رئيس التحرير
عصام كامل

الدولة القوية.. والدولة الباطشة!


هناك خيط رفيع بين الدولة القوية والدولة الباطشة.. والبعض لا يستطيع أن يرى هذا الخيط، ولذلك عندما يطالب بدولة قوية يجنح عادة ليتحول طلبه إلى دولة باطشة.


الدولة القوية ضرورة لا غنى عنها حتى يتحقق التعايش المشترك في المجتمع ويسود الأمن والاستقرار.. بينما الدولة الضعيفة لا يتحقق فيها سوى الفوضى، ويسود الظلم ويضيع الأمان.. وتتحقق قوة الدولة -أي دولة- بتنفيذ وتطبيق القانون على جميع المواطنين بلا استثناء.. فإن المواطنة تقتضي المساواة بين جميع المواطنين بغض النظر عن اختلاف العرق والدين والجنس والانتماء الاجتماعي والسياسي.. والمساواة لا تتحقق إلا بالتزام القانون وعدم استثناء أي مواطن من تطبيق القانون.. وحتى يتحقق ذلك لابد من توافر جهاز أمن قوي ملتزم أساسًا بالقانون ويطبقه على نفسه أولا حتى يتسنى له تطبيقه على الجميع بلا استثناءات.

وهكذا أي خروج على القانون يجب أن يتعرض من قام بذلك للمساءلة القانونية والمحاسبة والعقاب أيضًا.. وإذا كانت هناك قوانين لم تعد صالحة أو تتعارض مع الدستور يتم تعديلها من قبل السلطة المنوط بها ذلك، وهي السلطة التشريعية الممثلة في البرلمان.

أما الدولة الباطشة فهي دولة لا تلتزم مؤسساتها بالقانون، خاصة أجهزتها الأمنية.. فهي تعفي مؤسساتها أو بعض مؤسساتها من الالتزام بأحكامه.

والدولة التي نطمح فيها هي الدولة القوية وليست الدولة الباطشة.. لذلك لا يصح أن تقابل أحكام القضاء بالاستنكار من قبل بعض الإعلاميين.. وذات الشىء ينطبق على أي محاولات احتواء سياسي يبادر بها مسئولون لمجموعات أو قطاعات مجتمعية ما دامت هذه المحاولات لا تعطل تطبيق القانون على الجميع.

القوة للدولة ليست بطشًا، ولكن القوة في تنفيذ القانون على الجميع وخلق توافق عام حول ذلك.
الجريدة الرسمية