رئيس التحرير
عصام كامل

الاستثمار في البشر أهم من الاستثمار في الحجر


تتعاقب السلطة وتتغير الحكومات وطريقة إدارة البلد لا تتغير.. فكل مسئول يأتي لمنصب أول ما يهتم به هو إقامة مشاريع وإنشاء أو تجديد مبانٍ وافتتاحها وإزاحة الستار عن قطعة رخام محفور عليها اسم هذا المسئول وبرعاية مسئول أكبر والذي قد لا يهتم ولا يعرف عن هذا المبنى شيئًا ولا كيف يدار ولا من يديره.


فنجد مثلا إعلانًا عن افتتاح مستشفى أو مدرسة أو مصنع ولا نجد خطة لتطوير الدكتور أو المدرس أو العامل ليمكنه من إدارة وتشغيل المستشفى والمدرسة والمصنع بمعايير علمية عالمية للحصول على منظومة صحية جيدة ومواطن مصري معافى أو شاب متعلم تعليم حقيقي مواكب للعصر أو منتج مصري لا يقل عن مثيله العالمي.

لا يعنيني هنا الحديث عن السياسة وخلافاتها واختلافاتها ولكن يعنيني فقط الشأن المصري بصرف النظر عن طبيعة السلطة يهمني التركيز على جوهر مشكلة مصر وهي الإدارة وهي بتعريفها البسيط هي: (الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة) والموارد ليست فقط الأنهار والمحيطات وآبار البترول والآثار والطقس وطبيعة الأرض ومخرجاتها فقط، ولكن أهم ثروة نمتلكها ولا نعرف كيف نستثمرها هي الثروة البشرية والتي تعتبر من أهم الثروات.

فنحن نملك ما يقرب من 100 مليون نسمة ومع ذلك هم كثرة كغثاء السيل؛ وذلك بسبب سوء إدارتهم واستثمارهم، إن الجزء الأكبر من سكان مصر يقترب من أعمار 35 سنة بما يعني زيادة في قوة العمل، وهي نسبة تحسدنا عليها دول العالم، وهذا يؤكد فشل الحكومات، حيث إن ارتفاع نسبة الشباب في أي بلد هو ميزة وليس عيبًا وهو الأدعى للنمو وتحقيق التنمية، إذًا ليس الأمر انفجارًا سكانيًا ولا زيادة في عدد السكان وإنما هو عدم القدرة على استغلال ما لدينا من طاقات وموارد.

لا أحد يناقش قضية الإدارة والتخطيط والاهتمام بالإنسان باعتباره الهدف الأساسي للتنمية وإنما يعلق الجميع صعوبة الأوضاع الاقتصادية على شماعة الزيادة السكانية بدعوى أنها تلتهم عائدات التنمية.

نحن نحتاج إلى تغيير في أسلوب معالجة مشاكلنا، بالتركيز في بناء البشر وليس الحجر، نحتاج فكرا إداريا واعيا يتحمل المسئولية، ويدرك كل مسئول معنى وقيمة الحديث الشريف (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)، وليعلم أن كل مسئول فاشل فاسد في هذا البلد هو مرءوس لمسئول أفشل وأفسد منه جاء به أو تركه في وظيفته.
الجريدة الرسمية