رئيس التحرير
عصام كامل

هل أتاك حديث الأقليات؟


أقرت الجزائر الأمازيغية لغة رسمية في الدستور الجديد، في تطور اختلف فيه خبراء وساسة.. بعضهم رأى أن القرار ليس فاتحة خير؛ لأنه عندما يدخل الحديث عن الأقليات وحقوقهم، ومناطقهم، ولغاتهم، خصوصًا في دول الشرق الأوسط، يخرج الوئام والسلام الاجتماعى من الشباك.


إقرار الأمازيغية لغة رسمية، يعنى فتح الباب أمام الكلام عن مزيد من حقوق الأمازيغ في مناطق القبائل، والصحراء، وليس بعيدًا تنامى المطالبات بحكم ذاتى، أو قبلى لبعض المناطق الأمازيغية في البلاد.

الأمازيغ ليسوا بعض سكان الجزائر الأوئل فقط، إنما هم السكان الأوائل في شمال تشاد، وفى كثير من مناطق ليبيا، وتونس، ومالى، واصل سكان الواحات في مصر.

قبائل الزنتان الليبية أمازيغية، وأغلب أبناء زليتن ومصراتة الليبيتان أمازيغ أيضا، أبناء قبائل الواحات الداخلة والخارجة والفرافرة في مصر من أصول أمازيغية، لكن التقسيم على أساس المواطنة، يفرق عن التقسيم على أساس العرق.

في العراق، رافق السلاح تصاعد النبرة العرقية بعد سقوط صدام حسين، ظهر الكلدان، والآشوريين، وبقايا السومريين، هؤلاء وضعوا في يد سلاح، وفى اليد الأخرى مذكرات طالبوا فيها بتمثيل نسبى ومحاصصة في البرلمان ونفوذ في مقاطعاتهم.

في مصر ظهرت حركات نادت بحقوق النوبة في الجنوب، ودعت بعضها لتقنين اللهجات النوبية وكتابتها، وتدريسها للأطفال في مدارس كلبشة وتوشكى بدلا من العربية، حركات أخرى طالبت بانفصال النوبة وإعادة النظام الملكى هناك !

في بداية الحديث عن الشرق الأوسط الجديد منتصف التسعينات، تكلم الأمريكان عن الحريات، وحقوق الأقليات، عصفت مفاهيم الحريات الأمريكية بالشرق الأوسط، والدور على حقوق الأقليات، الكلام في العرق، مثل السم في العسل، والبلدان التي لم تسقط بثانويات الربيع العربى، مؤكد يقتلها حديث العرق ولغات العرق، ثم مناطق نفوذ العرقيات.

في الجزائر أشاد حقوقيون بحق الأمازيغ في الاعتراف بلغتهم، وفى مصر، منذ عام 2004 نادى حقوقيون بحقوق أهل النوبة في استعادة لغتهم، واستعادة مناطق نفوذهم، وتكلم بعضهم عام 2008 عن حكم ذاتى في مناطق النوبة القديمة، وحتى الحدود مع السودان، في الثمانينات طالب حقوقيون إيرانيون بإطلاق الحريات لأهل القطيف السعودية الشيعة، لتعلم الفارسية، وتعليمها لأطفالهم قراءة وكتابة.

اليوم، القطيف السعودية مشتعلة تضامنا مع إيران، ضد السعودية، وكثير من أهل النوبة المصريين يعيشون حقوقيين متجولين في لندن وهولندا وسان فرانسيكو وتاكساس في الولايات المتحدة مطالبين باستعادة الأرض، ويعرفونهم هناك بأبناء قومية مقهورة من البيض المصريين !

بعد إقرار الأمازيغية في الجزائر، يبقى الدور، والصراع، على مناطق النفوذ، الأمازيغ قبائل مختلفة، ولابد أن يتحرك الطوارق، القبائل الأكبر صاحبة الصراع الهائل مع عرقيات الأمازيغ على مناطق الوجود ومناطق النفوذ.

الأمازيغ موجودون في المملكة المغربية بنسب ليست قليلة، وانطلاقًا من الحديث عن حقوقهم، فقد المغرب جزءًا من أراضيه في الجنوب، على يد الطوارق الذين أسسوا جمهورية الصحراء، ودعمت أوروبا استقلالها عن المغرب، فتأسست جمهورية، وعاصمة لا يرفض الاعتراف بها إلا المغرب وحده، بينما على الخرائط الأوروبية تنتهى حدود المغرب عند أقل من ثلثين حدوده الحقيقية.

الكلام عن حقوق الأقليات في الشرق الأوسط عادة يكون مخلوطًا بسم السيانيد، والأكيد أن المطالبة بالمواطنة، أولى من إجراءات لا تحيي إلا نزاعات عرقية نتائجها منزوعة الأمان!
Twitter: @wtoughan
wtoughan@hotmail.com

الجريدة الرسمية