رئيس التحرير
عصام كامل

معتز بالله عبد الفتاح: من كانوا وراء نجاح ثورة يناير تسببوا في فشلها

فيتو


  • ما تحقق من ثورة يناير بعد 5 سنوات هو تغيير بنية السلطة فقط
  • كنا نُعانى في عهد مبارك من القمع وبعده أصبحنا نعانى من الفوضى
  • البعض يترصد لجنينة وكان يجب عليه ألا يعطي أحدا هذه الفرصة
  • العودة إلى مساحة الحرية تعود بالمناخ العام قليلًا إلى القمع
  • رفضت المناصب في عهد الإخوان لأنى "كنت شاكك فيهم"
  • إسلام بحيرى من حقه أن يسأل ولكنه ليس مؤهلا دينيًا لأن يُجيب
  • خمسة شروط كان يجب توفرها لاستمرار نجاح ثورة يناير
  • السيسي استلم مصر ممزقة.. وكان الله في عونه
  • نحن أمام مأزق ما يُطلق عليه الحرية الفوضوية
  • الإخوان والأحزاب الإسلامية ستعود من جديد إذا ضعفت الدولة
  • الحبس في قضايا الرأى له مردود عكسى والفكر يواجه بالفكر

أدار الحوار: إيمان مأمون
أعده للنشر: منى محمود - محمود على 

بزغ نجمه مع ثورة 25 يناير، كان مستشارا سياسيا لرئيس الوزراء الأسبق عصام شرف، عرض عليه الكثير من المناصب عقب ثورة يناير وبعدها رفض العديد من الحقائب الوزارية في حكومات متعاقبة كوزارة الشباب والتعليم وغيرها واختار أن يكون مقعده من بين كتاب الرأى والمفكرين السياسيين، والذي أهله لذلك تفوقه ونبوغه المبكر، فكان معتز بالله عبد الفتاح أول الجمهورية في امتحانات الثانوية العامة (القسم الأدبي) في عام 1989، ظل متفوقا أثناء دراسته بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية والتي تخرج منها أول دفعة قسم العلوم السياسية في عام 1993، كما حصل على الماجستير في الاقتصاد ثم الدكتوراة في العلوم السياسية من جامعة ميتشجان الغربية في عام 2004.

حل ضيفا على "صالون فيتو" في ندوة حول المشهد السياسي العام ورؤيته للعديد من الأوضاع بمصر..

*منذ أيام قليلة احتفلنا بذكرى ثورة 25 يناير إلا أنها تزامنت مع موجة هجوم من البعض عليها، بماذا تفسر ذلك ؟

ثورة يناير حدث شعبي كبير واستثنائي في تاريخ مصر ومع الأسف الشديد الثورة كحدث لم يستثمر لأن من قام بانجاحها هو من أفشالها بمعني أن من كانوا سببا في نجاحها من قيادات ورموز شبابية هم الذين لم يتنبهوا إلى أن الثورة مسألة مركبة فالثورة ليست فقط النزول إلى الميادين والاعتصامات والاضربات والمليونيات وأتذكر أنني كنت من أوائل من هوجموا من الثوار لأنني كنت أمينا معهم وقلت لهم أن هذه الثورة لن تنجح الا أذا تحققت خمسة شروط وهم الفعل الثوري بكل أبعاده وتابعته من تظاهرات واعتصامات وفعلا تم ذلك بنجاح كبير ولكننا لم ننجح في باقي الشروط الاربع من وجود قيادة، ووجود تنظيم كإطار مؤسسي نعمل داخله،وكوادر سياسية تحسن إدارة الملفات بشكل أفضل من السابق والشرط الأخير وجود برنامج عمل ورؤية واضحة لكيفية إصلاح البلاد.

*ما الذي تحقق من ثورة يناير بعد 5 سنوات ؟

ما تحقق بالفعل هو تغيير بنية السلطة فقط وبالطبع هو ليس يسيرا ولكنه أيضا ليس الهدف الأمثل للثورة، ولكن في نفس الوقت لم يعد لدينا دستور ولا الحزب الوطني بكل رموزه الالف اسم الذين كانو يديرون مصر قبل يناير ولكن لاتزال هناك بعض المشكلات لأن كثيرا من الأمور والموروثات الثقافية من قيم الناس وأفكارهم ومعتقداتهم وتعاملهم مع الدولة ما زال مثل الماضي بمعني أن الثورة لم تصل اليهم الا سياسيا فقط.

*في كتابك الأخير "مصر التي نريد" ما تصورك لمصر التي نريد ؟

الدولة المصرية تاريخيا اهتمت بأربع وظائف،وهي الوظيفة الأمنية وأدتها بنجاح والوظيفة التنموية وتتلخص في زيادة الناتج القومي، واهتمت بوظيفة إعادة توزيع الناتج بحيث يصل إلى أكبر عدد من الشعب واهتمت أيضا الدولة بالوظيفة الحقوقية، ولكنها اهملت وظيفتان يجعلان كل المجهود في الوظائف الأربع السابقة لا يأتي ثماره وهم الوظيفة التمثيلية وتعني الديموقراطية وهي تمثيل الشعب في مؤسسات صنع القرار، والوظيفة التربوية للدولة وهي دور الدولة في تربية مواطنيها على الحد الأدنى من القيم المدنية وتجعلهم يحسنوا العيش المشترك داخل مجتمع واحد والدولة تمتلك أدوات لتأهيل المواطن تربويًا من خلال التعليم والإعلام والدين والثقافة والسياسة، ولكن مصر حاليًا لم تهتم بهاتين الوظيفتين.

*كيف قرأت قضية المستشار هشام جنينة وفساد الـــ 600 مليار جنيه؟

ما توفر لى من معلومات في هذا الصدد لا يكفى لإصدار حكم نهائي في هذه القضية، وبالنسبة لى حتى وإن فعل المستشار هشام جنينة الصواب بكشفه عن فساد فإنه فعل ذلك بطريقة خاطئة لأن هذه الأمور لابد أن تكون محسومة تمامًا ومُثبتة بالأدلة والمستندات، فضلًا عن وجود قنوات شرعية كان يمكن أن يسلكها بالأرقام الدالة على الفساد قبل أن يتوجه بها مباشرة للرأى العام، خاصة أن الرقم الذي ذكره "مهول" ويُشير إلى أن الفساد في مصر يبلغ 600 مليار جنيه أي ما يقارب نحو ربع الناتج القومى لمصر، كما أن الغموض الذي يكتنف مصطلح الفساد وعدم وجود تعريفه بشكل واضح ودقيق هو مشكلة في حد ذاته، وظهور مستند رسمي يدعم وجهة نظر رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات سيكون بمثابة طوق النجاة لما وجه إليه من انتقادات، وما كان يجب أن يتحسب له جنينه هو وجود من يترصد له لذا فكان يجب عليه ألا يعطي أحد هذه الفرصة.

*ما تقييمك لأداء الرئيس السيسي منذ توليه منصب الرئاسة وحتى الآن؟

كان الله في عون الرئيس السيسي الذي استلم مصر وهى ممزقة، سواء على مستوى الدولة الممثلة في الأجهزة الرسمية والحكومية أوعلى مستوى المواطنين، ومنذ البداية وضع السيسي قضية الحفاظ على وحدة مصر على رأس أولوياته، خاصة أن الدولة مهددة من الإرهاب والميليشيات، وحمل عبئا ومسئولية كبيرة تتعلق بالوظيفة الأمنية سواء على مستوى القوات المسلحة أو الشرطة، ذلك القطاع الذي قد يبدو لنا ظالمًا لكنه مظلومًا، فضلًا عن التحدى التنموى شديد التعقيد، فالسيسي تقلد منصب الرئيس والدولة بلا موارد "كاش"، وبالتالى لجأ إلى الشراكة مع دول الخليج لمساعدتنا قدر الإمكان، وهذه الدول على علم بحاجة مصر إليهم وهم أيضًا في حاجة إليها فإن فقدت مصر استقرارها لأى سبب يعنى هذا أن "ظهرهم سيصبح عاريًا".

*ماذا عن المشروعات التي تمت في عهد الرئيس السيسي؟

تتبع الدولة في عهد الرئيس السيسي إستراتيجية بدء مشروعات قومية وخلق واقع جديد في مناطق ومساحات تقليديًا لم يكن معروفًا عنها أنها تدخل في دائرة اهتمام المستثمر المصري أو العربي، مثل ما يحدث في واحة الفرافرة فالأمر تعدى فكرة استصلاح الأراضى إلى خلق ريف كامل وشريان جديد للحياة والتوسع عمرانيًا لخلق مجتمعات جديدة، فضلًا عن توجه الدولة إلى نقل عدد كبير من المصريين إلى سيناء من الوادى والدلتا فضلا عن محور قناة السويس فهو لجأ إلى مشاريع جديدة لتحقيق فائدة سريعة.

*تُشير الأرقام إلى ارتفاع عدد المعتقلين السياسيين على مدى العامين الماضيين لتصل إلى 40 ألف معتقل سياسيا هل هذا يُشير إلى تراجع الحريات في عهد الرئيس السيسي؟

أنا غير متأكد من الأرقام المتداولة بخصوص أعداد المعتقلين، ولكن إجمالًا نحن أمام مأزق ما يُطلق عليه الحرية الفوضوية، فنحن كنا نُعانى في عهد مبارك من القمع وبعد الثورة أصبحنا نُعانى من الفوضى، ولم نتمكن من الوصول إلى نقطة الحرية التي تقع في المنتصف بين القمع والفوضى، وحاليًا حتى نعود للحرية المسئولة لابد أن يتم هذا في ظل تراضى كافة الأطراف، ولكن هناك أطرافا ترفض فكرة أن تكون جزءًا من الحرية المسئولة لرغبتها في فرض رؤيتها، وكأن هؤلاء يقولون ضمنًا إما أن تسير البلد وفقًا لرؤيتنا أو سنستمر في التظاهر وفى النهاية حتى نعود إلى مساحة الحرية لاشك أن المناخ العام سيعود قليلًا إلى القمع سواء كان هذا القمع مباشرًا من الدولة أو قمع ذاتى من المواطنين أنفسهم أو ما يُعرف بالرقابة الذاتية من خلال شعور المواطنين أنفسهم بالندم على ضياع البلد أو يأتى في صورة عزوفهم عن السياسة بصفة عامة.

*ماذا عن المعارضة وتشويه أي رأى مخالف ؟

من المعروف أن التشويه جزء من السياسة، ولكى ألخص المشهد فإن مصر تحتوى على 3 فصائل، الأول هو فصيل 25 يناير وفصيل 30 يونيو وأخيرًا فصيل ( 25 و30 )، هناك من السياسيين والإعلاميين والمواطنين كافة من أيد 25 يناير فقط فتم لفظه مجتمعيًا أو سياسيًا مثل الإخوان وغيرهم ممن لا يؤيد 30 يونيو ويعتبرها انقلابًا حتى وإن لم يكن من الإخوان، وهناك من يوافق على 30 يونيو ولكن لا يوافق على 3 يوليو، وهناك من يؤيد كل ما سبق ولكنهم يرفضون 14 أغسطس أو فض اعتصام رابعة، وأنا شخصيًا أؤيد 3 يوليو ولكننى أرى أننا لم نلتزم بها، والمعارضة إما أن تكون مواقفية، أي معارضة لمواقف، أو معارضة لأوضاع مستقرة.

*هل تتوقع عودة الأحزاب الدينية مرة أخرى إلى الساحة السياسية وكيف ترى مستقبل هذه الأحزاب والتيارات؟

وفقًا للأداء المذهل الذي تتحرك به هذه التيارات حاليًا فهم "رايحين في داهية"، وجماعة الإخوان المسلمين فقدت ظلها وبوصلتها فانتهى بها الحال أنها لا تملك حاليًا رؤية واضحة، ولكننى أرى أن أعضاء تيار الإسلام السياسي قابعين حاليًا تحت الأرض، وسيظهرون من جديد يوم أن تضعف الدولة. 

*هل تؤيد المصالحة مع الجماعة ؟

لا أؤيد المصالحة، فالإخوان كانوا يديرون مصر بصورة خاطئة، وهذه النظرة لم تتغير حتى الآن.

*لم رفضت منصب سكرتير رئيس الجمهورية للمعلومات في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي والعديد من الوزارات ؟

أنا عادة لا أجد نفسي في المناصب العامة، فأنا أقرب إلى المفكر أو المحلل وهى وظيفة ذات أهمية في المجتمعات التي تقدر العلم، كما أننى أفضل أن أتولى مسئولية مشروع بعينه حتى وإن كنت متطوعًا، وللعلم فقد عُرض على في كل الحكومات التي أعقبت الثورة أن أتقلد منصب وزير الإعلام والشباب والتعليم ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء ورفضت، ولكننى لم أقبل بالمنصب الذي عُرض على في عهد الإخوان لأننى "كنت شاكك فيهم"، وكان لدى ما يدعونى للخوف منهم.

*ما الذي نحتاجه لتجديد الخطاب الدينى وتعليقك على اتهام إسلام البحيرى وفاطمة ناعوت بازدراء الأديان؟

المدخل في تجديد الخطاب الديني هو مشكلات المجتمع، فأعداء مصر الحقيقيين هم 10 ولابد أن يجتهد كل من الخطاب الديني والسياسي والتعليمي والثقافى والإعلامي في مواجهة هذه الأعداء المتمثلة في الجهل والفقر والمرض والفساد والاستبداد والإهمال والإرهاب والتطرف والإدعاء والإنجاب بلا حساب، ويتجدد الخطاب الديني حينما نحدد أي من النصوص الدينية يمكنها مواجهة آفة من هذه الآفات. 

*وكيف قيمت الحكم بالحبس على إسلام البحيري وفاطمة ناعوت لازدراء الأديان؟

أرى أن إسلام البحيرى له الحق أن يسأل ما يشاء، ولكنه ليس مؤهلا دينيًا لأن يُجيب، وإن ثبت أنه سب أحد من خلال حلقات برنامجه فإنه بذلك خرج عن السمات التي من المفترض أن يتحلى بها أهل العلم، ولكننى ضد فكرة الحبس لأنها تؤدى إلى عكس الغرض منها، نفس الشىء بالنسبة لقضية فاطمة ناعوت، فالفكر يواجه بالفكرولذا فقد قال عزيز أباظة " ليس بالقمع تقتل الرأى.. إن القمع يليه قوة وإنتشارًا"، فالرأى لابد وأن يواجه بالرأى.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية