رئيس التحرير
عصام كامل

الحكومة وخفض الأسعار


غابت الدولة خلال السنوات العديدة الماضية عن السوق المصرية، وتركتها لآليات الاقتصاد الحر وقاعدة العرض والطلب "المزعومة"، وتجاهلت الحكومة دورها في مراقبة الأسواق ومتابعة الأسعار، خاصة أسعار السلع الغذائية.


وتركت الدولة ومؤسساتها المعنية بالمستهلك وحمايته، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني، والحكومة بأجهزتها المختلفة، السوق للفوضى والعشوائية ولأطماع وأغراض المنتجين والمزارعين والمستوردين والمصدرين والتجار، ليتحمل المواطن في نهاية المطاف، الارتفاع المتواصل غير المُبرر في الأسعار والذي لا يتناسب مُطلقًا مع الزيادات في الرواتب والأجور لغالبية أبناء الشعب الذين يتدنى مستواهم الاجتماعي والمعيشي وتنخفض قدراتهم المالية إزاء مواجهة أعباء المعيشة، فيزداد الفقراء فقرًا على فقرهم وعوزهم بينما يزداد الأغنياء غنى وثراءً.

لقد أدى غياب الدولة عن السوق وعدم مراعاتها البُعد الاجتماعي لطبقات الشعب المختلفة، إلى تنامي الأطماع لدى المنتج للسلعة ولدى الموزع الكبير والتاجر الصغير، كما أن سوء التعامل مع السلع الغذائية بداية من تجمعات الإنتاج ومرورًا بوسائل تخزينها وانتهاءً بنقلها إلى الأسواق وإهدار نسب مرتفعة منها، كل ذلك أسهم في ارتفاع أسعارها.

كما أدى غياب الحكومة عن مراقبة الأسواق إلى انتشار مصانع "بير السلم" الغذائية وغيرها، وامتلاء السوق بالمواد الغذائية منتهية الصلاحية وتلك غير الصالحة للاستهلاك الآدمي حتى في أرقى "المحال والسوبر ماركت" في أنحاء البلاد.

غير أنه في الأسابيع القليلة الماضية، تنبهت الدولة وأجهزتها إلى هذا الغياب الذي امتد لسنوات وسنوات، بعد أن بلغ السيل الزبى ولم يعد المواطن قادرًا على تحمل انفجار الأسعار ولهيب الغلاء، فقامت الحكومة بالبدء بإعادة دور الدولة في العمل على مواجهة فساد الأسواق وارتفاع الأسعار، فأحيت من جديد دور "المجمعات الاستهلاكية" وطورت عددًا منها وافتتحت عددًا آخر بالمحافظات المختلفة، وضخت أطنانًا من المواد الغذائية فيها وابتكرت وجبات غذائية متنوعة تناسب الفئات المختلفة.

كما قامت الشركات الحكومية بدفع السيارات المُجهزة للحوم والدواجن وكذلك العربات المُحملة بالخضر والفاكهة إلى العديد من المناطق والأحياء وبيعها بأسعار أقل كثيرًا عن مثيلاتها في السوق، كما قامت القوات المسلحة بدعم السوق بمنتجاتها المختلفة، ما يؤكد دورها الحيوي في المجمتع.. كل ذلك كان له الأثر الكبير في انخفاض الأسعار.

وفي الوقت ذاته نشطت أجهزة الحكومة المختصة، في مراقبة الأسواق وقامت بالحملات التموينية والتفتيشية عليها لملاحقة السلع الفاسدة وغير الصالحة، الغذائية وغيرها.

إن عودة دور الدولة في المجتمع خاصة في سوق المواد الغذائية سيعيد بلا شك بعض التوازن في الأسعار، ويردع في الوقت نفسه أولئك الذين يتلاعبون بالسوق وبالمواطن كما يحلو لهم.

والأمل يكمن في "المستهلك" الذي يمكنه –إذا أراد– المساعدة في خفض الأسعار، بمقاطعة أي سلعة يتجاوز سعرها الحد المعقول.

وأخيرًا.. لعل لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي الأربعاء الماضي بمنتجي السلع الغذائية وممثلي السلاسل التجارية، أن يؤتي ثماره لتوفير متطلبات المواطن المصري بأسعار مناسبة وجودة عالية، وإعلاء قيم الأمانة والإخلاص في تقديم السلع والخدمات للمواطنين، كما أكد ذلك السيد الرئيس..
الجريدة الرسمية