رئيس التحرير
عصام كامل

الشباب المصري والألتراس


الانفلات الذي حدث بعد ثورة 25 يناير 2011 وطال جُل مناحي الحياة في مصر المحروسة، وكان في ذروته "الانفلات الأخلاقي" لدى قطاع كبير من الشباب، أدى ولا يزال إلى كثير من المآسي والكوارث في المجتمع، وما تقوم به روابط الأندية الرياضية "الألتراس" من أعمال منذ ذلك التاريخ حتى الأمس القريب هو النتيجة المباشرة لغياب الدولة بمؤسساتها المختلفة عن الشباب بصفة عامة، وتقاعسها عن مواجهة الظواهر غير القانونية لهذه الروابط وعدم تفعيل القانون نحوها على وجه الخصوص، ما أدى إلى نموها وانتشارها.


وعندما نتحدث عن الشباب وإليه، فإننا نخاطب الشباب الجاد.. الطالب في معهده، والعامل في مصنعه، والفلاح في أرضه، و"الأرزقي" الذي يسعى مبكرًا إلى رزقه، نتحدث عن شهدائنا من الشباب الذين يقدمون أرواحهم ودماءهم فداءً لوطنهم ودفاعًا عن مواطنيهم، وليس عن أولئك الشباب الذين يجلسون على المقاهي في انتظار ما لا يأتي أو أولئك الذين لا شأن لهم إلا بتشجيع أنديتهم الكروية ويموتون إذا لم يشجعوا أنديتهم!

وقد يتفق المرء مع الكثير مما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسي مؤخرًا في مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب خاصة تأكيده سعة صدره إزاء أبناء مصر وبذله الجهد الكبير للتواصل معه، إلا إننا نختلف مع سيادته في دعوته مشاركة مجموعة من الألتراس في لجنة لبحث حادث استاد بور سعيد، والتي تفتح الأبواب لكل جماعة ضغط غير شرعية للتأثير فى مؤسسات الدولة خاصة القضاء.

إن قضية الألتراس تظهر بوضوح الكثير من الحقائق على أرض الواقع وفي مقدمتها أن غياب آلية إنفاذ القانون أو بالأحرى "تغييب القانون" أدى ويؤدي إلى مواصلة مخالفته والتعدي عليه.

إن التساهل والتغاضي عن أفعال روابط الأندية الرياضية المحظورة بحكم محكمة مستأنف القاهرة للأمور المستعجلة على مستوى الجمهورية، يشجع هذه الروابط على ارتكاب المزيد من الأعمال المخالفة للقانون، كما أنه يؤدي إلى ظهور جماعات أخرى ويشجعها على العمل في السر والعلن ضد الوطن والمواطنين.

إن تأييد البعض "الألتراس" والدفاع عن أقواله وأعماله وتبريرها يؤكد أن هناك من الجماعات والأفراد يمدون هذه الروابط بالمال، ويسعون إلى تقويتها من أجل مصالحهم الخاصة البعيدة عن الرياضة، ومما يؤسف له أن أحد أندية القاهرة الكبرى يفتح أبوابه على مصاريعها للألتراس الخاص به ليكيل الاتهامات والسباب والشتائم لمؤسسات الدولة وللمسئولين السابقين والحاليين!

وأخيرًا.. إن الشباب هم نصف الحاضر وكل المستقبل، ويجب على الدولة وعلينا نحن معشر الشيوخ أن نفسح المجال لهم ليتقدموا الصفوف خاصة السياسية والبرلمانية والمجتمعية ونكون عونًا لهم ومساعدين إياهم للعمل الجاد والتقدم والرقي، ولكن عن أي شباب نتحدث؟!
الجريدة الرسمية