رئيس التحرير
عصام كامل

عن القوى التقليدية وشباب يناير!


الخلط بين ما يسمى بالقوى التقليدية وبين نظام مبارك.. خطأ إستراتيجي.. القوى التقليدية هم أتباع الدولة، أو هم الداعون لصيانة الدولة وحفظ مؤسساتها، مع الدعوة إلى مزيد من الإصلاح السياسي والعدالة الاجتماعية.


التماهي الذي حاول شباب يناير إحداثه، بين مفهوم القوى التقليدية، وبين نظام مبارك انطلق من نيات ليست خالصة.. مثلا سموها "الدولة العميقة"، ورسخوا في اعتقاد الكثير أن الدولة العميقة مرادف لفساد نظام مبارك، ورموز نظام مبارك وفلول نظام مبارك.. أظهر شباب يناير أنفسهم في مواجهة ضرورية، مع الدولة العميقة، والقوى التقليدية لإنجاح "الثورة"، وصدروا معادلة تقول إن بقاء القوى التقليدية على الأرض، يعني بالضرورة "سرقة الثورة".

تنامت تلك المعادلة، وانتشرت وتوغلت، إما عن قلة وعي، وإما عن نية ليست خالصة لوجه الله.. الفترة الأخيرة عادت النغمة مع نتيجة المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية.. فشل المحسوبين على تيار يناير علقوه على القوى التقليدية.. سقوط رموز يناير في الاختبار السادس، منذ 2011، أحالوه على "الدولة العميقة" وقدرتها على السيطرة أو النفاذ في الاستحقاقات.. هي وجهة نظر.. لكنها ليست صحيحة.

نظام مبارك، سقط وانتهى، ولم يعد له رجال ولا تكتلات.. العداء المكتوم على الساحة بين قوى يناير والقوى التقليدية، ليس نزاعا بين رجال مبارك وبين شباب الحريات، على حد ما لا يزال شباب يناير يصدرونه.

رجال القوى التقليدية، هم الداعون لقوة الدولة، وسيطرتها، وإقامة مؤسساتها، وتعديل مسارها مع الوقت، وحسب الظروف والموائمات، بينما أفكار "الينايرجية" مثالية، تتكلم عن الفساد، ولا تستطيع تحديده، تتكلم عن الحريات وتخلط بينها وبين العنف ضد السلطة، وضد الرأي الآخر.. تتحدث عن العدالة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص، بينما هي في الواقع لا تمارس هذا داخل صفوفها، فلا عدالة في أحزابها، ولا تكتلاتها ولا تكافؤ فرص، ولا مكان لديها للرأي الآخر.

واقع الأمر أن هبة 30 يونيو كانت بطولة مطلقة للقوى التقليدية.. استهدفت القوى التقليدية في يونيو جماعة الإخوان، وشباب يناير الذين تحالفوا مع الإخوان، وظلوا في مكاتبهم، وتنسيق معهم، وبقى بعضهم في برلمانهم حتى ساعات قليلة قبل 30 يونيو.

موقف القوى التقليدية، من 30 يونيو مختلف عن موقف شباب يناير منها.. أغلب "الينايرجية" وشبابهم على الفضائيات كانوا "ضد حكم العسكر" حتى دعاهم الرئيس لقصر الاتحادية، فتحولوا إلى "حبايب العسكر".. بينما أتباع القوى التقليدية، لا يرون في الجيش المصري عسكرا، ولا هم من كتبوا على الدبابات في التحرير شعارات ضده وضد أفراده وجنوده.

شباب يناير هم الذين رشقوا ضباط الجيش بالطماطم عام 2012.. نظرة سريعة على يوتيوب تطلعك على رأي مرتزقة ما قبل يونيو الذي تغير بعد يونيو.. خالد أبو بكر يطالب الجيش بحماية الحدود، ويوسف الحسيني يتكلم عن الحكم المدني، وطهارة 6 إبريل.. إبراهيم عيسى يتهم مؤسسات الدولة باغتيال شباب يناير في ميدان التحرير، بأوامر من مبارك عام 2011، وفي 2014 ينفي اتهاماته للرئيس الأسبق أمام المحكمة، ويشكك في أن الشرطة، ومبارك هم الذين قتلوا المتظاهرين.

خطأ جسيم مساواة القوى التقليدية برجال مبارك، تماما مثلما هو خطأ جسيم مساواة قوى يناير بقوى يونيو.. يونيو، رغم أي ملاحظات هي الطريق للدولة.. بينما يناير كانت الطريق لستين داهية، وربنا ستر.
 
Twitter: @wtoughan
wtoughan@hotmail.com
الجريدة الرسمية