رئيس التحرير
عصام كامل

الفئة الباغية


«يا ويح عمار، تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار».. كلمات قالها النبى صلى الله عليه وسلم فى عمار بن ياسر الصحابى الجليل، الذى قتله جيش معاوية يوم صفين فى أحداث الفتنة الكبرى، فحقت بذلك على فئته نعت النبى لمن يقتل عمارا، فعم وصف البغى عليها كلها وإن قتله فرد فيها.

إن تلك الفئة هى التى ساندت دولة الظلم والفساد والطغيان، ومثلت الوقود لمشروع معاوية فى الاستئثار بالحكم والسلطان، وكان فيها خطباء الفتنة والسلطة الذين برروا قتل عمار بأن معاوية وصحبه كانوا مجتهدين فلا إثم عليهم في ذلك.

وقال آخرون من عينة هؤلاء: إنما قتله من جاء به. إنهم فئة فاسدة ظالمة منهجها التدليس والتزوير، وكأن النبى كان يعلِّمنا فى شخص عمار أن لكل زمن فئته الفاسدة الباغية وكل مجتمع فيه طُهْرُ عمار ونقاؤه، وأنه حتما ستقتله تلك الفئة الباغية جزاء دعوته إلى الحق والعدل، وعمارنا اليوم هو عماد عفت وهو الحسينى أبو ضيف وهو علاء عبد الهادى وغيرهم الكثير، لقد قتلت فئة معاوية عمارا واحدا، وقتلت فئتنا الباغية ألف عمار بدون أدنى استحياء أو خجل.

الفئة الباغية هى التى تدعم الحاكم فى استبداده وظلمه وفساده، وهى التى تسترخص الدماء حين تريقها فى سبيل مصلحة واستمرار الطاغية، وتحط من قيمة الأوطان وإن عاشت فيها ونهلت من خيراتها، إنها هى التى تدلس على الناس بأنها تمثل الناس وأنها طريقهم إلى الجنة، بينما هى التى تدعوهم إلى النار بصحيح حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لعمار، إنها هى التى تتخذ من الدين وسيلة وأداة بينما تكون أبعد الناس عنه وعن صحيح مقاصده، وتتخذ من علماء الفتنة جنودا مقاتلين بالكلمة على المنابر وطابورا خامسا يغلف استبدادهم وظلمهم، ويعمل على إخفاء فسادهم بغشاء رقيق لامع من أحاديث الدين المنحولة عليه، إنهم المدلسون على الناس، المستخفُّون بعقولهم، المكفرون لمعارضيهم، إنهم السبابون الشتامون الخائضون فى الأعراض، إنهم هم الذين قسموا المجتمعات وفرقوا بين الناس، إنهم أحفاد الفئة الباغية الأولى أصحاب الفتن والمحن والبلوى، لقد أشعلوا فتنة عظمى كأسلافهم ليس لها من دون الله كاشفة، فتنة نكون فيها عمارا وصحبه، ويمثلون هم فيها فئة البغى والعدوان والطغيان.
الجريدة الرسمية