها، أنه يتم الإتجار بالمئات من منتجات العاج بصورة غير قانونية كل أسبوع في أوروبا عبر الإنترنت، وهنا توجه أصابع الاتهام إلى موقع "ياهوو" الياباني.

في عام2011 فقط قتل 25 ألف فيل.. والغريب أن البعض يستخدم الدين لتبرير قتل الفيلة، وهذا لا يقل بشاعة عن عملية القتل نفسها، ولا عن بشاعة تدمير الطبيعة.. إن الإصرار على استخدام العاج في طقوس تعبدية، مثل صناعة المسابح، يبدو أكثر قسوة على الحياة البرية، فالإنسان مطالب بأن يكون أكثر عدلًا مع جميع مكونات الطبيعة، إذ أن تلبية حاجاته الروحانية لا يمكن أن تبرر حرمانه لهذا الحيوان المسالم من حقه في الحياة.

ترتبط تجارة العاج تاريخيًا باستغلال واستعباد المجتمعات الضعيفة في أفريقيا وآسيا، ويشمل هذا الاستغلال غوص الحكومات والدول في مستنقعات عميقة من الفساد وسوء الإدارة، وسوء معاملة المسئولين عن تجارة العاج للبشر، والتي يدعمها فساد المسئولين الذين يغضون الطرف عن الممارسات الجنائية التي تمارس على البشر جراء هذه التجارة.

تجارة العاج أصبحت مثل تجارة الألماس والذهب والكولتان والأخشاب، (ومثل النفط الذي يستخدم لتمويل "داعش" في العراق وسوريا وليبيا)، والتي تعمل جميعها كممول للصراعات الدائرة في أفريقيا وخصيصًا في جنوب الصحراء الكبرى، وتعمل تجمعات المجرمين الدولية والمسئولين الحكوميين الفاسدين، وبعض الإرهابيين الأكثر شهرة في العالم وحتى الميليشيات، على دعم تجارة العاج العالمية غير القانونية، حيث خلص تحقيق أجرته منظمة الفيلة (EAL) بالتعاون مع "مايشا" للاستشارات في عام 2012 استمر لمدة 18 شهرًا، إلى أن 40% من عائدات حركة الشباب الصومالية (منظمة تابعة لتنظيم القاعدة) قادمة من تهريب العاج، كما ظهر أيضًا اعتماد مجموعات إرهابية أخرى مثل حركة "سيليكا" في جمهورية أفريقيا الوسطى وميليشيات الجنجويد في السودان وجيش الرب للمقاومة في أوغندا على تهريب العاج كوسيلة لجمع الأموال وتمويل العمليات العسكرية وشراء الأسلحة، وعلاوة على ذلك، فقد تبين تورط أركان حكومية إقليمية بأفريقيا وآسيا في تسهيل تجارة وتصدير العاج بدافع الربح الشخصي.

كما كشف تحقيق خاص قامت به مجلة "ناشيونال جيوجرافيك" العلمية، أن مصر نقطة تهريب رئيسية للعاج الأفريقي.

وخلال التحقيق الذي قام فيه الصحفي الأمريكي "براين كريستي"، بدس نابين اصطناعيين من العاج مزودين بأجهزة تتبع وسط ناب مهرب، تحرك النابان من مدينة "مبوكي" في جمهورية "الكونغو" إلى مدينة "الضعين" في السودان خلال 53 يومًا في الفترة من مايو إلى يونيو 2015 قطع خلالها مسافة 950 كيلومترًا، قبل أن ينقطع التواصل مع أجهزة التتبع، لكن خريطة مرفقة بالتحقيق أوضحت أن مسارات العاج المهرب بعد وصوله إلى السودان عادة تكون إلى الخرطوم ومنها إلى القاهرة التي تم وصفها بنقطة تهريب رئيسية للعاج الذي تحتاجه أسواق الصين بنهم شديد.

كيلو العاج يتراوح سعره بين 165 دولارًا و584 دولارًا في منطقة الصيد غير القانوني في قلب القارة، قبل أن يصل سعر هذا الكيلو إلى 1944 دولارًا عندما يصل إلى نقاط التهريب الرئيسية في أفريقيا ومن بينها "مصر والكاميرون ونيجيريا وأنجولا"، ثم قد يتضاعف الثمن ليصل إلى 10 آلاف دولار كاملة في الأسواق الآسيوية.

وكشف التحقيق عن أن قتل الفيلة، والتجارة في العاج الملوث بالدماء، هو أحد أساليب تبادل السلاح والمنافع بين جيش الرب الأوغندي الذي يصنف باعتباره منظمة إرهابية، وبين الجيش النظامي السوداني، الذي كان يدعم جيش الرب في حربه الانفصالية ضد الجيش الأوغندي في التسعينيات إلى حد تمويله بالبنادق الآلية والمدافع المضادة للطائرات ومدافع الهاون، واستمر هذا التعاون إلى أن هرب زعيم جيش الرب جوزف كوني، في إحدى المدن المتنازع عليها بين دولة السودان وجنوب السودان، وهي منطقة كافيا كنجي، التي تعتبر واحدة من المدن التي تنشط فيها تجارة العاج، ويقوم جيش الرب فيها بالاستحواذ عليه عبر قتل الفيلة في متنزهات الكونغو، ثم تهريبها من أجل الحصول على السلاح، بحسب اعتراف أحد قيادات جيش الرب المنشقة.

وزارة البيئة في مصر مطالبة الآن، وفورًا، بالانتباه لهذه الممارسات الضارة جدًا بسمعتنا، والعمل على وقفها بأي شكل، وبأسرع ما يمكن؛ إنقاذًا لما يمكن إنقاذه.
Advertisements
الجريدة الرسمية