رئيس التحرير
عصام كامل

التفاهة والغوغائية في الفضاء المعلوماتى!


أدت الثورة الاتصالية الكبرى والتي تتمثل أساسا في البث الفضائى التليفزيونى واختراع شبكة الإنترنت إلى خلق فضائى عالمى جديد غير مسبوق في تاريخ الإنسانية.


وهذا الفضاء سمح لملايين الناس أن يعبروا عن أنفسهم سياسيًا وفكريا بغير حدود ولا قيود، وذلك لأن الحكومات ليس في مقدورها من الناحية الفنية البحتة وضع هذه الحدود أو ممارسة الرقابة التقليدية على الآراء السياسية والفكرية المعارضة كما كان يحدث في الماضى.

وهكذا ظهرت المدونات السياسية التي يعبر فيها المعارضون للنظم الشمولية والسلطوية عن نقدهم العنيف ثم ظهر بعد ذلك "فيس بوك" والذي أدى إلى انقلاب حقيقى في مجال التواصل الاجتماعى والثقافى.. ففى هذا المجال الرحب يعبر الناس العاديين عن آرائهم السياسية وينشرون خواطرهم، بل يتجه بعضهم إلى نشر إبداعاتهم الأدبية والفكرية مهما كان مستواها متواضعًا ولا يستحق النشر لو قيمت بالوسائل التقليدية التي تطبقها إدارات تحرير الصحف أو دور النشر.

بعبارة أخرى أدى غياب ما يطلق عليه في بحوث الإعلام "حراس البوابات" والمقصود هنا رؤساء تحرير الصحف والمجلات ومديرى دور النشر إلى إطلاق العنان لأى شخص حتى لو كان من أنصاف المتعلمين أو ممن أشباه المثقفين أن ينشر على الناس "روائعه" حتى لو كانت كتابات تافهة أو انتقادات غوغائية لنظم الحكم المختلفة.

وقد أدت الوسائل الفنية في فيس بوك وهى أن تضغط على زر "لايك" أي أعجبنى هذا الكلام أو "شير" أي شارك الآخرين في الإعجاب إلى إنشاء نظام وهمى لتقييم الكتابات على فيس بوك، فيقول لك الكتاب التافه مثلا لقد حصلت على ألف "لايك" على ما كتبته أو حصلت على 500 شير! وهذه مؤشرات لا قيمة لها إطلاقا في مجال التقييم الحقيقى.

غير أنه بالإضافة إلى الفوضى العارمة في مجال الكتابة وتقييمها هناك الغوغائية السياسية والتي تظهر في ممارسة المشاركين في فيس بوك لنقد السلطة السياسية "عمال على بطال" أو نشر الشائعات وكأنها حقائق، أو المبالغة في وصف الأحداث.

ويضاف إلى ذلك كله كارثة "البذاءة" في التعبير واستخدام الألفاظ السوقية في النقد وكأنها أسلوب معتمد من بين أساليب النقد المنحرفة!

كل هذه الظواهر السلبية التي برزت خصوصا بعد ثورة 25 يناير سببها الحقيقى اختلاط الثورة بالفوضى!

الجريدة الرسمية