رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

العرب يبلعون الطعم من جديد !


يبدو أن المشكلة في النظام العربي الرسمي، ويبدو أن هذا النظام لا يقرأ ولا يعتبر، ولا يحاول –مجرد– التوقف قليلا والتأمل طويلا أمام ما يحدث في المنطقة من تداعيات، ومن رغبة جامحة لتسريع وتيرة حرب إقليمية تدق الأبواب بعنف وإصرار.. لن يستفيد منها غير أعداء المنطقة المنكوبة بأنظمة رسمية بات شاغلها الأكبر تصفية حسابات خاصة قبل تصفية عدو زرعته وروته وكبرته أمريكا وحلفاؤها من الغرب هو تنظيم داعش الإرهابي.. الذي تصر بعض هذه الدول، ويصر إعلامها على تسميته "الدولة الإسلامية" وتكريس هذا المفهوم حتى يصبح حقيقة لها ظل على أرض الواقع في ذهنية العرب والمسلمين، وهم (الدواعش) في الحقيقة شتات مأجور شكل عصابة كبيرة مثل عصابات اليهود التي زرعها الغرب في الجسد العربي في منتصف القرن الماضي..


نحن لا نتعلم ولا نريد.. لم نقرأ جيدًا ونستوعب ما فعله بول بريمر في العراق عندما أمر بتسريح وتفكيك الجيش العراقي وتبديد قوته العسكرية والإرشاد عن مخازن السلاح والعتاد وتركها نهبا لكل من هب ودب ! ولم نقرأ محاكمة صدام حسين الهزلية تحت وهج التحول الديمقراطي الذي بشر به المجنون بوش الابن العراقيين في أكبر كذبة عرفها التاريخ المعاصر تحت شعار الفوضى الخلاقة ! ولم نقرأ المشهد المأساوي لعملية الشنق بفيديو مصور بثته كل الفضائيات ووكالات الأنباء صبيحة أول يوم عيد الأضحى، ولم يعلق أحد على حقوق الإنسان في هذه الدول التي تمول وتدفع لمنظمات مشبوهة تتشدق بحقوق الإنسان !

لم نقرأ كل هذه المقدمات التي كانت تمهد الطريق من أكثر من عقد من الزمن لكل ما يحدث الآن، وتجهز خشبة المسرح من البقعة الممتدة من العراق وسوريا للفصل الأخير من المؤامرة على العرب من خلال حرب بالوكالة يكون وقودها جيوشًا عربية وتمويلها أموالًا عربية بسلاح غربي يستنزف أموال وثروات المنطقة حتى آخر ريـال أو دينار أو دولار لتجلس إسرائيل داخل الطوق النظيف وسط دول بلا جيوش وبلا سلاح وبلا تنمية فيتحقق حلمها في السيطرة على قلب العالم، ومن يملك قلب العالم يملك العالم كله.

أمريكا والغرب يلعبون بورقة ما يسمى "التحالف الدولي" لمحاربة داعش كالحاوي الذي يلعب الثلاث ورقات يوهمك أنك ستكسب، والحقيقة أنك ذاهب إلى خسارة مؤكدة.. أمريكا والغرب شطار في هذه اللعبة وقادرون على إدخالك فيها طوعا لا كرها اعتمادًا على أننا لا نقرأ ولا نستوعب الدرس، وهم لن يحاربوا داعش من أجل القضاء عليها ولكن يفعلون ذلك فقط من أجل تحجيمها لتعود وتنطلق من جديد عند الحاجة.. لعبة سياسية شاهدناها من قبل مع القاعدة.. لكننا لم نستوعب المشهد !

التحالفات الدولية لن تتوقف، فاللعبة هي هي، والذي يتغير فقط هو ورق اللعبة، وهذه المرة.. لن يتم القضاء على داعش إلا بتدخل بري من جيوش عربية.. أمريكا لن تكرر مأساة جنودها في العراق، والغرب لن يقاوم الرأي العام في بلاده.. لذلك لا يبقى غير الجيوش العربية تدخل أرض المعركة وتصنع مستنقعًا جديدًا تغوص فيه إلى أن يأذن الله بالخروج، والخروج من الحرب عملية معقدة وصعبة على أطرافها الذين يستطيعون تحديد متي يدخلون الحرب ولا يعرفون متى يخرجون منها !

بيدي لا بيد عمرو.. هذه المرة جيوش عربية تدخل سوريا تقسمها إلى كنتونات صغيرة لا تقوى على الحياة مربوطة بحبل سري مع أمريكا والغرب بحيث يستطيعون في أي لحظة خنقها والقضاء عليها !

السعودية تعلن مشاركتها بقوات برية لمحاربة داعش بينما الهدف الأساسي هو إسقاط الأسد والنظام السوري، ثم تلحقها الإمارات العربية وتعلن المشاركة البرية بشرط أن تقود أمريكا التحالف.. والمطلوب هو حرب إقليمية تؤول نتائجها إلى الغرب وتسقط ثمرتها في حجر إسرائيل.. برافو النظام العربي.. تلتقط الطعم مرات ومرات وتتجرع السم وتدفع الثمن مرات ومرات ولا تتعلم !

يا أمة "اقرأ" لماذا لا تقرئي بجد وتستوعبي بفهم ؟ القضاء على داعش يتحقق عندما تتوقف دول التحالف عن تغذيته بالسلاح والمال والمتطوعين، وعندما تحاصره وتغلق عليه المنافذ فلا يتنفس، وعندما تتوقف أطماع دول الجوار في تحقيق قومياتهم.. الفارسية والعثمانية وعندما نكشف أمر المعارضة المصنوعة مخابراتيًا.. والله المستعان.
Advertisements
الجريدة الرسمية